عندما يتعلق الأمر بمناقشة عن أفضل اللاعبين في تاريخ دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA)، عادة ما يبرز اسمان: "لارى" و"ماجيك".

    لقد كان كل من "لارى بيرد" و"إيرفين جونسون" "ماجيك" على المستوى الفردي -اثنين من أكثر اللاعبين مهارة ورشاقة على أرضية الملاعب القاسية -فقد كانا لاعبين موهوبين يمتلكان تقريباً حواس خارقة تجاه اللاعبين والتمركز في ملعب كرة السلة، ولم يكن هناك فعلياً من يضاهيهما مهارة في المواقف الحاسمة، لقد كانا يتفاخران بنفسيهما في الدفاع بقدر ما يفعلان مع الهجوم، وكانا يعملان بكل اجتهاد أكثر من أي زميل آخر في فريقيهما.

    كما أنهما كانا يحددان ملامح لعبة كرة السلة لعقد من الزمان فاز ”ماجيك” على "لارى” في بطولة الجمعية الوطنية للرياضة الجامعية (NCAA) في عام ١٩٧٩ ، ثم فاز عليه مرة أخرى في بطولة دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA) في عام ١٩٨٤. وفاز ”لارى” على ”ماجيك” في عام ١٩٨٥ ، ثم خسر أمامه في عام ١٩٨٧ مرة أخرى.

    وفي معظم فترات مسيرتهما المهنية، لم يكن الاثنان يحبان بعضهما، ولكن احترامهما لكل منهما الآخر لم يكن له حدود. وفي عام ١٩٩١، أجبر "ماجيك" على الاعتزال على نحو غير متوقع من لعب كرة السلة الاحترافية؛ لأنه أصيب بمرض نقص المناعة المكتسبة (HIV) المعروف باسم الإيدز. وبعد يوم من تصريح "ماجيك"، وجد بيرد نفسه يستعد لمباراة عادية في الموسم، فقام بعملية إطالة لعضلات ظهره، وأرخى عضلاته عن طريق الركض البطيء في أروقة ساحة اللعب، وأخذ يقذف الكرة من أماكنه المعتادة في أرض الملعب... وللمرة الأولى في حياته لم يكن يشعر برغبة في اللعب. فمنافسه الذي أصبح آنذاك صديقه، ترك اللعب. لقد لعب "ماجيك" دوراً مهماً في وصول "بيرد " إلى ما حققه.

    وبعد بضعة شهور، وفي مباراة اعتزاله، قال "ماجيك": "إنني أود أن أوجه الشكر إلى "لارى بيرد" بشكل شخصي، لأنه أخرج أفضل ما لدي "ماجيك جونسون"  وبدونك، لم أكن لآصل إلى القمة أبداً".

    في بعض الأوقات يبدو أن بعض الناس يظنون أن المنافسة كلمة سيئة. إن المنافسة هي إحدى أكثر الحقائق إقناعاً في العالم الطبيعي. ورغم أن التواصل ضروري لدفعنا نحو المزيد من الازدهار، فإن المنافسة ضرورية لدفعنا نحو المزيد من السعي.

وقد كتب أحد الملوك يقول: "كما يشكل الصلب الحديد، فإن الإنسان يشكل صاحبه".

    إن صوت الحديد الذي يصقل الحديد تقريباً في مثل صوت خربشة الأظافر على السبورة. ولكن هذا الملك أدرك أن الطريقة الوحيدة لإخراج أفضل ما في نفسك ونفوس الآخرين هي بالتحدي والتعارض، ورغم أن حياة الدعابات الشخصية الدائمة تبدو أكثر أريحية وهدوءاً، فإن حياة الرضا عن الذات هي حياة عقيمة.

    إن التحدي لا يعنى بالضرورة إراقة الدماء، وتساقط العرق، وانهمار الدموع. ولقد أطلقت شركة "كوكاكولا" تحدياً أمام العملاء في حملة إعلانية في وسائل الإعلام الاجتماعية عام 2010 -لقد تحدت الناس ألا يبتسموا.

    وأنشأت شركة "كوكاكولا" آلة بيع خاصة في حرم جامعي حقيقي، ولم تكن الآلة توع المشروبات الغازية فحسب. بل كانت تفاجئ الطلاب بكل شيء، بدءاً من زجاجات المياه الغازية المجانية إلى باقات الزهو، والبيتزا، أو حتى غواصة يصل طولها إلى ست أقدام.

