فيروس العوز الناعي المكتسب (ف ع م م)

  ينتمي ف ع م م لمجموعة فيروسات ر ن أ RNA ويحيطه جدار خارجي تخرج من المستقبلات، بينما تشغل المادة الوراثية RNA والأنزيمات التي يحتاجها لبدء دورة حياته مركز الفيروس ويحيط بهما كبسولة بروتينية

 

تركيب الفيروس

  الجدار الخارجي يتكون من بروتين دهني (Lipoprotein) ويحيط بباقي مكونات الفيروس.

  يخرج الجدار الخارجي تكوين يشبه عصا الطبلة ذو جزأين أحدهما طويل (البروتين المستقبل ج ب 41) والآخر مكور (البروتين المستقبل ب 120) وتفيد تلك المستقبلات في اتصال الفيروس بعالمه الخارجي والالتصاق بالخلايا تمهيدا لاختراقها. وتعتبر البروتينات المستقبلة إحدى معجزات الخلق لا تسمح بدخول الخلية أو الالتصاق بها إلا لمركبات بعينها، ويمكن تشبيه هذا الوضع بالمفتاح وكالونه ولكل كالون مفتاح معين يفتحه دون غير. يلعب البروتين المستقبل ج ب 120 دور المفتاح بينما يقوم بروتين CD4 الموجود على جدار الخلايا اللمفية ت بدور الكالون.

  المادة الوراثية للفيروس ذات شكل حلزوني مكونة من شريطين من الحمض النووي ر ن أ (RNA) وتحمل جميع الصفات الوراثية للفيروس (الأوامر الخاصة بتكوين أجزاء الفيروس اللازمة للتكاثر).

  إنزيمات يحتاجها الفيروس في بعض مراحل دورة حياته أهمها إنزيم (RT) (Reverse transcriptase) وانزيم بروتييز(Protease).

  الكبسولة المحيطة بالمادة النووية وهي مكونة من بروتين ب24 وتحيط بكل من المادة النووية للفيروس وإنزيماته.

 

إلى أي مدى يتحمل فيروس ع م م البقاء خارج الجسم

  يستطيع ف ع م م أن يبقى حيا خارج الجسم لمدد قصيرة وتحت ظروف خاصة، لذا يسهل تدميره والقضاء عليه ومنعه من الانتقال بطرق غير مباشرة (أي عبر وسيط). وتقتله الحرارة والجفاف والمطهرات العادية في دقائق قليلة (راجع جدول رقم 4) ومنه يتضح أن نقل المرض عن طريق أدوات الحلاقة وغيرها يتطلب ظروفا استثنائية.

 

جدول رقم 4

طرق القضاء على فيروس ع م م خارج الجسم

درجة حرارة 56مئوية

10 دقائق

درجة حرارة 100 مئوية

أقل من دقيقة

كحول 60%

دقائق قليلة

محلول كلور مخفف

دقائق قليلة

محلول بيتادين

أقل من دقيقة

محلول فينيك

أقل من دقيقة

الصابون والمنظفات القلوية

دقائق قليلة

 

 

انتقال العدوى

    بينت الأبحاث العلمية وجود فيروس العوز المناعي البشري (ف. ع. م. ب) في العديد من سوائل الجسم مثل الدم والسائل المنوي وإفرازات عنق الرحم والمهبل وكذا لبن الأمهات بالإضافة إلى الدموع واللعاب والبول. ويختلف تركيز الفيروس من سائل لآخر (يقاس بدد الفيروسات في الملليمتر المكعب ويسمى الحمل الفيروسي). يتغير الحمل الفيروسي خلال مراحل المرض. وكلما ازداد التركيز كان سائل الجسم معديا وهناك سوائل يرتفع فيها تركيز الفيروس مثل الدم والمني وإفرازات الرحم فتقل العدوى بينما يكون التركيز منخفضا في سوائل أخرى وبالتالي لا تنتقل العدوى بواسطتها مثل الدموع واللعاب ورذاذ الأنف.

 

 

أهم طرق انتقال العدوى

1-الاتصال الجنسي مع مصاب بالمرض هو أكثر الوسائل انتشارا، فينتقل الفيروس للمرأة مع السائل المنوي للرجل ومن المرأة المصابة للرجل مع إفرازات المهبل. والجماع الشرجي أكثر خطورة في نقل العدوى لما يصاحبه من تشقق في الأنسجة. وقد تنتقل العدوى نتيجة جماع فموي لو ابتلع السائل المنوي والعكس غير صحيح لاحتواء اللعاب على كميات ضئيلة من الفيروس لا تكفي لنقل العدوى.

