ذُكر في قاعدة تربوية أخرى أهمية الحرص على أن يعرف طفلك أنه يجيد شيئا ما؛ فهذا شىء ضروري، خاصة عندما يكون لك أكثر من طفل واحد؛ ففي هذه الحالة كن واثقاً من أنك ستجد بهم نقاط قوة متباينة.

دائماً ما تكون المواهب والمهارات متوارثة ومنتشرة داخل العائلات؛ فمثلاً إذا كان أحد أطفالك موهوباً في الموسيقى، أو يجيد الألعاب البدنية، أو محباً للفنون أو متميزا في الدراسة، ستجد أن إخوته يشتركون معه في نفس الصفة. في مثل هذه الحالات قد يجد الطفل الأصغر أن إجادته لعزف آلة المزمار ستكون عسيرة في ظل وجود أخته الكبرى المتميزة في عزف نفس الألة.

إلا أنه في هذه الحالة قد تجد أن الطفل يتحول لشىء، مشابه مش عزف الناي أو التشيلو. عليك تشجيع تلك الاختلافات البسيطة حتى يتسنى لكل واحد من أطفالك أن يظهر قدراته المميزة.

أما من حيث السمات الشخصية فنجد أن عملية الاختلافات تصير أكثر وضوحاً؛ فعلى الرغم من جيناتهم المشتركة فقد يكون للإخوة نقاط قوة مختلفة تماماً، وعليك تشجيعها (دون تجاهل القاعدة 56، الخاصة بعدم مقارنة طفل بأي من إخوته) ، وبينما يكبرون سيكون كل طفل من أطفالك بحاجة لتنمية شخصيته بمعزل عن الآخرين حتى يكون لكل منهم شخصيته المنفردة؛ فلا يوجد طفل يريد أن يكبر ويكون صورة متطابقة من أخيه الأكبر أو أخته الكبرى، فهو يريد أن يكون نفسه، ويمكنك تشجيع أطفالك على هذا بتشجيعك نقاط القوة فيهم.

هذا الكلام ينطبق بصورة أكبر على الإخوة الأصغر سناً، الذين يكافحون لسنوات طويلة محاولين إثبات قدرتهم على أداء أي شىء أفضل من إخوتهم الأكبر سناً، ومع ذلك سيكون من الأسهل بالنسبة لهم أن يجدوا مواطن قوتهم الشخصية أكثر من مناطق القوة الخاصة بالمهارات. بمعنى آخر؛ من الأسهل أن تكون الأكثر شجاعة وأنت في الثالثة من عمرك عن أن تكون الأفضل في الهجاء.

لذا عيك أن تدع طفلك ذا الأعوام الثلاثة يعلم _ دون إجراء مقارنة بإخوته _ أنه متميز في شجاعته؛ أو عطفه، أو تذكر الأشياء (أحد أطفالي كان قادراً على تذكر قائمة تسوقي وهو في الثالثة من عمره، ما لم تكن بالغة الطول -فقد كان يملك ذاكرة مدهشة لمثل هذه الأشياء).

 إن إحساس ابنك بالثقة، وكذلك إحساسه بأن له دوراً في العائلة يعتمد بصورة كبيرة على معرفته بأن له نقاط قوة تميزه داخل العائلة. لذا عليك إيجاد مواطن القوة تلك، خاصة تلك المواطن التي تفيد العائلة بأسرها — مثل القدرة على معرفة الاتجاهات أثناء الرحلات الطويلة، الطبخ بصورة جيدة، القدرة على احتمال الآخرين حين تكون الأمور لا تسير على ما يرام، القدرة على حل مشاكل التنقل، حل الخلافات، الهدوء في أثناء الأزمات. القدرة على اتباع التعليمات الفنية الخاصة بتشغيل الأجهزة (وتلك الأخيرة أقدرها للغاية؛ لأنني عاجز عن قراءة وفهم التعليمات).

إن ثقة طفلك بنفسه تعتمد، بقدر كبير، على معرفته بأن له نقاط قوة تميزه داخل العائلة.

نقطة أخيرة: احرص على ألا تشير لأحد أطفالك على الدوام بأنه هو" مرشد العائلة، طباخها الماهر، حلال المشكلات" إذا كان هناك طفل آخر يحب أداء نفس الدور. فإذا كنت تظن أنك تجيد معرفة الاتجاهات لكن داثماً ما يتم سؤال أخيك ولا يعطيك أحد الفرصة لإظهار أنك قادر على فعل نفس الشىء أيضاً؛ فهذا قد يحبط من معنوياتك للغاية. لذا، احرص على ألا يتم تجاهل قدرات أي طفل آخر بصورة متكررة.