إن من القواعد غير المكتوبة أنك إن أردت الترقي فعليك أن تتأخر بعد أوقات العمل، فهكذا يتصرف التقليديون من الموظفين، الكسولون منهم والمجتهدون. أما أصحاب القواعد فإنهم يغادرون العمل حين يرغبون في ذلك. وهذا معناه أن يذهبوا لبيوتهم قبل الجميع.

والأمر نفسه ينطبق على ميعاد الوصول للعمل صباحاً. فمن قال إن عليك الذهاب مبكراً؟ لا أحد يقول هذا، فتلك قاعدة غير مكتوبة نحتاج لمعرفتها، حتى نوفِّق بينها وبين أهدافنا.

إن الهدف من هذا السلوك أن تبدو في مثل جدية الآخرين. أو أن تبدو مجتهداً في حين أنك لست في حاجة لهذا لأنك تؤدى عملك أفضل من الآخرين وتنجزه في وقت قياسي، فلماذا إذن ستحتاج للتأخر بعد ساعات العمل؟

هل شاهدت من قبل أحد محاضري التحفيز. إنهم عادة يرفعون أيديهم حين يتوجهون إليك –أو لأحد من الجمهور -بسؤال. وهذا يدفعك بشكل آلي لرفع يدك لأن هناك يداً مرفوعة بالفعل في الغرفة. الأمر سخيف لا شك في هذا. لكنه يحتاج دائماً لشخص يبادر بمغادرة العمل في وقت مناسب حتى يتبعه الآخرون في ذلك. فمكوثك في العمل لمجرد أن الجميع يمكثون هو ما يسمى " بالحضور الصوري " هو حضور يمثل لعنة في حياة العمل حديثاً. فنحن نظن أن الجميع يراقبنا، كما نراقب نحن الجميع، لنرى من أول من سيبدأ الاستراحة، ومن أول المغادرين، ومن أول من سيثير سخط المدير.

وتلك أكذوبة فأول المغادرين لن يفقد أي شيء. لكنه يحرر الآخرين، ففادر الآن وحررنا من فضلك.

والخوف من فقدان شيء بالمغادرة المبكرة حقيقي، لكننا لو عشنا حياة مثيرة ومسلية، فسندرك أننا محور هذا الكون والأساس فيه وأن أولئك الذين تخلفوا هم الذين يفوتون الكثير على أنفسهم بمكوثهم طويلاً في مكان العمل.

إن الناس يعتقدون أن المغادرة المبكرة -أو في الوقت المحدد الذي يقضي النظام بالمغادرة فيه -سيلفت إليك انتباهاً غير مستحق على أنك أحد المتهربين أو المستهترين. لكننا لو غادرنا بثقة وأمانة فلن يحدث ذلك. فلن ينظر إلينا تلك النظرة السيئة إلا إذا تسللنا أو غادرنا من الباب الخلفي، أو زاحفين أثناء الليل في تخف. ولذا عليك التلويح إليهم بجرأة أثناء مغادرتك قائلة: "آخر المغادر يطفئ الأنوار ". وأن توضح لهم أنهم إذا اجتهدوا في عملهم اجتهاداً فسوف يغادرون مبكراً مثلك -فهذا أمر جدلي يحتاج منك للتفكير فيه أولا.