عند هذه النقطة، دعنا نسترجع مبدأ المتعة والألم لكي نفهم بدرجة أفضل كيف نستطيع استخدامه لصالحنا من أجل أن نصل إلى أهداف محددة وضعناها لأنفسنا، ولكن لماذا؟ نعلم أن الناس تقوم بالأمور في الحياة إما لكي يجدوا متعة أو ليتجنبوا ألماً، وهذا الجانب العاطفي دائما ما تكون له الغلبة على المنطق في أي موقف بعينه، وهكذا يمنعنا من اتخاذ التحرك الذي يجب علينا اتخاذه.

فلتتأمل خيارات نمط المعيشة من قبيل الرغبة في فقدان الوزن، والتوقف عن التدخين أو التخلص من تناول الشوكولاتة أو الأطعمة السريعة في نظامنا الغذائي. ينبئنا المنطق أي تغييرات كتلك سوف تحسن من حالتنا الصحية وتزيد من احتمالات طول العمر بإذن الله ولكن لماذا لا يتبع أغلب الناس تلك النصائح؟ السبب ببساطة: إنهم بمواصلة سلوكهم الحالي يحصلون على متعة أكثر من الألم وفيها يخص مقاصدنا، سنبحث التخطيط المالي كمثال. مرة أخرى، ينبئنا المنطق بأن تحمل مسؤولية مستقبلنا المالي هو أمر من الضروري ومن الحكمة القيام به، ولكن لماذا يعرض كثيرون منا عن اتخاذ أي خطوات ذات شأن -مما نسوف ونرجئ فيه-ظنا منهم أن الوقت يعمل لصالحهم، وأننا سنحقق مقاصدنا في نهاية الأمر؟

تكمن الإجابة، ومن جديد، في تقييمنا للمتعة أو الألم الناجمين. يرى العديدون منا مخاطر أكثر من المنافع في اتخاذ خطوات بهذا التصور: لست جديرا بهذا، ربما أفشل، لا أريد أن أبدو كشخص جشع، انه لعمل كثير جداً علي" هكذا نردد. أي إن كفة الإيجابيات -مثل قدر أكبر من الحرية والأمان والمكانة الاجتماعية-لا ترجح في موازيننا الخاصة، ومرة أخرى بالتالي تنتصر العاطفة على المنطق ولا نقدم على أي شيء، وعلى هذا، ففي حدود عمر الخامسة والأربعين أو الخمسين، قد لا نقدر موقفنا بالطريقة ذاتها. قد نلتقي ببعض الأشخاص ممن تجاوزا الستين قد تضرروا مالياً، وانتهى رأيهم إلى عدم اتخاذ أي تحريك يمثل لهم المزيد من الألم، لكنهم يشرعون أخيرا في وقت يبدوا التحرك، وبالمقابل، قد نلتقي أيضاً بأشخاص ممن اتخذوا الخطوات المناسبة في وقت مبكر بما يكفي من حياتهم بحيث صاروا عند ذلك العمر مستقلين مالياً، وفخورون بهذا إلى أبعد حد. من خلال هذه العملية، قد غيرنا ببساطة الفكرة الخاصة بحجم الألم أو المتعة التي نربطها بسلوكيات محددة.

وإليك مفتاح الحل، وهو ما أسمية تخيل "الدفع والجذب" نحو طريقة تمكنك من اكتساب سلطة أكبر على ما تنشد القيام به أو تغييره في حياتك. أولاً، نحن بحاجة لأن نربط القيام بما نريد القيام به بمتعة هائلة من ناحية-ولندع هذه

 

ليس بوسعك أن تدنو من

بلوغ ثقتك التامة بنفسك

ما لم تدرك قيمتك الحقة كإنسان.

ولن تكون قادراً على تحرير نفسك

من القيود التي تفرضها على نفسك

إلا بالدرجة التي تتعرف

بها على أهميتك الفريدة.

 

د. روبرت آنتونى

من كتاب TOTAL SELF-CONFIDENCE

"الصورة" تجذبنا في هذا الاتجاه، وثانياً، أن نربط عدم القيام بما نريد القيام به بألم هائل من ناحية أخرى-ولندع هذه "الصورة" تدفعنا نحو الاتجاه نفسه. أمر سهل؟ حسنا غالبا ما نقوم به نتيجة لمعلومات جديدة نكتسبها أو ظروف جديرة تظهر بمحض المصادفة، فلماذا إذن لا يجب أن تقوم بهذا باختيارنا؟ والتحدي الذي أمامنا الآن أن نخلق ببساطة الصور الملائمة!

إليك إحدى الطرق لتربط ما بين الألم الهائل بعدم القيام بشيء فيما يخص المالي. نعرف أن الحكومة على كل المستويات في هذا البلد (وفي اغلب البلاد الأخرى) قد رفعت من الضرائب بمعدلات عالية مثيرة للغضب خلال الأعوام العشرة المنصرمة.

