الفراشات ذات الألوان الهادئة

يحب أبو دقيق أشعة الشمس والزهور ذات الألوان الزاهية بينها تفضل الفراشات الظلال والظلمة، وألوانها ذات طابع هادئ غير براق، وكثير منها يكاد يكون أبيض اللون، كما يشيع بينها مسحة من اللون العاجي أو البني الفاتح والرمادي، وقد تظهر الفراشات الكبيرة في أشكال جميلة من اللون البني والأحمر والأصفر والقليل منها ما هو أخضر اللون.

فوارق بين أبو دقيق والفراشات:

وتتبع كل من الفراشات وأبي دقيق رتبة «حرشفية الأجنحة». ولكن من السهل التمييز بينها. فنحن نرى أبا دقيق أثناء النهار. أما الفراشات فتظهر وقت الغروب أو أثناء الليل. وكذلك عندما يستقر أبو دقيق فإنه يضم أجنحته فوق ظهره، وغالبا ما تتقابل أسطحها. ولكن الفراشات تستقر وترك أجنحتها مائلة على جسمها كجوانب الحيمة، وأجسام أبي دقيق تكون عادة أكثر امتلاء وتدية الشكل ولكن العالم يفحص أولا قرون الاستشعار وهي في أبي دقيق رفيعة تنتهي بعقدة.

أما في الفراشات فهي ريشية الشكل، وقد تبدو مثل أوراق النخيل الدقيقة أو ريش النعام في بعض الأنواع.

وتنمو بعض الفراشات إلى أحجام أكبر من أي نوع من أنواع أبي دقيق، ولدى عينة من أكبر أنواع الفراش الأمريكي الذي تبلغ مساحة ما بين أجنحته المفرودة نحو عشر بوصات : ولكن فراشة مدغشقر العملاقة ذات الذنب على أجنحتها زوائد طولها ست بوصات تقريبا، وقيل إنه توجد في أستراليا فراشة يصل ما بين جناحيها إلى أربع عشرة بوصة ، وفي أحد الأيام عندما كنت مرابطاً، في أحد موان سومطرة الصغيرة ظننت أني رأيت طائراً غريبا يحوم فوق سطح المركب، ولكنه كان فراشة ضخمة جاءت من الأدغال جذبها أنوار الباخرة.

وتسمى الأطوار الأولى للفراشات وأبي دقيق باليرقات، وتكون عادة أكثر قبحا في الفراشات ولعل أكثرها بشاعة في الشكل تلك اليرقة التي تسمى «شيطان شجرة الجوز ذو القرن» وهي تتغذى على أوراق المميز والجوز، ولا يعتقد الإنسان أنها تتحول يوما ما إلى فراشة جميلة.

من أنواع الفراشات :

ومن بين الأنواع الجميلة التي أبدعها الطبيعة « فراشة القمر» ، فجناحاها مقوسان مثل الهلال، وقد تبلغ المسافة ما بين أجنحتها نحو خمس بوصات ؛ ولونها أخضر باهت تزينها بقع كالعيون يحوطها اللون الأصفر والأزرق والأسود، وقرون استشعارها في لون، قش الأرز الأصفر.

وهذه الفراشة لا تأكل أبداً وحياتها قصيرة وهي تصف بيضها ذا اللون الأخضر الرمادي في صفوف تلتف حول الأغصان الصغيرة. وبعد أسبوع تقريبا تخرج منه اليرقات الصغيرة. وفي أثناء نموها تتلون باللون الأخضر الزاهي؛ عليه بقع بلون الياقوت. ومن أفواهها يخرج لعابها مستمرا على هيئة خيط رفيع من الحرير يبلغ طوله عدة مئات من الياردات. وتطوى كل يرقة حولها ورقة من أوراق الشجر تسكن داخلها مثل الخيمة المحكمة، وتنتهي من عملها في ٢٤ ساعة تقريباً.

وتتكور اليرقة داخلها لتتحول إلى عذراء ترقد طوال فصل الشتاء ، وفي يوم من أيام الربيع تشق الفراشة الكاملة طريقها إلى الخارج وتدع الشمس تجفف أجنحتها المائلة ثم تطير بعيداً وتعيش حياتها الحرة القصيرة .

ويوجد كذلك ما يفوقها روعة ، ففراش « الإمبراطور الأصفر » يلم جسمه الممتلى وأجنحته كمن يرتدي نسيجاً من ذهب .

وتوجد على أجنحة فراشاتنا الكبيرة مثل السيكروبيا و ’’البوليفياس“ علامات جميلة تأخذ ألواناً غنية داكنة حينها ترقص الفراشات في الضوء .

ومن اليرقات الغريبة ما تسمى « بالدب الصوف » وهي سوداء عند طرفيها يحوط وسطها حزام بني اللون وتبدو كأنها مغطاة بزغب طويل ، وعندما يكون غطاؤها هذا كثيفا يقول بعض الناس إنها تتنبأ بشتاء قارس وقد تتبسم اليرقات لهذا القول إذا ما فهمت وذلك لأنها تجمع هذا الزغب الطويل بخيوط من الحرير وتعمل منه غطاء يقيها برد الشتاء ، وفي الربيع تطير بعيداً كما تفعل فراشات «إيزابيلا».

فراشة رأس الموت!

وهناك أيضاً حشرة فريدة تسمى فراشة « رأس الموت » على ، ظهرها رسم جمجمة إنسان وعندما كان »القيصر ويلهلم » يحكم ألمانيا كانت إحدى فصائل فرسانه تزين خوذاتها بما يشبه هذه الفراشات، وكان هؤلاء الفرسان يسمون أنفسهم فرسان « رأس الموت» .

حياة الفراشات

وكثير من الفراش لا يأكل أبداً ولكن بعضها كما في أبي دقيق يحب رحيق الأزهار وهناك « فراش الصقر» ، ويسمى كذلك « الفراش الطنان » الذي له أجزاء في مجوفة كالخرطوم تبلغ خمس بوصات في الطول، وتحوم الفراشة فوق الزهرة مثل الطائر الطنان ويمتص الرحيق خلال خرطومها الطويل.

والفراشات الكاملة تحدث أضراراً قليلة، ولكن بعض يرقاتها ضررها جسم مخرب، ومن أشد هذه الأنواع ضرراً فراشة الملابس ، وهي لا تتغذى على شيء ولكن صغارها من اليرقات شرهة دائماً ، وتلتهم هذه اليرقات الملابس الصوفية والفراء والريش وهي تكره رائحة الكافور أو شجر الأرز وتمتنع عن الأكل عندما تنخفض درجة الحرارة عن 40 فهرنهيت.

وتموت يرقات هذه الفراشة عند تعرضها الأشعة الشمس القوية. ولذلك فإننا نعرض ملابسنا لأشعة الشمس لنحفظها من هجمات هذه اليرقات ونخزنها في صناديق من خشب الأرز ومعها كرات النفتالين.

وهناك من الفراشات ما يحدث أضراراً أكبر بحدائقنا وحبوبنا وأشجارنا.