يحدد معظم الناس أنفسهم بعقلهم وإدراكهم، و الأنا الخاصة بهم، والتي هي مكونات الجسد الخفي ويشتهر الفيلسوف الفرنسي من القرن السابع عشر «رينى ديكارت» (Rene Descartes) بقوله: (Cogito, ergo sum) أي (أنا أفكر، إذا أنا موجود). ويواصل الناس اعتقادهم بأنهم موجودين بعقولهم، لكن يشجعنا شانكارا على الإدراك بأن مكونات جسدنا الخفي هي ببساطة أغلفة لأرواحنا.

ووفقا لهذا الإطار، فالعقل هو مستودع الانفعالات الحسية. عندما تسمع صوتا، تشعر بإحساس معين، ترى مشهدا، تتذوق نكهة ما، أو تشم رائحه، عندها تسجل هذه التجربة الشعورية في وعيك عند مستوى تكوينك ويدعى «مانومايا كوشا» manomaya kosha)). يجول العقل عبر حالا مختلفة من الوعي، وتتغير تجاربك الشعورية بتلك الحالات المتغيرة.

فالانطباعات التي تدخل إلى وعيك وإدراكك خلال حالة اليقظة مختلفة عن تلك الناشئة خلال الحلم. تذكرنا اليوغا أن الواقع يختلف في حالات متنوعة من لإدراك وهي مصافي أو فلاتر متنوعه لطبقة العقل.

الطبقة أو الشكل الثاني للجسم الخفي هو الإدراك، المعروف د «بوديمايا كوشا» (buddhimaya kosha) إنها حالة العقل القادر على التمييز.
سواء كنت تحاول اختيار أي نوعية من معجون الأسنان هي الأفضل لشرائها، أو أي شريك ستختار، أو أي منزل ستشتري، فإن عقلك وقدرتك على الإدراك هي في حالة عمار، كما أنه يحاول أن يحسب منافع ومساوئ كل اختيار قد رسوت عليه. تقوم هذه الطبقة بدمج المعلومات المبنية على معتقداتك ومشاعرك للوصول إلى القرار. ووفقا لليوغا، فإن الهدف المطلق أو النهائي لهذه الطبقة العقلية هو تمييز ما هو حقيقي عما هو مزيف . فالحقيقي هو ذلك الذي لا يمكن حسابه بينما المزيف هو ما له بداية و نهايه يصل إليها. وبالتالي معرفة الفرق هو جوهر اليوغا.

الطبقة الثالثة من العقل الخفي هي «الأنا» (ego). وتعرف الأنا في اليوغا ب «أها نكارا» (ahankara)، والتي تعني «أنا السابقة». ووفقا لشانكارا، فإن الأنا هي تلك الحالة من كينونتك التي تتحدد بأوضاع وممتلكات حياتك. إنها في النهاية صورتك الذاتية أي الطريقة التي تريد أن تصور فيها ذاتك بالنسبة لنفسك وللعالم الذي أنت فيه.

فالأنا هي المكون الفاصل الذي يحاول أن يؤكد على الملكية من خلال مفاهيم «أنا» ، «على»، «لي»، و يخصني» . تبحث الأنا عن الطمأنينة من خلال السيطرة وغالبا أن لديها حاجة متجذرة بالأعماق لنيل الرضا والاستحسان.
وبالتالي فإن معظم الألم العاطفي الذي تعانيه هو نتيجة لذاتك التي تعرضت للأذى لأنها اعتقدت بأن شيئا ما كان تحت السيطرة واكتشفت أنه كان خارج سلطتك فعليا.

من السهل أن تكون تائها في ذلك الجسد الخفي، مع ارتباطاته بالقواعد، العلاقات، والأهداف، لكن يشجعنا شانكارا للذهاب أبعد في ذلك. إن تحرير الجسد والعقل يفتح المجال أمام إمكانية تجريب حالة كينونتك التي تتجاوز حدودك المعتادة. هذا هو ملكوت الروح، والذي يسميه شانكارا عادة بالجسم السببي.