ويميل هذا الاتجاه للاستمرار، وهذا الأمر أيأس العديد من الأشخاص في مستقبل مالي مشرق وفي رأيي والذي قد يشاركني فيه الكثيرون إن الحكومة هائلة الحجم، وقوية، وجشعة ومبددة .إنها دائما تنال ما تريد لتهدئ من شهيتها عن طريق تمرير قانون ضرائب جديد لا أكثر ولا أقل وهكذا فإن المسؤولية التي تقع علينا هي حماية أنفسنا من هذا الوحش الجائع بأفضل السبل المكنة لنا، وهذا يعني أن نصير منظمين وأن نجمع المعلومات وأن نتخذ قرارات استثمار ونجازف إلى حد ما فالبدائل غير هذا أن يتم استهلاك مواردنا كليا أجرئنا –وبشكل تلقائي!

لعلك تذكر الصيحة التحريضية التطهيرية الغاضبة، والتي أطلقها المثل الراحل "بيتر فينش" في فيلم Network عام 1976 والتي ظلت كصيحة حرب دائمة في الثقافة الأمريكية: "إنني غاضب كالجحيم، ولن اقبل هذا بعد الآن! حسناً، ألم تبدأ في الشعور بالإحساس ذاته؟ إذا كان الأمر كذلك فلنتفكر في هذه العبارة-مازال من الأفضل أن تشعر بها عبر جسدك بكامله! -في كل مرة تتدبر فيها الوضع الحالي لشؤنك المالية... وتدافع بأفضل ما يمكنك من السبل: فلتبدأ في اتخاذ بعض الخطوات الجادة والهادفة!

رحلات من الخيال

أي رحلات الخيال يمكن لها أن تساعدك في بلوغ أهدافك؟ كيف سيكون حال حياتك إذا ما حققت بالفعل أهدافك الرئيسية، وقضيت كل يوم من أيامك" متجهاً نحو المقصد؟ دعنا نفترض أن أحد أهدافك الرئيسية، في الحياة هي أن تكون مستقبلا ماليا –أن تكون صاحب مليون دولار. تخيل نفسك تتحدث كما يتحدث المليونير، تخيل نفسك ترتدى ملابس كما يرتدى المليونير وتتصرف كما يفعل المليونير في كل أوجه حياتك اليومية، والآن – ما هو شعور المرء حقاً حين يكون مليونيراً؟

 

 

هذه هي البهجة الحقة في الحياة،

الانتقاع منها في هدف

وغاية تدركها بنفسك

كغاية كبرى، أن

تستفيد قواك بنفسك

 قبل أن تلقي على كومة المهملين،

أن تكون إحدى قوى الطبيعة

وليس شخصا أنانيا محموماً

صغير النفس تملؤه المتاعب.

والأحزان، يشكو

من الدنيا التي لم تكرس جهدها

لجعله سعيداً

جورج برناردشو

كاتب مسرحي وناقد إيرلندي

(1950.1856)

 

افتح عينيك، إذا كان لهذا الشيء أن يشعلك بالحماس، فهو إذن الشيء الذي ترغب فيه غالبا، فإذن ألعب الدور في كل جانب من الجوانب لبقية النهار ...لبقية الأسبوع...لبقية حياتك! لفترة من الوقت، ستشعر بعدم الارتياح وبعد مدة ستشعر بالارتياح. مثل تلك التخيلات الإبداعية ستمنحك صورة جديدة مثيرة ومشاعر جديدة مثيرة بشأن ما تستطيع أن تكونه، وأن تقوم به وأن تحظى به! أو قد ترغب في أن تسأل نفسك: كيف لي أن أقضي يوما رائعا؟ تدبر هذا السؤال في عقلك. في أي وقت ستصحو في الصباح؟ أين ستقيم؟ في أي جزء من البلد؟ في أي بلد؟ ما نوع المنزل الذي ستعيش فيه؟ أي نوع من السيارات ستقود؟ أي نوع من الأطعمة ستناول؟ مع من ستمضي معظم وقتك؟ هل ستمارس التمارين الرياضية؟ بأي قدر؟ إلى آخره، إلى آخره.

تأمل ما يمكن للرغبة العارمة أن تقوم به من أجلك، إن رغبة عارمة تضطرك إلى أن تجمع كل مواهبك وقدراتك وطاقتك وتضمها لبعضها البعض، وأن تكتنفها جميعا في مسار ضيق مثل شعاع نور. في طفولتك، أنا واثق أنك قد شهدت طاقة ضوء الشمس عندما يتم تركيزه والأثر الحارق لها علي لوح زجاجي على قطعة من الورق أو على راحة يدك، فضوء الشمس العادي لن يحرق أبدا يدك متسببا في ثقب بجلدك، لكن الضوء المركز بفعل ذلك، وعلى هذا فإن الهدف هو الطاقة المركزة!