علم نفسك أن تفوز

على الناحية المشرقة أثبتت أبحاثي بلا أدنى شك أن الخسارة ليست بالضرورة حكم يستمر مدى الحياة. فلا يوجد فينا من هو مولود وليس لديه المقدرة على خوض الحياة. ولكننا نحن الذين نعود أنفسنا وندربها بحيث تبدو على هذه الصورة إذا دربنا أنفسنا فلا داعي لتدريبها. كما أنني مقتنع تماماً بنتيجة أبحاثي الأولى وهي أن الأوان لم يفت أبداً أمام تحقيق الأحلام وتعلم نفسك الفوز، فقد لاحظت مرات ومرات عديدة أفراد في العشرينيات، والثلاثينيات والأربعينيات وحتى الخمسينيات من عمرهم يخسرون ويخسرون ويخسرون وبعدها يفوزون مرة ثم يفوزون على الدوام.

ولن أنسى أبداً اليوم الذي أدركت فيه بالفعل أن نجاح أي فرد مقدر أساساً بالمشيئة الإلهية التي تحدد اليوم الذي ينتعش فيه هذا الشخص وينمو.

فقد كنت أتحاور مع جين بيسين البالغة من العمر 43 عاماً وقبل أن أتقابل معها بفترة طويلة، كانت جين تعمل معالجة كلمات في شركة بشيكاغو وكان وضعها الوظيفي هنيئاً للغاية.

وتحكي جين حكايتها قائلة -:

"إن الحفرة البائسة التي كنت أعيش فيها كانت أشبه بقبر مفتوح من الناحيتين. كنت أصرخ في المرآة للشكوى من إحباطات رئيسي في العمل دائماً. إذ كان رئيسي يقوم بترقية من هم دوني كفاءة. وكنت أشكو هذا بصفة خاصة وشخصية للآخرين وخاصته لصديق. ولكن، لم يكن لدي الثقة أبداً على أن أواجه هذه الأمور بشكل حاسم ومباشر، ولم أقل لأي منهم هناك أشياء كثيرة في الحياة التي يجب أن أخذها، ولكن ما تفعله لي شيء لا يمكن أن أبتلعه بعد ذلك.

ولكني لم أستطع أن أتخيل أن أعيش غمر الحياة التي أرتضيها لنفسي. وجدت نفسي لا أستطيع أن أعيش يوماً واحداً إن لم أفعل شيئاً – أي شيء! وجدت أنه لا بد أن أفعل شيئاً في حياتي - أدركت أن شيئاً ما لا بد أن يحدث. وبالفعل، قامت جين بهذا الشيء.

فقد قررت جين أن تغير من حياتها، وبالتالي، تحررت أخيراً من الفكر العتيق الذي ظل لسنوات يحاصرها قائلاً "لن يتغير أي شيء مهما فعلت"

واتخذت جين عدة خطوات لإيقاظ الطاقات الداخلية الهائلة الكامنة داخلها. وسوف نعرض عليك الطرق العملية التي أثبتت نجاحها فيمن أجريت عليهم والتي ساعدت آلاف الرجال والنساء في أن يبدعوا ويعيشوا حياتهم كما يريدون، وبعد معرفتها، ستصبح أنت شخصاً قادراً على تحقيق أحلامك. وعلى أي حال، فقد اتخذت جين هذه الخطوات وتتبعت تلك الأساليب بما أتاح لها الفرصة أن تسيطر على الآخرين وعلى الأحداث والمواقف التي واجهتها وأن تشكل حياتها ومصيرها بالطريقة التي أحبتها وأرادتها.

فإنها اليوم سيدة متزوجة وتعيش مع زوجها لاري والبالغ من العمر واحد وخمسين عاماً. وتمتلك جين شركة الخدمات العاجلة وتديرها بنفسها. فحياتها مثالية بكل المقاييس ولك أن تتخيل مقدار شعورها بالرضا عن نفسها وعن نجاحها عندما يدخل عليها أحد العملاء الحاليين ممن أساءوا لها في الماضي وكانوا سبباً في أن تكون حياتها ضربا من الجحيم، إذ تقول جين "لقد كان يراودني دائما شعور ما بأن الناس من حولي ينصبون دوائر لي من حولي وكانت هذه الدوائر تصغر وتصغر. وهم بالفعل مازالوا ينصبون لي هذه الدوائر، ولكني الآن أتحدى كل الحواجز والعراقيل التي يضعها الآخرون أمامي ليمنعوني من أن أكبر وأكبر".

وقد أثر فيّ كثيراً استعدادها لتحدي صعاب الحياة التي لا حيال دون حدوثها، وقدرتها كذلك على إخراج كل ما بداخلها من طاقات وتفهمها الصامت لموقفها فعلاً وهو إن لم تكن مغوارة في حياتها وفي مجابهة المواقف التي تعترضها، فإنها سوف تموت نفسياً. وهو الأمر الذي كمم لساني بداية ولم أستطع الرد. وإذا ما نظرنا إلى قصة هذه المرأة، نجد قصة نجاح بكل المقاييس. فهذه المرأة من سنوات ضئيلة جداً، عاشت حياة يتحكم فيها وفي مصائرها الآخرون. ولكن عندما تحررت من مخاوفها وشعورها بالضعف، استطاعت بمفردها أن تقف صامدة أمام الصعاب وأن تحقق هذا النجاح العريض.

وكلما نظرت إلى جين فرأيت وجهها المبتسم وعينيها الواثقتين أجد شعوراً ما يتملكني؛ إذ كانت جين قد حشدت جمالها وإصرارها كي تسيطر على عجزها بأن كل شخص قادر على أن يسيطر على مقاديره إذا ما عزم على ذلك. وعلى أي حال، فليست جين هي نموذج النجاح الوحيد. فالتاريخ مليء بقصص النجاح الشخصي.

 فعلى مستوى القادة نجد الأنبياء موسى وعيسى وعلى مستوى الأبطال نجد لينكولن وغاندي وملايين الشخصيات الأخرى الذين حرروا طاقاتهم الكامنة كما فعلت جين.

ولا أعني بذلك أن جين كانت أول من أعاد اكتشاف نفسه وقدراته. كما أن جين لم تولد بمقومات ومميزات خاصة، كما أنها لم تتعلم كيف تخرج قواها وتتغلب على شكها في إحدى الكليات. وقد استنتجت أن القوة الداخلية التي حررت روح جين وأعطت حياتها معنى جميلاً وهدفاً وإنجازاً، لا بد أنها نائمة فينا جميعاً.