بعد تقبلك لحقيقة أن الشجار بين الأطفال شر لابد منه ، حيث إنه جزء من عملية تعلم الوصول إلى التسويات والتعاون -من المهم أن تعلم أنه لن يؤتى ثماره إلا إذا علمت أطفالك كيف يتعاملون معه بأنفسهم ودن تدخل منك، وإلا ظن يتعلموا شيئاً، اللهم إلا أنهم إذا ما صرخوا بصوت هال أو ضرب أحدهم الآخر بقوة، فسوف يأتي أحد الكبار ويحل هو الموقف نيابة عنهم. وهكذا سوف يصابون بالإحباط البالغ حين يكبرون ويغادرون منزلك؛ حيث لن يعينهم أحد وقتها على حل خلافاتهم مع الآخرين.

من المحزن أن الكثير من الصغار يتربون بهذا الشكل. لقد حضرت دورة تدريبية منذ بضعٍ سنين حيث طلب من مجموعة من المدراء أن يقوموا ببناء برج من مجموعة من الطوابق ذات الأشكال غير المنتظمة، وسرعان ما تحول الأمر إلى مباراة في الصراخ، والمثير للسخرية في الأمر أن هذا التدريب كان يهدف إلى معرفة إلى أي مدى يمكن أن نتعاون فيما بيننا. ولم يكن من المهم إقامة البرج في حد ذاته.

 كلا، لا مهرب من الأمر: إذا أردت أن يكون أطفالك قادرين على النجاح في تدريباتهم _ ناهيك عن حياتهم بأسرها، حين يكبرون _ فلابد أن تتحمل شجارهم وضجيجهم. والغريب في الأمر أنه بمجرد فعلك لهذا الأمر فسرعان ما سوف تجد أن معظم خلافاتهم قد حُلت دون تدخل منك.

بالطبع، كلنا نمر بأيام يكون من الصعب فيها أن نتحلى بالصبر أو ننتظر حتى يحل الأطفال خلافاتهم بأنفسهم. في هذه الحالة. عيلك التفكير في وسائل للتدخل وإنهاء الأمر موضوع الخلاف دون أن تجردهم من إمكانية حل الموقف بأنفسهم. فمثلا يمكنك أخذ اللعبة التي يتشاجرون بشأنها أو إطفاء جهاز الكمبيوتر أو التلفاز ثم تقول لهم:” يمكنكم استرجاع اللعبة أو إعادة تشغيل الجهاز حين تتمكنان (أو تمكنون) من التواصل لحل”.

لدى صديقان يستخدمان حيلة رائعة مع أطفالهما وهي ناجحة للغاية خصوصاً لأن أطفالهما ذكور (فالذكور أكثر ميلا للمناقشة). حيث يقيم هذان الوالدان ما يسمى ب ” مسابقة الأمانة”، وهذا الأسلوب مناسب لحل تلك الخلافات التي لا تستطيع التوصل لأسبابها أو معرفة من بدأها. وهكذا يقولان:” سوف نقيم مسابقة لمعرفة أيكم أكثر أمانة” (هذا هو ما يخدع الأطفال في كل مرة، ثم يبدآن في سؤالهم بالتتابع: "ما هو السلوك الذي فعلته ولم يكن يجدر بك فعله؟”، وهناك قاعدة مفادها أن الطفل لا يستطيع الإشارة إلى شيء قام به طفل آخر (حسب زعمه).

ولقد رأيت أبناء هذين الزوجين وهم يعترفون بكل شيء يخص موقف الغلاف، إضافة لعشرات الأشياء الخاطئة الأخرى التي ارتكبوها، وكل ذلك أملاً في الفوز بمسابقة الأمانة. وفي نهاية المسابقة يُطلب منهم الاعتذار عن الأشياء الخاطئة التي اعترفوا بارتكابها ثم يتركون لحالهم. هذا سيجعلهم يعرفون أن مسئولية الشجار تقع على الطرفين، كما أن حل الخلاف يشملك أنت كذلك.