    وكانت الكاميرات تصور كل ما يحدث، وكانت النتائج تذاع مباشرة على موقع يوتيوب، وأدى ما يظهره الطلاب الذين يتلقون الهدايا من بهجة ودهشة بالغتين - فكان بعضهم يتصافح بالأيدي، وآخرون يعانقون بعضهم، والكل يبتسم ويضحك - إلى رسم الابتسامة على وجوه ما يقرب من أربعة ملايين مشاهد، كانوا يشاهدون ما يحدث على شبكة الإنترنت. وكان التحدي أمام المشاهدين هو ألا يبتسموا، وأدى هذا إلى حصد الملايين، مثلما أرادت شركة كوكاكولا تماماً.

    لقد كانت المنافسة المحتدمة بين شركة "مايكروسوفت" وشركة "أمريكا أون لاين" هي أحد الأمور التي قادت الأيام الأولى العاصفة لشبكة الإنترنت. ولقد ساعدت المعركة الدائرة بين شركة "مايكروسوفت" وشركة "أمريكا أون لاين" - التي طواها النسيان في عصر شركتي " أبل" و "جوجل" - على تسريع عملية توفير خدمات متطورة للعملاء، وكانت كل شركة تتخيل اليوم الذي يستطيع فيه العملاء إجراء غالبية تعاملاتهم، والحصول على معظم المعلومات، وقضاء جزء كبير من حياتهم على شبكة الإنترنت.

    وكانت كل شركة تكره الأخرى، وكانت ثقافة كل منهما مختلفة عن الأخرى بشكل كبير- فإحداهما كانت شركة تسويق موجه نحو العملاء تصادف أنها تستخدم التكنولوجيا، بينما كانت الأخرى شركة تقنية تصادف أنها تتبع أسلوب التسويق نفسه. ولقد شهدت شركة" أمريكا أون لاين" ضد شركة "مايكروسوفت" في قضية مكافحة الاحتكار التي كانت مرفوعة ضد شركة البرمجيات العملاقة. ورغم ذلك، فقد أدت المنافسة إلى جعل كلتا الشركتين أكبر حجماً وأكثر نجاحاً، مقارنة بما كان يمكن أن تحققه أي منهما في ظل غياب الأخرى.

    بالطبع، يواجه كل شخص التحديات في حياته، ومن الشائع أن يقول الناس إنه لا -يهم نوعية التحدي، فالمهم هو كيفية استجابة المرء له.

    وهذا صحيح بما فيه الكفاية.

    يصاب بعض الناس بالجروح، أو المرض، أو الأذى، فهم يضعون أنفسهم على السير المتحرك نحو القبر.

    بينما يصل آخرون إلى آفاق رحبة. لنأخذ "تيودور روزفيلت" مثالاً على هذا. كطفل عليل الصحة، كان "تيدى" الصغير يعاني مرض الربو الذي يهدد حياته. وفي كثير من الأوقات، كان "تيدى" يصاع من أجل أن يتنفس، وكان الربو يضعف قلبه. وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره، وضع له والده تحدياً ""تيودور"، إنك تتمتع بقوة العقل، ولكنك لا تتمتع بالقوة الجسدية، وبدون مساعدة الجسد، لا يستطيع العقل أن يمضي بعيداً كما ينبغي. فيجب عليك أن تبنى جسدك. إنها لمهمة شاقة أن يبنى المرء جسده، ولكنى أعلم أنك ستستطيع القيام بذلك.

 وردا على هذه الكلمات، كشر "تيدى" قليلاً، وزمجر قليلاً -وهذه هي أول حالة مسجلة للنظرة التي سوف تنال الشهرة في جميع أنحاء العالم. ثم هز "تيدى" رأسه وأجاب عبر أسنانه المطبقة: "سوف أبنى جسدي".

    وفي العام التالي، أصبحت حياته عبارة عن تمرين شاق. وازدادت قوته، وكذلك شجاعته وجرأته. فكان يغطس في الأنهار المتجمدة، وتسلق سبعة جبال، وتسلق جبلاً من هذه الجبال السبعة مرتين في يوم واحد. وبينما كان يقوم بهذه الأمور، بدأ هوسه بالطبيعة. فكان يشعر بالافتتان بكل شيء، من الطيور وحتى الطحالب، وجمع عدة مئات من العينات لكي يحفظها في "متحف روزفيلت للتاريخ الطبيعي".

