النظام والنظافة ليسا على تلك الأهمية التي تتخيلها:

عندما رأيت منزل زوجتي لأول مرة (حين لم نكن قد تزوجنا بعد) فإنني أتذكر أنني شعرت بالتهيب إلى حد ما من منظر منزلها. إنني أذكر الموائد النظيفة ذات السطح الخالي، وتلك المكاتب المنظمة، أو تلك المساحات من الأرضية التي ليس بها أي شيء في غير موضعه، ويمكنك تخير أي شيء في منزل زوجتي واسألها عن مكانه تحديداً، وسوف تخبرك بان كل شيء كان موضوعاً في موضعه المثالي.

كان هذا المفهوم جديداً إلى حد ما بالنسبة لي -أعترف بهذا؛ فانا أنتمي للمدرسة التي تتبنى فكرة "ألق الشيء حيثما اتفق ولا تفكر به ثانية". واعترف بأننا حينما كنا على وشك أن نرزق بأطفالنا، كنت أشعر بالقلق من الكيفية التي ستتواءم بها زوجتي مع المواقف الجديد، وكنت أعلم أن أسلوبها المنمق في إدارة المنزل لن يتلاءم مع نوعية الأطفال المتفتحين الذين كنا نرغب فيهم.

بيد أنها تأقلمت على الوضع شكل رائع، مثلما يفعل الكثير من الآباء حقاً. لكن ليس الكل قادراً على ذلك؛ فالبعض منهم، مثل "كونتى"، يصر على أن يجعل أطفاله يتبعون قواعد صارمة فيما يخص نظافة وتنظيم أي ذرة غبار أو وحل أو أشياء مبعثرة أو كتب أو ألعاب أو أي شيء آخر غير منظم. إضافة لتلك الأشياء التي لا تستطيع وضعها في تصنيف واحد، أو التي لا تعلم أهميتها تحديداً؛ لذا لا يمكن معرفة المكان المناسب لوضعها.

هناك خياران متاحان هنا" الأول، أن تندفع كالمحموم محاولاً ترتيب كل شيء في المنزل وإبقاءه على هذا الحال على الدوام، في الوقت الذي تقوم فيه بتحويل أطفالك إلى مخلوقات متوترة متكلفة متشبهة بالبالغين؛ بحيث يكون غير مسموح لهم بأن يتهربوا بصورة طبيعية وألا يرتدوا أحذيتهم داخل المنزل أبداً.

أما الخيار الثاني فهو أن تستسلم للموقف، وتسترخي وتهدأ وتسمح لأطفالك بان يكونوا على طبيعتهم وأن يكونوا منزلاً سعيداً؛ به أطفال هادئون غير متوترين، حتى إن حدث أحياناً أن اتسخت الأرض من الوحل أو كانت الغرف غير مرتبة؛ وأعتقد أن كلينا يعلم أي الخيارين هو الصواب.

أنا لا أقول إنه لا ينبغي على الأطفال أن ينظفوا أو يهندموا أنفسهم، لكن عليك أن تدعهم يستمتعون بأوقاتهم، وبعد ذلك يقومون بتنظيف أنفسهم، فلا يهم حقاً إن كانت طاولة للطبخ متسخة بأثار أصابعهم؛ أو كانت سراويلهم مغطاة بالوحل، فكل هذا يمكن غسله وتنظيفه. أما ما لا يمكن التفاوض فيه فهو عدم السماح لهم بالاسترخاء والاستمتاع بأوقاتهم كأطفال.