إن أي والد له طفل واحد يعلم أن الأمر شاق حقاً؛ حيث إنه عليك أن تسلى الطفل، وتكون صديقاً مخلصاً له، ورفيقه في اللعب إضافة إلى كونك والده؛ وذلك لأنه في معظم الأحيان لا يوجد شخص آخر ليلعب هذه الأدوار.

إلا أنك عندما ترزق بأكثر من طفل، ستجد أنهم يمكنهم تأدية العديد من الأدوار لبعضهم؛ مما يتيح لك الوقت الكافي لتمارس مهام الأبوة (وربما يتاح لك بعض الوقت لنفسك لتجلس مسترخياً وتقرأ جريدتك). وأنت عندما تفعل هذا فإنك لا تتخلى عن جزء من مسئولياتك، بل العكس هو الصحيح.

من الأفضل لأطفالك أن يقوموا بتسلية بعضهم أكثر من قيامك أنت بالترفيه عنهم طوال الوقت. بالطبع، هذا لا يعنى أنك لن تلعب معهم مطلقاً، لكنك إن فعلت فلن تكون في الأمر مساواة كما تتوقع؛ فبطبيعة الحال يمكنك الخروج بأفكار أكثر منهم؛ أو حتى سوف تقوم بتوجيه أفكارهم وفرض آرائك. وإذا لم تفعل هذا وتركتهم يفعلون ما يحلو لهم فأنت بهذا لا تعلمهم كيف يساومون ويتفاوضون. ستخسر في كلتا الحالتين كما ترى.

أما في حالة لعب الأطفال مع بعضهم البعض فالمساواة موجودة بكل تأكيد: حتى إن كان أحدهما هو المسيطر بينما الآخر هو الذي يذعن لآرائه (كلما زاد عدد الأطفال، ازدادت التفاعلات بينهم تشابكاً) إلا أن عليك ترك الأمر كله لهم.

أنت لا تستطيع تغيير صفاتهم الشخصية، وعلى الأرجح ستجد انهم عندما يكبرون سيكون الذي يذعن ويتراجع هو صاحب الشخصية الدبلوماسية الأفضل والأقدر على المشاركة في العمل الجماعي. لذا، إياك أن تستسلم لإغراء التدخل وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح _ فالأمر أمرهم هم. وسوف يسوونه بأنفسهم. عن طريق الشجار وغيره من الوسائل.

الأمر أمرهم هم، وسوف يسوونه بأنفسهم، عن طريق الشجار وغيره من الوسائل.

بعض الآباء يكون لهم طفل يرغب في اللعب مع أخيه، بينما هذا الأخ يرغب في البقاء وحده. يمكنك بالطبع إنجاب طفل آخر لحل تلك المشكلة (وسوف يحلها بالفعل إذا كانت الفجوة بينهما ليست كبيرة)، إلا أنه عليك أن تترك الأمر لهما ليحلاه مماً، وسوف يتوصلان إلى تسوية ما -فالطفل المحب للوحدة سوف يصبح أكثر اجتماعية، بينما الآخر الاجتماعي سيتعلم كيف يلعب ويسلى نفسه وحده -وهذا شيء طيب، أليس كذلك.

لذا لا تشعر بالذنب وأنت جالس تحتسى كوب الشاي وتقرأ الجريدة؛ لأنك بهذا تقدم لأولادك أكبر خدمة بتركك لهم ليسَلوا بعضهم،