الذات الحقيقية

ينقلنا هذا إلى تفسير الذات الحقيقية. لقد ولدنا ككائنات تامة الخلقة ذات ذكاء تام الكفاءة. نفخ الله فينا من روحه، وبث فينا طاقة لا حدود لها لكي نتأمل، ونبدع ونتخيل ونعمل، ولكن ماذا يحدث؟ بعد مولدنا، نعايش جانبا من الحياة: أفكارا، ورؤى، وأحداثا -من شأنه أن يعطينا تفسيرا، وإحساسا، أو فهما مصطنعا لا نظن أننا نحن، ثم ننضج بعدئذ مع هذا الانطباع الخاطئ عن أنفسنا، وقد تجسد تجسدا صلبا في عقلنا الباطن، ونعبر نحن عن هذا الانطباع الخاطئ لبقية حياتنا. في سياق العملية، نصنع لأنفسنا ذاتا اعتباطية، وغير دقيقة، إنها ذات غير واقعية أسميها الذات الاصطناعية الخاصة بنا، دون أن نستوعب استيعابا کاملاً وحقيقيا ما نحن عليه حقا.

 

 

ليس الهدف الأعظم

من التعلم

هو المعرفة،

بل العمل بها.

 

هربرت سبنسر

فيلسوف إنجليزي

(1820-1903)

 

 

إن ذاتنا الاصطناعية من عمل حواسنا، وخبرات أعمارنا، والعالم المادي. إنها تمثل صورتنا الذاتية الحالية، والتي تجد جذورها في الأحكام الماضية بشأن مدخلات حسية. إنها الأنا المزيفة لدينا التي تخبرنا إلى الأبد أننا نتفوق على البعض، ويتفوق علينا البعض، ولكن دائما نحن أقل من ذاتنا الحقيقية. فإن ذاتنا الحقيقية مخبوءة جيداً، وستكون مجهولة لنا على الدوام. لكننا نستطيع تعلم المزيد حول ذاتنا الحقيقية عبر تأمل النفس والخيال، وعبر اتخاذ تحركات مركزة باتجاه أهدافنا.

أما أفكار النقص والدونية لدينا فهي ضلال کامل، وما من أساس لها في الواقع، وما هي ببساطة إلا نتيجة لمؤامرة من حواسنا، وهي حيلة رخيصة قذرة نتحايل بها على أنفسنا، لكننا لا نستحق معاملة كهذه. ولكي نتجاوزها ونصححها، علينا أن نبدأ من جديد تماما، ونعيد التفكير في ذاتنا الحقيقية. وكما قال إيمرسون ذات مرة: " ليس هناك عظيم، وليس هناك ضئيل ". وبتعبير آخر فإن لدينا جميعا الإمكانية لأن نكون عظماء، ولإنجاز ما نرغب بإنجازه مهما كان، فقط إذا ما حررنا أنفسنا من أفكارنا المسبقة، والمعتقدات المقيدة لذاتنا، وهكذا لابد أن تكون هذه نقطة مغادرتنا، من حيث سننطلق.