ثم أعد التفكير من جديد

" إذا قمنا بتصحيح الخطأ بمجرد إدراكه،

يكون بهذا طريق الخطأ هو طريق الحقيقة ".

هانز/ ریشینباش

 

فخ المؤثرات الحسية

لقد وصلنا الآن للمفهوم الجوهري الذي يتعلق بعلم نفس الذات، وأدعوه بفخ المؤثرات الحسية، وهو يفسر كيف تكون قدرتنا على التحرك من فعل إحساسنا بذاتنا النابع من مدخلين أساسين. ولندعوهما بالدخل (أ) والمدخل (ب).

المدخل (أ): الطريقة التي نرى بها أنفسنا كنتيجة للرسائل المختلطة التي يرسلها لنا العالم المادي بوتيرة منتظمة. هذا هو أسلوب البهرامان: أي الحقيقة التي تكتشف بشكل موضوعي عبر الملاحظة.

المدخل (ب): الطريقة التي نرى بها أنفسنا في ضوء إدراكنا لذاتنا الحقيقية، وكامتداد لقوة أسمى. مما يصف أسلوب الأتمان: أي الحقيقة التي تكتف بشكل ذاتي عبر تأمل الذات.

هذان هما المنبعان الاثنان والوحيدان وعن طريقهما يمكننا التوصل للمعلومات. وتكوين حكم نهائي. إن دورنا حاسم لاتخاذ أحكام ملائمة، والتوصل إلى المحصلة الصحيحة بشأن من نحن حقا، أي ذاتنا الحقة.

إن أكثر الأخطاء شيوعا هو أن

نعتبر أن حدود طاقتنا على الإدراك

هي كذلك حدود

 كل شيء موجود، ويمكن إدراكه.

"سي. دابليو. ليدبيتر

مؤلف أمريكي

(1847-1934 )

 

تماما كما يتداعى الجسد إذا

منع عنه الهواء والنور البهيج

 للسماوات يفقد العقل كذلك حياته
 إذا ما انقطع تواصله الحر بالله،

وبالطبيعة، وبنفسه.

 

ويليام شانج

 رجل دين، ومؤلف،

وفيلسوف أمريكي

(1780-1842)

 

 

إليك وصفة بمزيد من التفصيل:

المدخل (أ)

إننا نطل على العالم المادي مستخدمين حواسنا الخمس کي نجني إحساسا بذاتنا، فتحدث ثلاثة أخطاء بينما نتلقى رسائل العالم المادي:

 

  1. بما أن حواسنا هي أدوات غير شديدة الدقة، فلا يمكنها إدراك العالم كما هو حقا، وبالتالي فإننا لا ندرك حسيا إلا جانبا مما يوجد فعليا. هذه هي عملية الترشيح رقم 1)، والنتيجة: المعلومات محدودة.
  2. دائما ما يرسل لنا العالم المادي رسائل مختلطة، والحقيقة أنه لا يمكنه إلا أن يرسل لنا رسائل مختلطة، لأن هذا هو ما يحدث، وبالتالي فليس هناك انسجام وتوافق في مدخلاتنا لمعاونتنا على اختيار سبيل أو آخر لإيجاد ذاتنا الحقيقية، والنتيجة: المعلومات متناقضة.
  3. ينبغي علينا أن نرشح الرسائل التي نستقبلها أيا كانت عبر نظام اعتقادنا الشخصي الذي لدينا بالفعل، هذه هي عملية الترشيح رقم ۲. وبالتالي فإننا نفسر هذه الرسائل وتميل لتلوينها اعتمادا على أحكامنا السابقة. والنتيجة: المعلومات محرفة.

 

ونتيجة لتلك الحدود المقيدة والحقيقية للغاية، والمتضمنة في عملية الإدراك الحسي -أي عملية التوصل إلى معلومات هي كلها وعلى الفور محدودة ومتناقضة ومحترفة. يصير من المستحيل التوصل إلى إحساس واقعي بذاتنا الحقيقية من النظر فقط إلى العالم المادي، فإذا كان هذا هو الأساس الأوحد الذي نستخدمه لتشكيل عقلنا، فإننا محكومون بالإخفاق سلفا، تماما ونهائيا، ولن نعرف مطلقا.

