المحتويات

 

الأشجار والنباتات في الأدغال:

تحمل أكثر الأشجار ارتفاع غصوناً عند القمة فقط. والمساحة التي تفصل بين الأشجار مفتوحة تمامًا. وهي مغطاة بطبقة رقيقة من أوراق الشجر التي تتساقط باستمرار طوال العام.

وهذا حقيقي بصفة خاصة في المناطق التي يكون الصرف فيها جنداً، وحيث الكتلة المتصلة من قمم الأشجار تسمح لقليل من أشعة الشمس بالنفاذ إلى أسفل.

أما الأدغال كثيفة النباتات والي كثيراً ما نشاهدها في السينما والتليفزيون، فهي ما يسميها علماء النبات باسم «النمو التالي».

وهذه هي الأدغال التي تنشأ في أماكن كان الناس قد قطعوا أشجارها من قبل، وتكون في أغلب الأحيان كثيفة وخشنة. وفي «الغابة المطيرة وتنمو أشجار الأدغال إلى ثلاثة مستويات مختلفة.

وتكون قمم الأشجار ثلاث طبقات كبيرة، واحدة فوق أخرى، بما يشبه تقريبًا الطريقة التي تتراكم بها كتل السحاب إلى أعلى، بعضها فوق بعض.

وقد يبلغ ارتفاع أطول الأشجار نحو ستين متراً. وتسمى "البارزة"، نظراً لأنها كانت الأولى في الاختراق والوصول إلى أشعة الشمس.

وتحتها تنمو طبقة من الأشجار الأقل طولا، ويبلغ ارتفاعها من 18 إلى ۳۸ متراً «من 60 إلى ۱۲۰ قدماً» وهذه تكون السقف الغزير المتشابك لسطح "الغابة المطيرة".

وتحت هذا المستوى الثاني يقع مستوى ثالث عبارة عن نمو سفلى من الشجيرات والشتلات والسراخس المغطاة بالأشن والتي تصل أحيانا إلى ارتفاع ۱۸ متراً ۱۰۱ قدما، ولكل طبقة من طبقات والغابة المطيرة، الأشكال الخاصة بها من النباتات والحيوانات.

وعند النظرة الأولى يبدو الكثير من هذه الأشجار وكأن بينها تشابها لافتا في تكوين القلف، وشكل الأوراق، واللون.

وتفسير ذلك هو العمر الطويل للأدغال. لأن الفصائل المختلفة من الأشجار والنباتات تقاسمت نفس البيئة لعدة ملايين من السنين، وقد أجبرت على أن تتكيف بطريقة متشابهة. لذا فقد نمت على مدى فترات طويلة من الزمن بطرق متشابهة.

أنواع وأشكال النباتات في الأدغال:

وفي كل مكان بالأدغال توجد نباتات فوق وحول نباتات أخرى. ويحتمل أن أكثرها شيوعاً هي الكروم المتسلقة التي تشبه الحبال والمسماة بالليانا. وهذه تلتف مثل الثعابين الضخمة. وأحياناً تنمو لها سيقان خشبية يبلغ سمكها 60 سم قدمين، وطولها ۱۸ متراً 60 قدمًا.

ومن أعلى تتشابك من فرع إلى آخر، ومن قمة شجرة إلى قمة شجرة أخرى. وغالبا ما تكون شبكة الليانا غزيرة لدرجة أنها تحمل شجرة وتبقيها قائمة إلى أعلى حتى ولو كانت قد اجتثت عند القاعدة.

والأكثر غرابة من الليانا هي النباتات الهوائية - الأوركيد والأشن. وهذه تزدهر في الأماكن العالية عند قمم الأشجار بعيداً عن تربة الأرض، وتتعلق جذورها بالشقوق في غصون الأشجار. وبعد فترة قصيرة يتجمع الغبار من النباتات المتعفنة ويكون بطء تربة مغذية في حد ذاتها.

وتصبح الخضرة الكثيفة للدغل أشبه بنسيج عنكبوت ضخم، وتنمو الجذور الهوائية من الغصون العالية إلى أسفل لتجد ما تتعلق به في أرض الغابة. وبعض الزاحفات مزودة بأشواك. وأغلبها تستظل تحته جماعات من النمل والعناكب والعقارب وذوات المائة الرجل (أم أربعة وأربعين).

نمو الكائنات في الأدغال:

تبدو جميع الكائنات النامية بالأدغال فوق الحجم المعتاد.

تنمو بعض أنواع النباتات الزهرية إلى ۱۲ متراً (40 قدما)، في الطول. وتنمو بعض الأنواع من فصيلة البنفسج إلى حجم شجر الكمثرى. وتنتشر فروع شجرة الفر بينا مثل شجرة البلوط. وينمو البامبو (وهو في الحقيقة من الحشائش) إلى ارتفاع ۱۰ - ۲۱ متراً ومن 50 إلى 70 قدما. وقد ينمو بمقدار ثلاثين سنتيمتراً في اليوم الواحد.

وقد تبدي الغابة في البلاد الشمالية عشرات قليلة على الأكثر من أصناف الأشجار. ولكن ميلا واحداً مسطحا من "الغابة المطيرة"، قد يشتمل على حوالي مائتين، أو ثلاثمائة نوع مختلف.

وعلى الرغم من غزارة النباتات بالأدغال فإن التربة التي تحتها تكون مع ذلك فقيرة. وسبب ذلك أن أوراق النباتات المتساقطة تتحلل بسرعة فائقة.

وتمتص الشبكة الكثيفة من الجذور هذا الغذاء من الأوراق بسرعة تقرب من سرعة ذوبانه في التربة. وحينها تخلى أرض معظم الأدغال من الأشجار فإن التربة تكون فقيرة لدرجة لا يمكن معها أن تحتمل نمو المحصولات لأكثر من موسم واحد. وتوجد بالأدغال أشجار معينة تنتج نورات على الجذع أو الفروع.

ويزور هذه الزهرات، التي تنمو على ارتفاع قليل، بلايين الحشرات التي لا يمكنها أبدأ التسلق إلى نورات أبعد بكثير من أرضية الغابة. وتنقل كل حشرة حبوب اللقاح التي تحمل أسباب الحياة من زهرة إلى أخرى. وفي أنحاء أخرى من العالم تحمل الريح حبوب اللقاح إلى النورات، أما في الأدغال فليس للريح دور في هذا الشأن.

ويلعب النمل الأبيض دوراً هاماً في دورة حياة الغابة، ذلك أنه يمضغ خشب غصون وأطراف جذوع الأشجار المتساقطة على الأرض.

وتحول البكتيريا نشارة الخشب هذه إلى ديال، والدبال إلى نيتروجين ومواد معدنية. وعلى مر الأعوام تتساقط على الأرض جميع الأشياء الحية بعد موتها من أكبر الأشجار والليانا الضخمة إلى أكثر أوراق الأشجار رقة - وفي النهاية تذيبها قطرات، الأمطار المتساقطة على نحو موصول.