المصدر الذي ينبثق منه العالم والعقل وإليه يعودان هو الواقع، الذي لا يتصاعد ولا يخمد. »رامانا ماهاريشي» (Ramana Maharishi) «أنا لست في العالم؛ بل العالم داخلي» . أن هذا الإعلان الجريء لليوغي القديم قدم التعبير عن الحقيقة الدائمة بأن الكون المادي، أجسادنا الطبيعية والأفكار التي تشغل أذهاننا هي تعابير عن مجال ضمني غير محدود من الوعي- تعكس كلمة «أنا» في ذلك القول الجريء تحول في المرجع الداخلي للباحث من «الأنا المغلفة بالجلد» (skin-encapsulated) (أي الجسد) إلى الروح الممتدة. لقد وضع هؤلاء المكتشفون الحقيقيون للوعي مسارا لنا كي نتبعه مسار اليوغا. وهو المسار الذي نتبعه الآن.

نحن مسرورون جدا للقبول المتزايد في الغرب للفلسفة والممارسات المنسوبة عاده للشرق. من خلال كتبنا، محاضراتنا وورشاتنا كنا نشارك بفهمنا وخبراتنا في تقاليد حكمة الفيدية واليوغية vedicb) لأننا نعتقد بأن لهذه المعرفة قيمة عالمية.

تماما كما يسلم ويقر الجميع بأنه لا يجري العمل وفقا للجاذبية في إنكلترا فقط لأن السير «إسحاق نيوتن» (Isaac Newton) (الذي اكتشف الجاذبية) كان بريطانيا أو أن نظرية ««آينشتاين» (Einstein) عن النسبية كانت متعلقة بألمانيا فقط، نرى بأن الأفكار العميقة التي جرى اكتسابها من خلال اليوغا هي قيمة لكل شخص على هذه المعمورة، بغض النظر عن العمر، الجنس أو الإرث الثقافي. أن مبادئ اليوغا ليست محدودة بالزمان أو المكان.

حينما يدرك سكان الكرة الأرضية أنفسهم بأنهم أعضاء في القرية العالمية التي تتزايد باطراد، فالأفكار التي كانت مرفوضة من الجميع إلا قلة من الرحالة المختصين بالفضاء الداخلي للنفس منذ ثلاثين عاما سابقة تتردد الآن في وعينا الجمعي- بالعودة إلى الوراء قليل، كان مجرد ذكر اليوغا أو التامل على أنها مكونات أساسيه لأسلوب الحياة الصحي يقود إلى السخرية وحتى الإلحاد. لكن التصورات التي أضافت قيماً حقيقياً للحياة قد وجدت طريقها أخيرا من خلال الوعي الإنساني.

وقد عبر عن ذلك الفيلسوف الألماني الكبير، ««آرثر شوبنهاور)) (Arthur Schopenhauer) قائلأ: «تمر كل فكرة عظيمة بثلاثة مراحل قبل أن تصبح مقبولة. في البداية ترفض، في المرحلة الثانية يسخر منها، وفي المرحل الثالثة تصبح بديهية وبينة بحد ذاتها» . فالقيمة التي تقدمها اليوغا للجسد، العقل والروح تتضح بشكل أكبر لأشخاص كثر في أمريكا الشمالية وحول تمتد علاقتنا مع اليوغا لأكثر من ثلاثة عقود لقد تعلمنا باكرا في رحلتنا الروحية قيمة التبديل بين «الأساناس» (asanas)؛ وضعيات اليوغا، «براناياما» (pranayama)؛ تمارين التنفس، والتأمل لترسيخ الوعي خلال قضاء وقت طويل في الصمت. وفي دورة «إغواء الروح» (-Seduc ion of ¡Spirit؛)، وهي دورة مكثفه لتعليم التأمل تقام مرتان سنويا في مركز «شوبرا» (Chopra)، كنا نرى بشكل متكرر الفوائد التي كانت تجلبها الحركات التي كانت تمارس عن وعي إلى ضيوفنا، عندما كان يحول تركيزهم نحو الداخل لساعات كل يوم. ونتيجه لتجربتنا الشخصية ولتجارب الآلاف الذين شاركونا هذه الدورة التعليمية، قد ظهر هذا الكتاب.

