الخصائص المشتركة للأمراض المنقولة جنسيا

رغم تنوع مسبباتها، تشترك أ.م.ج في خصائص تمثل القاسم المشترك الأعظم للمجموعة وهي:

  • أولا: يمثل الاتصال الجنسي الوسيلة الرئيسية لانتقال العدوى، سواء كان اتصالا كاملا أو جزئيا منقوصا، ولا يشترط الإيلاج لتمام العدوى.
  • ثانيا: ضعف المسببات وحساسيتها الفائقة للظروف البيئة
  • ثالثا: خاصية الكمون أو المرض الكامن أي اختفاء الأعراض مع بقاء المسبب داخل الجسم.
  • رابعا: قدرة المسبب على خداع جهاز المناعة ومراوغته.
  • خامسا: اختلاف ديناميكيات الوباء (أسلوب انتشار الوباء) مقارنة بالأوبئة الأخرى.

وسوف نتعرض لتلك الخصائص بشيء من التفصيل.

 

   ضعف المسببات وحساسيتها الفائقة للظروف البيئة خارج الجسم 

يتسبب اختلاف درجة الحرارة والرطوبة (الجفاف) وتغير درجة الحموضة (PH) في قتل المسبب وبالتالي فهي غير قادرة على الحياة خارج الجسم، ويفسر ذلك تفضيلها الاتصال الجنسي كوسيلة أساسية للانتقال المباشر من عائل لآخر دون التعرض للعوامل الجوية والبيئية التي تدمرها في غضون دقائق معدودة.

 

مسببات الأمراض المنقولة جنسيا فادرة على مراوغة جهاز المناعة وخداعة:

سوف نميز في هذا السياق بين مجموعتين من أ.م.ج: أولاهما: المجموعة القابلة للشفاء التام باستخدام المضادات الحيوية المناسبة ومن ثم يتخلص الجسم المصاب منها تماما وتشمل الكلاميديا والسيلان الجون وكوكي والزهري والقرحة، الرخوة أما المجموعة الثانية: فتتميز باستحالة التخلص من المسبب متي نجح في دخول الجسم كما في حالة فيروسات الإيدز والهربس البسيط والسنط نتيجة لعدم اكتشاف مضاد يقتل الفيروس داخل الجسم حتى الآن ويقتصر دور العلاجات المستخدمة حاليا على إبطاء تكاثره.

تلجأ مسببات أ.م.ج الى مناورات للهروب من التدمير الأبدي والمحافظة على النوع بإحدى وسيلتين:

أولاهما: حدوث طفرات جينية ينتج عنها ظهور سلالات تختلف في خصائصها عن السلالة الأصلية بحيث يفشل جهاز المناعة في التعرف عليها تمهيدا لمقاومتها.

ثانيتهما: الاختباء في أماكن من الجسم لا يطولها جهاز المناعة.

يوجد على سطح الخلايا الحية بروتينات تميزها عن بعضها البعض ويتعرف جهاز المناعة على الميكروبات عن طريق أنواع البروتين المختلفة الموجودة على سطح خارجي للميكروب ومن ثم يصنفها كجسم غريب يتحتم القضاء عليه، ويتم تخزين نلك المعلومة في ذاكرة جهاز المناعة، فإذا حدث ودخل نفس الميكروب مرة أخرى الجسم تعرفت خلايا الذاكرة علية فورا واستدعت باقي قوات جهاز المناعة لتقوم بمهاجمته والقضاء عليه، ويقال في تلك الحالة إن الجسم لدية مناعة تجاه ذبك الميكروب. ولكي يتفادى الميكروب ذلك المصير المؤلم له ولبني جنسه فإنه يغير تركيب البروتينات الموجودة على سطحه من خلال ما يعرف بالطفرات، وهنا تظهر سلالة جديدة متخفية متنكرة لا يستطيع جهاز المناعة التعرف عليها وبالتالي لا يهاجمها. ونوضح الفكرة السابقة بالمثال التالي: أصيب السيد "إكس" بميكروب "الجونوكوك من السلالة (أ) التي يحتوي سطحها على بروتينات 1_2_ 3_4 وكون جهاز المناعي الوسائل المضادة لتلك السلالة بحيث يهاجمهما ويقتلها لو دخلت جسمه مرة أخرى، أما لو تعرض السيد "إكس" في احدى علاقاته لميكروب الجونوكوك من سلالة مختلفة (ب) التي يحتوي سطحها على بروتينات 5_2_3_4 فسوف يلتقط العدوي لأن الجسم قد كون مناعة للسلالة الأولى "أ" وليس للسلالة الجديدة "ب " التي تغيرت بروتيناتها السطحية وأصبحت غير معروفة لجهاز المناعة. يستطيع أي ميكروب أن يتحور إلى آلاف وملايين من سلالات جديدة خلال تكاثره، ولا تقتصر الطفرات الجينية على إنتاج سلالات متنكرة فقط بل تنتج أيضا سلالات تختلف في درجة الشراسة وفي استجابتها للعلاج بالمضادات.

وإلى جانب التنكر بغرض الإفلات من منغصات الجهاز المناعي يلجأ الميكروب إلى الاختباء في أماكن لا يطولها عملاء هذا الجهاز مثل لص اختبأ في المقابر أو العشوائيات لا تطوله يد أجهزة الأمن، وأبرز مثال للاختباء هو فيروس الهربس البسيط الذي يمكن في واحدة من العقد العصبية ليرحل منها إلى الجلد فيما بعد عن طريق العصب المغذي للجلد وهو آمن طالما كان داخل الأجهزة العصبية لبعدها عن متناول أجهزة المناعة.

  ظاهرة الكمون  

بعد دخول الميكروب المسبب الجسم بفترة (تسمى مدة الحضانة وتختلف من مرض لآخر) تظهر على المريض الأعراض والعلامات المميزة للمرض، فإذا لم تعالج علاجا كاملا حاسما دخل المرض مرحلة الكمون، وفيها تصبح الأعراض والعلامات بسيطة لدرجة لا تلفت نظر المريض أو من يعاشره بينما المرض مستمر في نشاطه داخل الجسم، ويكون المريض في تلك الحالة حاملا للمرض معديا لغيره ويعتبر حاملو الميكروب الكامن من أخطر مصادر العدوى حيث لا يشي مظهرهم بمخبرهم. وتعتبر ظاهرة الكمون من أهم الأسباب التي تساعد على انتشار أ.م.ج.