وفقا لما كتبه "هيل"، "هناك نقطة ضعف أخرى موجودة في العديد من الناس، والتي تتمثل في عادة تقييم كل شيء وكل شخص وفقا لانطباعاتهم ومعتقداتهم". بمعنى آخر، يفترض معظم الناس أن نظرتهم للعالم هي النظرة الوحيدة ويقومون بالحكم على الأمور من خلال هذا الإدراك الخاطئ.

قال "ألفريد كوزبيسكي". الفيلسوف والعالم المشهور بتطوير علم المعاني العام: "الخريطة لا تعبر عن الموقع الذي تصفه"، يعني هذا أن تمثيلك للحدث أو الموقف لا يتوافق تماما وبدقة مع ما حدث بالفعل.

إن وصفك للحدث لا يمثل سوى تفسير واحد محتمل، يقوم على ما تم استخلاصه من حواسك، ويمتلك كل شخص نظام تنقية مختلفا، يتكون ذلك النظام من جزأين أحدهما يكون طبيعيا والآخر يكون مكتسبا، وبمرور الوقت، يمكننا استنباط ذلك النظام مما ستمر به في حياتك من خبرات وقيود وتوقعات ثقافية وقيم ومعتقدات ومواقف كما أنه يؤثر على الطريقة التي تنظر بها إلى العالم.

نحن لا نرى الأشياء كما هي، لكننانراها وفقا لرؤيتنا الخاصة - قول مأثور

فقط اسأل أي ضابط شرطة موجود في مسرح جريمة عن تفاصيل الحادث. إذا طلبت من شخصين أن يصفا لك ماذا حدث، فإن الاختلاف بين الروايتين قد يكون مذهلا. على سبيل المثال، قد تلاحظ إحدى شاهدات العيان أن المشتبه به كان يرتدي قميصا معينا، لأن الشعار الموجود على القميص بذكرها بأحد الكتب التي قرأتها في الكلية.

قد لا يلاحظ شاهد آخر القميص لأنه لا يمثل أي دلالة بالنسبة له. سيلاحظ كل من الشاهدين أشياء مختلفة اعتمادا على خبرائهما السابقة وعلى نظام تنقية المعلومات الخاص بكل منهما. لا يعني هذا أنه لابد أن يكون أحدهما كاذبا والآخر صادقا. بل قد يروي كلاهما ما حدث وفقا لرؤيته. حيث لا يوجد إنسان دقيق بنسبة 100% في كل الأمور التي يمر بها!

لقد أقر الطبيب النفسي السويسري "كارل يونج" بنفس الشيء ولكن مع قليل من الاختلاف، حيث قال: "كل مفهوم ما هو إلا إسقاط". بمعنى آخر، كل ما ندرك أنه حقيقي بالنسبة للعالم من حولنا ما هو إلا انعكاس فعلى لاعتقاداتنا بخصوص العالم.

إذا كان هناك شخص غاضب وعنيف لدرجة ما، سينعكس غضبه هذا على تجاربه في الحياة وسيجد الأشخاص والمواقف التي تؤيد ذلك المنظور أو أنه بكل بساطة سيفسر الحياة من خلال تلك الأنظمة المستخدمة للتنقية، وفي الحالتين فإن تجاربهم في الحياة سيسيطر عليها الغضب والعنف.

يُعزز "هيل" هذه الرؤية من خلال إشارته إلى فيلسوف مجهول والذي يقول: " لقد اندهشت كثيرا عندما اكتشفت أن معظم الصفات القبيحة التي أراها في الآخرين ما هي إلا مجرد انعكاس لطبيعتي الخاصة".

يحذر "هيل" من هؤلاء الأشخاص الذين" يعرفون جميع القوانين التي لا تصلح للعمل وجميع الأشياء التي لا يمكن القيام بها". ومع ذلك، سواء كان الشيء يمكن أولا يمكن القيام به فإنه يخلف تأثيرا في عقل الشخص، إذا دل موقفهم على الهزيمة، ومن ثم ستعكس الهزيمة على واقعهم ولن يحققوا شيئا سوى الهزيمة.

إليك هذه الفكرة ...

فكر في الموقف الذي يزعجك حاليا، هل ما يزعجك هو انعكاس لسلوكك الخاص؟ إذا وجه شخص اللوم إليك، قد يكون هذا لأنك غالبا ما توجه اللوم إلى الآخرين. وقد يتمثل الاحتمال الثاني في أنك قد تدخلت في الموقف بشكل خاطئ، اعتمادا على مفاهيمك وليس على الحقيقة.

ضع على الأقل ثلاثة تفسيرات بديلة، إذا أمكنك ذلك، تحدث إلى الشخص المشترك في هذا الموقف ووضع له أي سوء فهم.