تهيأ لك المعلومات والتجارب المعروضة في هذا الكتاب الطريق لتوسيع وعيك عن العلاقة بين شخصيتك وعالمك. إن كوكبنا بحاجة للشفاء والتحول. ومع انفجار النمو السكاني، تبدو آثار الأقدام البشرية على هذا الكوكب أكبر كل يوم. والناس الذين يفهمون العلاقة بين الخيارات الشخصية والجمعية لا  يمكنهم أن يتجاهلوا مسائل العدالة الاجتماعية، الفروق الاقتصادية، التمزقات البيئية والصراعات الثقافية. ومن حين لآخر، تبدو تحديات عصرنا جارفه وبعيدة عن التأثر بالغايات الشخصية. نحن نعتقد، على كل حال، بأن كل منا لديه الفرصة للمساهمة في خلق عالم وأفضل من خلال الخيارات الشخصية التي يتخذها على أساس يومي. من خلال القوانين الروحية السبعة لبرنامج اليوغا، سوف تعزز الدمج بين جسدك وعقلك وتطوير التمرن على المحافظة على التوازن والمرونة وسط التحديات. كما ستحقق دخول أكبر نحو إبداعك ووجدانك وتصبح واعيا للطريقة التي تؤثر وتتأثر أفكارك، كلماتك وأفعالك الشخصية ببيئتك. وكنتيجه  لهذا الوعي، سوف تساهم في اليقظة الجمعية للوعي العالمي.

لقد أسسنا عملنا ككل في مركز شوبرا على المبدأ الرئيسي القائل بأن الوعي والإدراك هو القوة الرئيسية في الكون. يؤدي الوعي إلى ظهور الفكر؛ ويثير الفكر الفعل. كل التغيرات تبدأ بالوعي وعي الوضع الراهن، وعي إمكانية ظهور شيء أعظم، وعلى وعي الإبداع غير المحدود الذي يوجد داخلنا ويحفز التحول الذي نريد رؤيته لأنفسنا وللأجيال القادمة.

ليس منذ زمن بعيد كان يبدو مستغربا أن يجري الحد من التدخين في الأماكن العامة وأن ترعى شركات التدخين الإعلانات العامة التي تحث على الامتناع عن التدخين، لكن ظهر هذا التحول في الوعي عندما قررت فئه كبيرة؛ من الناس بأنهم لن يتسامحوا أكثر مع السلوك الذين يؤذي الكثيرين ويفيد قله. وبطريقه مشابهه، نتوقع أن يغير الكثير من الناس موقفهم الداخلي من [ما الذي يناسبني؟] إلى [كيف أستطيع أن أساعدهم؟] سوف نرى إحساسا متزايدا بالمسئولية الشخصية والجمعية عن الخيارات التي توجه مستقبل كوكبنا. وكلنا أمل بألا تكون ونتيجة التغيرات التي مررت بها خلال ممارستكللقوانين الروحية السبعة لبرنامج اليوغا، قادرا على مقاومة الدافع للمساهمة في شفاء وتحول الإنسانية والعالم.

كانت الاستجابة الأولية للقوانين الروحية السبعة لبرنامج اليوغا محمسا ولذلك طورنا برنامج تدريب لليوغا بالنسبة لأولئك المهتمين بنقل هذه المعرفة والممارسة إلى مجتمعاتهم. من المبتدئين إلى المعلمين الخبراء في اليوغا، يتعلم الناس حول العالم كيف يعلمون الآخرين المبادئ والتكنولوجيا التي تساعدهم في تطبيق الحكمة العميقة لليوغا في الحياة اليومية. إذا كان لديك الرغبة، بعد تجريبك لوحدك الطاقة التحولية لهذا البرنامج، في مشاركة هذه المعرفة مع الآخرين، فنحن نرحب بمشاركتك. معا، يمكننا أن نذكر أفراد عائلتنا الكونية بأن كل شخص منا يستطيع أن يساهم في السلام والانسجام في العالم عبر إيقاظ هذه السمات في داخلنا .

مع حبنا وتقديرنا لكم،

ديباك وديفيد