إن ذاتنا الحقيقية نفحة من الذات العليا

وأخيراً اكتملت رحلتنا: أننا نعلم الآن من نكون حقاً! لقد اكتشفنا الحقيقة القصوى.

خلاصة

وخلاصة القول هي أننا نفكر، ونتخيل، ونتحول، ونفعل، وكما نؤمن ونتخيل ونتحول ونفعل، تلك الأشياء نفسها تتبدى في حياتنا، ولكن ليس على أيدينا نحن.

إنها تتجلى بفعل الروح نفسها التي خلقت الأفكار في المقام الأول. وهكذا فأياً كان ما نعتقده، أو نؤمن به، وسواء أكان خيراً أم شراً، صواباً أم خطأً، عادلاً أم ظالماً، فإنه يتبدى في حياتنا بواسطة قوة أخرى غيرنا نحن، وهي أعظم شأناً منا بما لا يدع أي فرصة للمقارنة، والعلم بهذا هو الحرية الكبرى لنا، وهو خلاصنا العظيم. ولسنا بحاجة إلا لتركيز معتقداتنا وأفكارنا على ما خير، وما هو صواب. والقيام بهذا، سيجعل تلك الأمور ذاتها تظهر في عالمنا المادي بفعل المشيئة الإلهية. ليس علينا أن نغتم؛ ليس علينا أن نغضب؛ وليس علينا أن نتحارب. ما علينا إلا أن نتخير الأفكار الصائبة التي تتفق مع صورة العالم كما نود أن نساهم في خلقه، ويتكفل الإيمان بالقوة الأسمى بالاضطلاع بما تبقى.

إذا ما قمنا بتغيير أفكارنا الغالبة، إذا ما غيرنا تركيزنا وفقاً لما نعتقد أنه صواب وعدل وخير، فإننا بذلك سنغير العالم! وتبدأ المسألة كلها بفرد واحد، يؤثر ويغير فرداً آخر، والذي بدوره يؤثر على فرد آخر ويغيره ... وقوة المرء تفعل فعلها!

ماذا عنك أنت؟ هل ترغب في أن تكون مشاركاً وفعالاً في هذه المرحلة المتميزة؟ أم أنك ترغب في أن تكون مشاهداً متوحداً يكتفي بالمراقبة من بعيد؟ إذا كانت إجابتك عن السؤال الثاني هي نعم، فلتبدأ إذن بهذه الخطوة الأولى البسيطة: لا ترى إلا الحب في جميع الموجودات والمخلوقات. سواء في الشيء الطيب أو السيء أو القبيح مما تواصل معه وتتعرض له كل يوم. الحب هناك بلا شك، وللحب أعظم القدرة على فعل الخير في العالم. تحتاج فقط إلى الاعتراف به حتى يتجلى في حياتك.

وهناك تكمن إحدى كبرى المفارقات في الحياة. من الممكن أن يقال إننا لا نستطيع منح الحب حتى نحظى به، وإننا لا نستطيع أن نحظى بالحب حتى نمنحه. وفي الحقيقة، عندما ننمي من قدرتنا على منح الحب، عاطفياً وروحياً – وبلا وضع أي شروط مسبقة – ثم نضعه موضع التنفيذ والممارسة، نجد أننا نحظى بالحب في حياتنا؛ فالحب يأتي من منحه للآخرين.

 

حين تُرجع البصر نحو ما مضى

من حياتك سترى أن اللحظات

التي كنت فيها حقاً مفعماً بالحياة،

هي اللحظات التي قمت فيها بأمور.

 

"هنري دراموند"

كاتب، ورجل دين أسكتلندي

(1851- 1897)