الإتقان، والتحكم في الحياة

يقضي العديد من الأشخاص کامل حياتهم أقرب إلى أجهزة التحكم الآلية العمياء، تكون تصرفاتهم أشبه برد فعل على المحفزات الخارجية. وهم ينشغلون بمعادلات يمكن توقعها، وتجد لريقها للتنفيذ تبعا لفهمهم المحدود لذاتهم الحقيقية

إننا ننظر نحوه ولا نراه؛

فاسمه هو غير المرئي.

نستمع إليه ولا نسمعه؛

 فاسمه هو غير المسموع.

نلمسه ولا نحس به؛

فاسمه هو الذي لا شكل له.

 

لاوتسو

فيلسوف وعالم أخلاق صيني

(604-531ق. م.)

 

 

قليلون هم من استطاعوا مجابهة التحديات الأساسية في الحياة: توسيع نطاق وعيهم الداخلي، اكتشاف ذاتهم الحقيقية، واستغلال كامل إمكانياتهم.

إن السيطرة على الحياة لا يمكن إنجازها من خلال الهيمنة على العالم المادي. لكنها تتأتى عن استيعاب الأعمال الداخلية لعقلنا. واعتبارنا أصحاب مهن احترافية مستنيرين، ينبغي ألا نحاول إرغام العالم على إطاعة أوامرنا. ولكن علينا أن نكافح لتوسيع وعينا الإجمالي مما يسمح برؤية العالم وفقا لطموحاتنا، وقناعاتنا الأساسية. علينا أن نعمل ونتصرف بما يتناغم مع الأحداث والظروف، بدلا من أن نحاول التحكم بها وتشكيلها. وبهذا النحو نصير أكثر قدرة على التوافق مع الأوقات العصبية والمرهقة، ومع العلم بان الأفكار الغالبة على عقلنا سوف تتجسد في نهاية الأمر في العالم من خلال التغاضي، نشرع في رؤية الأمور التي نحتاج إلى رؤيتها، والقيام بما نحتاج القيام به بغرض تقريبنا من أهدافنا المحددة ومقاصدنا. إننا نعلم أن من أجل تغيير عالمنا الخارجي لابد لنا أن نغير أولا عالمنا الداخلي. كما أننا لا نرى العالم أبدا كما هو عليه، بل نراه في إطار رؤيتنا لأنفسنا.

يحدد لنا وعينا الجماعي من نحن. إنه يكمن في المركز ذاته من جوهر ذاتنا. إن الحالة المحضة للحياة وحسب لا تضيف أي شيء إلى فهمنا لذاتنا، ولن نكون، يتعلم وعينا بشكل مبدئي عن نفسه من خلال رد الفعل المتكرر على المحفزات، والدوافع من البيئة المحيطة بنا. وفي هذا فلا خيار له. يحملنا هذا بضرورة الحال إلى التفكير في أننا شيء ما غير ما نحن عليه؛ وذلك لأن الدوافع العشوائية للعالم المادي لا تعلم شيئا عن ذاتنا الحقيقية.

ولكن بوسعنا أن نسأل، وأن نقاوم الرسائل المنبعثة من العالم المادي حولنا. نستطيع أن نتخيل حتى الوضع المعاكس تماما، وهكذا نكيف عقولنا من أجل أن نتبنى وجهة نظر أكثر ارتباطا بما نرغبه، وليس بما لا نرغبه، نستطيع أن نعرض -بملء الإرادة -صورة ذهنية في عقلنا، فالخيال هو العصا السحرية التي نستطيع بها أن تتحرر -نتحرر من روابط حواسنا المادية التي لا تدرك إلا العالم المادي. يؤدي وعينا عمله دائما بالتوافق مع معرفته المحدودة عن ذاته. وهو يتعلم باستمرار، ويتغير باستمرار، وهكذا فهو غير تام أبدا، وهو يسعى للأبد للمعرفة ذاته بشكل أفضل.

وهذا ممكن القيام به عبر تأمل الذات، والتأمل بإمعان خلال ممارسة التأمل، وعندما تنمو مثل تلك المعرفة، وتتسع لما وراء الحدود السابقة، فإن عالما جديدا بالكامل يظهر أمام أعيننا ذاتها -ترد لنا أفكار جديدة، نرى أشياء جديدة، نختبر مشاعر جديدة. يصير لكل شيء معنى جديد. لا خلاف أن الأشياء التي نراها الآن كانت هناك من قبل، إنه فقط وعينا المحدود لم يكن بمقدوره سابقا أن " يراها، وعلى هذا النحو، نتحرك صوب ذات جديدة، ذات أكثر سلطة، صوب ذاتنا الحقيقية.

عندما تنمو في الوعي، وتبدأ

 في رؤية العالم المثير المحيط بك

بطرق مختلفة وجديدة،

 ستشرع في الحصول على رؤية أوسع

لنفسك، ولا تعتقد أن بوسعك

إنجازه في حياتك.

 

والتر ستابلس"