كن حكيماً، واستيقظ مبكراً

 

ألقيت أمس الخطاب الرئيسي في مؤتمر لفريق القيادة في قسم العمل المصرفي عن طريق الهاتف في بنك سي آي بي سي. مجموعة رائعة من الأشخاص. ويعتبر بنك سي آي بي سي واحداً من البنوك الرائدة في كندا، وكان جمهور الحاضرين مفعماً بالطاقة والحماسة والذكاء. عرضت عليهم أفكاري حول إرساء ثقافة الأداء المرتفع، وتطوير علاقات أعمق، وقوة القيادة من غير منصب رسمي. ثم قدمت لهم بعض الأفكار حول القيادة الشخصية، وبدأتها بقولي إن من أراد أن يصل إلى مستوى التميز كإنسان فعليه أن يستيقظ من نومه مبكراً. وبمجرد أن قلت ذلك، خيم الصمت على حجرة الاجتماع، واعتقدت أنني قد أضعت جمهوري.

وحيث إنني أحب أن أتواصل شخصية مع أفراد الجمهور، لذلك فقد بقيت

بعد انتهاء عرضي التقديمي للإجابة عن الأسئلة. ومن المدهش هذا الكم من الأشخاص الذين سألوني عما يجب عليهم فعله من أجل اكتساب عادة الاستيقاظ مبكرا. أحد المديرين قال: "أود أن أحصل من الحياة على المزيد". وقال آخر: "أعجبتني فكرتك عن تخصيص ساعة كل صباح لتغذية العقل والاعتناء بالجسم وتطوير الشخصية". فيما علق ثالث بقوله: " الحياة تمر بسرعة، وأحتاج فعلاً إلى أن أبدأ في الاستيقاظ مبكراً لكي أستفيد من يومي استفادة أكبر".

إن من السهل جداً نسيان أن حياتنا الخارجية تعكس حياتنا الداخلية أو الروحية، وأن بالاستيقاظ مبكرا بقليل كل يوم للقيام ببعض العمل المخصص لحياتنا الروحية، سوف تصبح حياتنا أفضل بشكل هائل. كيف يمكن أن تكون مصدراً إيجابياً للطاقة من حولك عندما تفتقر أنت إلى الطاقة؟ كيف يمكنك أن تحصل على أفضل ما في الآخرين إذا لم تستطع أنت الوصول إلى أفضل ما فيك؟ وكيف تستطيع أن تجعل من شخص آخر بطلاً إذا كنت قد فشلت أنت في رؤية البطل الذي بداخلك؟ إن الاستيقاظ مبكراً لأداء عملك الروحي أو العقلي أو لتوسيع أفق تفكيرك أو لشحذ فلسفتك في الحياة أو لمراجعة أهدافك ليس هدراً للوقت. إن تلك الساعة التي تخصصها لعقلك كل صباح سوف تجعل كل دقيقة في يومك مفعمة بالطاقة والحماس، وستكسبك منظوراً جديداً يساعدك على الارتقاء في كل جوانب حياتك. سوف تغيرك هذه الساعة. وتجعل منك قائداً أفضل. وأباً أفضل. وإنساناً أفضل. وفيما يلي ست طرق عملية لمساعدتك على الاستيقاظ من نومك مبكراً (الساعة 5 صباحاً يعتبر توقيتاً لا بأس به): لا تأكل بعد الساعة 7 مساءً: سوف يجعلك هذا تستغرق في النوم بعمق أكثر، وستستمع أكثر بالنوم. فالأكثر أهمية هنا هو الكيف وليس الكم. لا تتكاسل عند النهوض من الفراش: بمجرد أن يدق جرس النبه، اقفز من الفراش وابدأ يومك. فكلما تباطأت لفترة أطول في الفراش بعد سماع جرس المنبه، زاد احتمال أن يخبرك عقلك بأشياء مثل: "فلتبق في الفراش. لننم قليلة. ما أدفأ الفراش. أنت تستحق النوم". اجعل حالتك الجسمانية ممتازة: وهذه فكرة مهمة. فقد اكتشفت أنه عندما أكون في حالة جسمانية ممتازة ـ عند ممارسة الرياضة خمس أو ست مرات أسبوعياً وتناول الطعام الجيد. يكون من السهل أن أثب من الفراش في الخامسة أو حتى في الرابعة صباحاً. إن التمتع باللياقة البدنية خطوة رائعة سوف تؤثر إيجابياً على كل جوانب حياتك.

