التغلب على الصعوبات التي تواجه تكوين الصداقات
يعد البشر كائنات اجتماعية. وبطبيعة هذه الفصيلة، نحن نسعى بجد للبحث عن الآخرين. هذه الرغبة متأصلة فينا منذ بداية نشأتنا وفي غريزتنا، عندما منحنا التعاون أفضل فرصة للارتقاء في السلسلة الغذائية، حين خرجنا من الكهوف وكافحنا من أجل الحياة في عالم قاس لا يرحم. وبالتالي، فإن علىى المرء أن يعتقد أن تكوين الصداقات يعد أمراً يسيراً، وقد ينشأ تلقائيا. لكن للأسف، ليس الأمر كذلك؛ فبعد إجراء العديد من استطلاعات الرأي والدراسات، نجد تزايداً في عدد الأشخاص الذين يشعرون بالعزلة، وغير قادرين على تطوير بطرتهم البدائية، ناهيك عن العلاقات المهمة طويلة الأجل. زادت هذه المشكلة سوءاً مع ظهور وسائل الإعلام الاجتماعية، التي أبعد المسافات عن التفاعل الاجتماعي المباشر .
إن التعامل مع الناس، ولا سيما الأفراد الذين لا نعرفهم قد يكون صعباً أو حتى مخيفاً، ويحتاج إلى خبرة. وسواء كنت رجلاً أم امرأة فهذا لا يهم. يكمن الخوف هنا في الخوف من الحرج، والخوف من الرفض، والخوف من التسبب في جرح المشاعر أو الخوف من اتخاذ انطباع سيئ أو حتى الخوف من استغلالك. الخبر الجيد هنا هو أن العلاقات لا يجب أن تكون دعوة إلى
حدوث الكوارث. إذا كنت تعاني مسألة تكوين الصداقات أو أنك تريد فقط تحسين صداقاتك الحالية، فإنه يجب عليك أن تتحلى بالشجاعة. لست  الشخص الوحيد الذي يعاني ذلك، ووضعك ليس ميئوساً منه. هذا الكتاب تم تأليفه للقضاء على مخاوفك من التعامل مع الآخرين في العمل وفي المنزل ومع الغرباء أو مع الأحباب.
إن الأساليب التي يعرضها هذا الكتاب تقدم لك أفضل الفرص الممكنة، بناء على أحدث الأدلة العلمية، لجعل الناس يحبونك ويعجبون بك، بدون أن تتفوه بكلمة واحدة. في نهاية المطاف، وعلى الرغم من ذلك، يجب عليك أن تتحدث
مع الناس. فالكلمات تترجم المشاعر الأولية للنيات الحسنة إلى صداقات وفي بعض الحالات، إلى علاقات تدوم مدى الحياة. يعرض هذا الكتاب الإشارات الشفهية إلى جانب المحفزات اللفظية التي يمكن أن تجعل أي شخص يعجب
بك على الفور.
لقد أصبحت القدرة على تكوين العلاقات الشخصية المثمرة في متناول يديك؛ فإنها ليست مسألة تخمين أو حظ. إنها نتيجة استخدام الأساليب والمعرفة العلمية التي أثبتت جدواها في التعامل مع الآخرين. تعتمد الفرصة على تكوين صداقات على ثلاث خطوات كما يلي:
1 . يجب أن تكون على استعداد لتعلم وإتقان الأساليب المعروضة في الكتاب. تشبه هذه الأساليب أدوات الطاقة المستخدمة في أعمال البناء. يتيح مفتاح تشغيل الأدوات القيام بعملها. عندما كنت صغيراً، اعتدت بشكل  روتيني استخدام المنشار اليدوي لقطع الأخشاب. وفي أحد الأيام، سمح لي والدي باستخدام منشاره الدائري الآلي الذي قام بشرائه حديثاً. أمسكت المنشار القوي بيدي وبدأت في قطع قطعة الخشب. استخدمت قوة الضغط نفسها التي كنت أستخدمها مع المنشار اليدوي على المنشار القوي. هز والدي كتفي وطلب مني أن أخفف الضغط وأدع المنشار يقوم بعمله. تستند
الأساليب الواردة في هذا الكتاب إلى المبادئ السليمة نفسها. قم ببساطة بتطبيق الأساليب، باسترخاء، وعلى طبيعتك، ودع هذه الأساليب تقم بعملها. ستكون مندهشاً من النتائج التي تحققها.
2. يجب أن تستخدم فعلياً هذه المعرفة في تعاملك مع الناس وفي حياتك اليومية. إن معرفة أفضل الطرق للقيام بأمر ما تعد أمرا رائعاً عندما تطبق ما تعلمته عملياً. تذكر دائما أن المعرفة بدون عمل هي تضييع للمعرفة
3. إنك تحتاج إلى ممارسة ما تعلمته باستمرار. إن مهارات تكوين الصداقات مثل أية مهارات بشكل عام، وكلما زاد استخدامك لها، أصبحت أكثر كفاءة. وكلما قل استخدامك لها، أسرعت في فقدانها. إذا كنت على استعداد لتطبيق هذه الخطوات الثلاث، فسوف تجد أن تكوين الصداقات أصبح تلقائيا مثل التنفس.