المدخل (ب)

ومن خلال تأمل الذات والتدبر، يمكننا أن نطل للداخل نحو الجانب الروحي من طبعتنا، ونحاول أن نتفهم ذاتنا الحقيقية، وعندئذ يمكننا مقارنة اكتشافاتنا بما نعتقده بالفعل بشأن أنفسنا من منابع أخرى. عملية ترشيح رقم (۱) -وأن نحدد نظام.

 

يجد المرء قيمته

 عندما تبدأ الحرب

بداخل نفسه.

 

روبرت بروانج

شاعر إنجليزي

(۱۸۸۹.۱۸۱۲)

 

 

اعتقادنا أولا فأولا، فنعلم أننا مخلوقات ذات قوة عليا، وننطوي على طاقة أشد بأسا من أنفسنا، وتتيح لنا هذه القوة القدرة على تخيل مستقبلنا، وأن نتفكر في الاحتمالات، وأن نستكشف كامل إمكانياتنا. إننا نعرف أن " الإيمان هو الرؤية "، وهكذا فإن الحدود المقيدة لنا لا أساس لها في العالم المادي؛ بل يكمن أساسها في عالمنا العقلي. أحسب أن المعلومات التي يمكننا جمعها من النظر للداخل هي أدق وأوثق صلة بما يخص ذاتنا الحقيقية.

إننا نغير حالة عالمنا الخارجي بأن نغير أولا حالة عالمنا الداخلي. كل ما يرد إلينا لابد أن يعالجه وعينا الانتقائي، وحين نغير ذلك الوعي فإننا نقوم بتحويل إدراكاتنا، وبالتالي العالم الذي " نراه.

وسرعان ما ندرك أننا في الحقيقة شيء آخر غير ما كنا نظنه، بما أننا قمنا بتحديد لذاتنا بناء على فهمنا القديم للمدخلات الحسية، وهو ما كان كله اعتباطيا، ويحتمل تأويلات مختلفة عديدة. وإن اختيارنا لتأويل واحد وحيد عند لحظة زمنية معينة لا يمنعنا هذا من اتخاذ خيارات أخرى في وقت سالف؛ حين نكون أكثر اطلاعا بشأن طبيعتنا الحقيقية. إننا أكثر. بكثير جدا جدا -مما نعتقد أننا عليه، أكثر كثيرا مما يمكن لنا اكتشافه خلال عمرنا.

فببساطة ليس هناك ما يكفي من الوقت خلال خمس وسبعين سنة أو نحو ذلك لكي نجرب كل الأمور التي نحتاج لتجربتها حتى نكتشف كل الأمور التي يمكن لنا أن نبلغ التفوق فيها، فعلى كل حال، قد يقتضي الأمر من عشرة أعوام إلى خمسة عشر عاما | النصير مدربين ومطلعين في العديد من المهن، سواء كانت القانون، أو الطب، أو قيادة السيارات في سباق 500 The Indy "، ولكن هناك ما يكفي من الوقت الأن نكتشف على الأقل ناحية واحدة أساسية، نطاقا محددا للتفوق، ونكافح فيه ونطوره إلى شيء ذي مغزى وشأن.

 

هذه هي المسألة: يجب ألا نغفل أبدا من نحن حقا. فنحن لسنا ما نعتقد أننا عليه. على الرغم من أننا دائما نفصح عما نظن أننا نحن في كل ما نقوله، ونقوم به!

يستطيع كل منا أن يقرر فيم سيفكر، ونستطيع أن نركز على الأفكار التي نختارها نحن، وليس مجرد الاستجابة للمؤثرات العشوائية التي تصدر عن العالم الخارجي، نستطيع أن نقرر أن التخيلات التي ترد لعقولنا لن تكون بعد الآن انعكاسا أوليا لظروف البيئة المحيطة، ولكن أن تكون انعكاسا لرغباتنا وطموحاتنا. وهذا هو القانون الثابت: وحدها تلك الأمور التي تضرب بجذورها عميقا في وعينا سيكون لها أي أثر أو مفعول. وعلى هذا، فإذا ما تركزت رؤيتنا الداخلية على رغباتنا، وإذا ما تقبلنا كل الدخل الحسي في هذا السياق وحسب، فإننا نتحرر من أي احتمال للخسران.

 

الإنسان ليس مجموع ما

هو عليه،

 بل هو إجمالي ما قد يكون

عليه، وما قد ينجزه.

كاتب مجهول.