المشكلة هنا هي أنك تحب أولادك بصورة كبيرة، وبالتالي فأنت لا تتحمل أن تراهم وهم يرتكبون أي أخطاء تعتقد أنها سوف تؤثر عليهم بالسلب لاحقاً. وعبر السنين، اعتدت أن تتركهم يرتكبون العديد من الأخطاء البسيطة_مثل تناول الكثير من حلوى البودنج، أو قيادة دراجاتهم بسرعة عالية أسفل التل، لكن مع مرور الوقت تصير أخطاؤهم أكبر حجماً وأعظم تأثيراً.

والآن، عليك أن تتحمل مشاهدة طفلك وهو يسهر بإفراط في منزل صديقه، أو مشاهدة ابنتك وهي ترتدى ملابس مكشوفة. ربما تجد نفسك مرغماً على الاستجابة لرغبة طفلك في ترك الدراسة في سن السادسة عشرة وأنت الذي طالما كنت تأمل أن يذهب إلى الجامعة، أو يترك وظيفة رائعة يؤديها يوم السبت فقط لأنها تتطلب منه الاستيقاظ مبكراً. كل تلك الأمور أعقد بكثير من مجرد ترك ابنك ذي العامين يفرط في تناول حلوى البودنج؛ فالمخاطر هنا أعلى بكثير.

وأسوأ ما في الأمر هو أن تشاهد طفلك وهو يكرر نفس الأخطاء التي وقعت أنت فيها، مثل عدم الاهتمام بمادة العلوم لأنه يكره المدرس الخاص بها في الوقت الذي كان يمكن أن يتمتع بمستقبل مبهر فيها، أو ادخار كل أمواله لمدة عام كامل ثم إنفاقها في لحظة جنون على شراء سيارة لا تعمل حتى بصورة سليمة.

كان يمكن أن تحذره. وعلى الأرجح أنك فعلت ذلك، بصوت عالٍ وبحدة... لكن، هل استمعت أنت نفسك إلى والديك وهما يحذرانك من الشيء نفسه منذ سنوات؟

ما لم يكن طفلك على وشك الوقوع في خطر عظيم، فعليك أن تتقبل خياراته أيًا كانت. بل، أحياناً، عليك تقبلها حتى ولو كانت تنطوي على بعض الخطورة، فكلما حاولت أن تنصحه أكثر، أدت نصيحتك هذه إلى نتيجة عكسية.

إن أولادك بحاجة للتحدي، والثورة، لأن هذا هو طبعهم في هذه المرحلة. وكلما استخدمت المزيد من القوة، ازداد تحديهم وعنادهم. أتذكر القانون الثالث من قوانين نيوتن لا حركة؟ كل فعل له رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه. ربما كان يمكنه أن يطلق على ذلك القانون اسم "القانون الأول للمراهقين".

ما الذي بمقدورك فعله إذن عندما تراهم يخطئون؟ يمكنك إخبارهم برأيك، لكن لا تملى عليهم فعل ما تراه صواباً، وعندما تخبر ابنك المراهق برأيك فتحدث معه كما لو كنت تخاطب شخصاً بالغاً، راشداً، مساوياً لك في المكانة. ولا تقل له مثلاً: " سأخبرك برأي! أرى أنك أحمق!" بل استخدم عبارات على غرار: "القرار راجع إليك بالطبع، لكن هل فكرت في الكيفية التي ستقضى بها السنة السابقة على الجامعة بعد أن تنفق كل أموالك على هذا الشيء؟".

تحدث معه كشخص بالغ، وربما عندئذ سيستجيب لك كشخص بالغ، وإذا لم يفعل ذلك هذه المرة، ربما يفعل المرة القادمة، كما أن طفلك سوف يسعى لطلب النصح منك إن لمس منك أنك سوف تعامله كشخص بالغ.

هل استمعت أنت إلى والديك طوال تلك السنوات؟