أنني أراهنك على أن هناك العديد من زملاء طفلك بالفعل الذين نادراً ما يذهبون إلى المدرسة. خاصة في فصل الشتاء؛ فتجدهم دوماً متغيبين عن الدراسة بفعل البرد أو السعال أو أي حساسية مزعومة[1] وتجد أباءهم يدثرونهم في أردية صوفية ثقيلة على الدوام.

وحين يأتون للمدرسة سمح للواحد منهم بعدم ممارسة السباحة أو الاشتراك في الألعاب بسبب إصابته في إصبعه أو لأنه شعر بالإعياء صباح الأمس. كان لي زميل بالمدرسة يتغيب عنها كلما اشتدت عليه حمى القش. وبالتالي فوت العديد من الدروس المهمة. كما اعتاد أصدقاؤه على الخروج بدونه في الصيف. لذا لم يكن له مكان بينهم عند بدء الدراسة في الخريف.

ما المغزى هنا؟

كانت توجد حديقة كبيرة بمنزله _ ولابد أنها أسهمت في ازدياد حدة حالة أحمي القش التي لديه عما لو كان قد جاء للمدرسة بمدرجاتها وأرضياتها الممهدة.

وهناك شىء أخر لاحظته على مر السنين. إن الآباء الذين يسمحون لأبنائهم بتفويت الدراسة لأتفه الأسباب هم نفس الأشخاص الذين. تجدهم يتغيبون عن أعمالهم عند إصابتهم بأبسط صداع أو نزلة برد.

ويكبر أطفالهم ليكونوا من نوعية الأشخاص الذين يكثرون النحيب ويتوقعون من كل من حولهم الاعتناء بهم كلما حلت بهم أبسط الأمراض. ثم يكبرون ليصيروا بالغين يؤمنون بانك لا يجب أن تذهب إلى العمل إذا شعرت' بأقل وعكة.

أنني لدى أخبار لهؤلاء الآباء (ليس لك بالطبع، فأنت لا تفعل هذا): إذا كنت مصابا بالبرد، فستظل مصاباً به سواء كنت في المنزل أم في العمل. لذا ربما يجدر بك العمل، ونفس الشىء ينطبق على أطفالك. إنك لا تسدى إليهم أي صنيع حين تعودهم على أن العالم اجمع سيتوقف من أجلهم كلما أصيبوا بأبسط الأشياء، كما أن أرباب عملهم في المستقبل لن يشكروك على هذا أيضاً حين يتجاوزونهم في الترقيات لأنهم لا يواظبون على الحضور. حتى لو كانوا يحسنون أداء أعمالهم.

ماذا حدث لتلك القيم والمثل القديمة التي تربينا عليها جميعا؟

إننا، كآباء عاقلين، نريد أن يكون أبناؤنا أقوياء أشداء وليس فراشات ضعيفة خائفة؛ ومما يثير الدهشة أنني عملت لعدد من السنوات مع مجموعة من الأشخاص الذين يحضرون للعمل حتى لو كانوا مرضى، وآخرين ممن يأخذون الإجازات لأتفه الأسباب. أتعلم ماذا لاحظت؟ إن من يتحملون المرض يمرضون بصورة أقل من هؤلاء الذين يرثون لحالهم ويستسلمون للمرض على الدوام.

ماذا حدث لتلك القيم والمثل القديمة التي تربينا عليها جميعاً؟

عليك بالطبع أن تبقى طفلك بالمنزل إذا كان مريضاً بحق، لكن لا تفعل إذا لم يكن كذلك. إذا كان يستطيع النهوض والحركة، فهو يستطيع الذهاب إلى المدرسة؛ يجب ألا يبقى بالمنزل إلا إذا كان ملازماً الفراش أو مستلقيا على الأريكة تحت غطاء، ثقيل. إنه هكذا سيفتقد وجوده مع أصدقائه ودروسه.

وهذا لن يجديه نفعاً مطلقاً، ولا تدعنا ندخل في جدال حول نشر العدوى بالمدرسة؛ فمن أين تظن أن ابنك أصيب بالمرض من الأساس؟ لا يضر ذهابه إلى المدرسة، فلن يؤذى بقية زملائه في الفصل على أي حال.

لا تدلل طفلك إذن. تعاطف معه، لا خلاف في هذا -فالإصابة بالبرد ليست ممتعة _ لكن لا تدعه يكبر وهو يؤمن بأن هذا وحده يكفي لتغيب والبقاء بالمنزل.

هوامش مرجعية:

[1] أنني أعلم أن بعض أنواع الحساسية حقيقية وخطيرة. ولهذا السبب اشعر بالحنق من كل حالات الادعاء بالمرض. تلك التي تفقد من يعانون حقاً من المرض المصداقية التي يجب أن يتمتعوا بها.