فلولا التحدي الذي وضعه له والده، ما المصير الذي ربما كان يلقاه مثل هذا الوك المريض؟ لقد غيره التحدي إلى الأبد.

ورغم ذلك، فمن الصحيح أن التحدي يحمل القدر نفسه من الأهمية التي تحملها الاستجابة له. فالتحديات التي تثير الإلهام والإصرار تختلف تماماً عن التحديات التي تسبب اليأس والكآبة.

    في عام ٢٠١٠، أراد " شون كينج" – وهو أحد رجال الدين في أتلانتا - أن يجمع التبرعات من أجل إقامة منزل دائم لليتامى المعاقين في "هايتى". ولكن كيف يمكنه القيام بذلك؟ لقد كان هذا هو التحدي الأول. وفي هذا العصر الرقمي، فإن الإبداع في مثل هذه الأمور قد ازداد بشكل كبير. ولقد أراد شون أن يصل برسالته إلى أكبر عدد ممكن من الجماهير. وتوصل إلى إقامة مزاد علني خيرى لشخصية مشهورة، مع بعض اللمسات الجديدة. فالناس لن يرغبوا في المزايدة من أجل الحصول على صورة، أو توقيع، أو موعد. إنهم سيزايدون لأجل أن تتابع الشخصية المشهورة مشاركاتهم على موقع تويتر، وإعادة إرسال تلك المشاركات. ولقد تكلم "شون" مع نجمة مسلسل Desperate Housewives - "إيفا لونجوا باركر"-عن هذا التحدي، ولقد وافقت "إيفا"، ثم تحدت أصدقاءها من المشاهير لكى يصبحوا جزءاً من هذا العمل أبضاً. ولقد قبلوا التحدي الذي كانت نتيجته أن أصبح منزل اليتامى المعاقين حقيقة واقعة.

وفي عام ٢٠١٠ ، جمع ما يزيد على ١٧٥ شخصية مشهورة، مع معجبين يزيد عددهم على تسعين مليون معجب ومتابع، ثلاثين مليون مشاركة، وجمعوا تبرعات تزيد على ٥٠٠٠٠٠ دولار أمريكي.  وهذه هي قوة التحدي الهادف في عصر اتسع فيه مجالنا، وزاد فيه تأثيرنا.

    هناك أنصاف حقائق خبيثة في العالم، وبعضها يثير الارتباك مثل "عليك بمسايرة التيار لكي تتقدم في حياتك". فهذه ليست طريقة لكي يحيا المرء حياة طيبة، أو يرعى عائلة، أو يدير مشروعاً. إن الناس لا يريدون من يقلل من شأنهم؛ إنهم يريدون من يرفع من قدرهم؛ إنهم يريدون أن يرتقوا برؤيتهم؛ وقد يعنى هذا في بعض الأوقات مواجهة التحديات.

    قال "تشارلز سكواب" ذات مرة: "إن الطريق إلى إنجاز الأمور هو بإشعال جذوة المنافسة". فعندما نتنافس، فإننا نكافح من أجل الفوز؛ لأن الفوز يولد الشعور بالنجاح والأهمية. وعندما يتم تعريف النجاح بأنه نجاح جماعي - من أجل قضية معينة، أو بلد، أو علاج معين، أو شركة معينة - فإن النجاح هو أكثر الأمور جاذبية؛ لأن المنافسة تجبرنا على التواصل والترابط في مجال الانجذاب والألفة. وقد أصبحت المنافسة تعنى الكثير بالنسبة لنا من ناحية ما تجلبه من صداقة حميمة، وكذلك من ناحية ما تحققه لنا من نتائج نهائية.

    انظر حولك في مجال التأثير بحثاً عن مجال الانجذاب والألفة الذي يمكنه خلق أجواء المنافسة التي تعنى شيئاً أكبر من الوصول الى خط النهاية -شيئا ربما يعنى صداقات دائمة، وتأثيراً مؤسسيًا يساعدان على إحداث تغيير إيجابي. واذا كان الأمر يتعلق بشخص واحد ترغب في مساعدته، فابحث عن تحد جذاب يدفع كليكما نحو المشاركة في الحلبة. وليس هناك من يقول إن التحدي عبارة عن محاولات تتسم بالسكون والكسل. اسع للعمل من أجل مصلحة الآخرين، وسوف يسعون للعمل من أجلك.