حدد أهدافك في الحياة: إن الأهداف سوف تبث في حياتك الروح والطاقة. ومعظم الناس لا يستيقظون من النوم مبكرا لأنه ليس لديهم سبب لذلك. إن الغايات والأهداف هي سر الحماسة والشغف والاستيقاظ مبكرة). الأهداف تلهمك وتشجعك، وتمنحك مبررا للنهوض من فراشك كل صباح. وعندما تتناول دفتر يومياتك وتدون فيه أهدافك بعد سنة واحدة أو 3 أو 5 أو ۱۰ سنوات من الآن، والمتعلقة بأهم جوانب حياتك، فإن ذلك سوف يجعل عقلك مركزاً، وسيعطيك نتائج هائلة. سوف يجعلك مفعماً بالحيوية والإثارة، وسيغمرك بالشغف والحماس.

اضبط المنبه قبل الوقت الذي تريده بنصف ساعة: قمت بعرض هذه الفكرة في ورشة عمل تم عقدها مؤخراً وحضرها أشخاص من كل أنحاء العالم لتعلم كيفية التغلب على مخاوفهم وعيش الحياة التي يتمنونها. وقد تلقيت مؤخرة رسالة بريد الكرتوني من احدی المشتركات في ورشة العمل هذه وهي من أسبانيا. وقد ذكرت في رسالتها أن هذه الحيلة الصغيرة قد غيرت حياتها تماماً. فقد كان الوقت المناسب لاستيقاظها في السادسة صباحاً. وعندما طبقت هذه الطريقة، كانت تجد أن الساعة لا زالت الخامسة والنصف فقط عند استيقاظها ونهوضها من الفراش. وأصبحت تستغل هذه النصف ساعة الإضافية في التأمل أو القراءة أو ممارسة الرياضة. وهي الآن تعتني بحياتها الروحية والعقلية، وأصبحت تحصل على نتائج ممتازة. وأصبح عملها الآن أكثر نجاحاً مما كان قبل في أي وقت مضى. كما أصبحت حياتها الأسرية في أفضل حالة لها منذ سنوات. كما أصبحت تشعر بالسعادة الغامرة. أعرف أن هذه الطريقة تبدو سخيفة، ولكنها تحقق نجاحا.

 

انضم إذن إلى نادي الخامسة صباحاً.

انتصر في معركة الفراش،

وتغلب على رغبتك في النوم،

واستيقظ مبكراً.

 

امنح الأمر ۳۰ يوماً: تعتبر وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) أحد عملائي المفضلين. وهم يطبقون برنامجنا الذي يطلق عليه اسم Grow The Leader (أو تطوير القادة) من اجل تطوير مهارات وقدرات العاملين لديها في مجال القيادة. وأنا من المعجبين بهذه المؤسسة لأنها تعتبر بالفعل نموذجاً للتميز. ومن الأشياء التي تعلمتها منها أن المكوك الفضائي يستهلك قدراً أكبر من الوقود في الدقائق القليلة الأولى بعد إطلاقه مما يستهلكه أثناء رحلته بالكامل حول الكرة الأرضية. لماذا؟ لأنه يحتاج في البداية إلى التغلب على قوة الجاذبية الأرضية الهائلة. وعندما يجتاز هذه المرحلة، يصبح طيرانه أسهل بكثير. وهذه فكرة مهمة وجديرة بأن نتأملها. فأصعب مرحلة في عملية التغير الشخصي هي البداية. كما أن هذا التغير لا يحدث في يوم واحد أو حتى في أسبوع واحد. فالمسألة تحتاج إلى وقت من أجل التغلب على قوة عاداتك القديمة. ولكن بعد أربعة أسابيع من اليوم يمكن أن تصبح حياتك أفضل مما هي الآن بكثير، لو اخترت أنت ذلك. امنح نفسك دائمة 30 يوماً لاكتساب أي عادة جديدة.

انضم إذن إلى نادي الخامسة صباحاً. انتصر في معركة الفراش، وتغلب على رغبتك في النوم، واستيقظ مبكراً. وتذكر ما قاله بینیامین فرانكلين ذات مرة: "ستجد أمامك وقتاً طويلاً للنوم بعد أن تموت". رجل ذكي.