2-نقل دم ملوث بالفيروس: يعتبر نقل الدم من أكفأ الطرق في نقل الفيروس. تسببت تلك الطريقة في نقل العدوى في بداية الوباء، غير أنه سرعان ما تنبهت الهيئات الصحية على مستوي العالم إلى ذلك الخطر الداهم واتخذت جميع الإجراءات التي تكفل نقلا آمنا للدم، وكانت مصر من أوليات الدول في تطبيق تلك الإجراءات.

 

3-استخدام الإبر والسرنجات الملوثة بالفيروس وتنتشر تلك الطريقة بين مدمني المخدرات حيث يتبادلون التعاطي عن طريق نفس المحقن، ويفسر سرعة انتشار المرض بين أفراد تلك الفئة، فإذا أضفنا إلى ذلك السلوك الجنسي المستهتر السائد بينهم لوضح أهميته كمصدر رئيسي لنشر الأمراض المنقولة جنسيا.

 

4- من الأم للطفل: ينتقل الفيروس بثلاثة طرق أولاها: تسرب الفيروس أثناء الحمل من دم الأم المصابة للطفل عن طريق المشيمة. ثانيها: خلال عملية الولادة حين يختلط جلد المولود بدم الأم وإفرازاتها، وأخيرا: عن طريق الرضاعة الطبيعية.

 

كفاءة الطرق المختلفة في نقل العدوى

  نستنبط من جدول رقم 5 أن لكل طريقة قدرة على نقل العدوى تختلف عن الأخرى، ونود أن نلفت النظر إلى أن تلك النسب تمثل احتمالات الانتقال عند حدوث تعرض واحد، أما إذا تكرر التعرض فسوف تزيد احتمالات العدوى وقد يتطرق إلى التفكير أن مادام احتمال العدوى من تعرض واحد بسيطا فلا بأس من المغامرة ويشبه هذا المنطق لعبة الرهان المسماة "الروليت الروسية" التي يطلق فيها المرتهن على رأسه مسدسا تحتوى خزنته طلقة واحدة بينما تخلو باقي الخزنة فيكون نصيبه الموت الأكيد (احتمال 6:1)، وأتذكر في هذا الصدد مريضا لي أصيب بالإيدز من تجربة جنسية وحيدة قام بها أثناء إحدى رحلاته في الخارج ولم يكررها.

جدول رقم (5)

احتمالات انتقال العدوى نتيجة تعرض وحيد

الطريقة

الاحتمال

اتصال جنسي عن طريق المهبل

0,01%

اتصال جنسي عن طريق الشرج

1,0%

طريق الحقن

0,5-1%

نقل الدم

90<%

عن طريق شكة إبرة عارضة

1-0,1 %

 

 

  لعب الانتقال الرأسي (من الأم لطفلها) دورا رئيسيا في انتشار الإيدز في أطفال أفريقيا حيث لم يكن من الممكن منع الأمهات من إرضاع أطفالهن حيث لا يوجد بديل لذلك في ظروف الفقر المدقع المنتشر هناك. كما تسبب نقل الدم ومشتقاته في إصابة العديد من الأبرياء في الماضي قبل تطبيق نظام الدم الآمن عالميا، خاصة في بعض الدول العربية التي كانت تستورده من الخارج.

أثبتت الدراسات التي أجريت على مرضى الإيدز على مستوى العالم أن التقاط العدوى تم في معظم الأحوال عن طريق الاتصال الجنسي المهبلي (70%) وفي 10% من الحالات عن طريق الاتصال الشاذ (الشرجي) وفي 10% نتيجة تبادل المحقن بين مدمني المخدرات أما بواسطة نقل الدم ومشتقاته فلم تتجاوز النسبة 4%، نتيجة التطبيق المبكر لنظام الدم الآمن.

 

دورة حياة فيروس ع م م وطريقة تكاثره (شكل رقم 4)

(راجع الصفحات الملونة)

1-عندما يلتقي فيروس ع م م بإحدى الخلايا التي تحمل مستقبل (CD4) على سطحها فإنه سرعان ما يلتصق بها بواسطة بروتينه المستقبل ج ب 120 لتوافق كلا المستقبلين.

2-يقترب الفيروس من جدار الخلية حين يتحد البروتين المستقبل ج ب41 بمستقبل مساعد يسمى (CRX5) بحيث يندمج جدارا الفيروس و الخلية مما يمكنه من دخول سيتوبلازم الخلية مستهدفا النواة.

3-يفقد الفيروس طبقته الخارجية.

4-يتولى إنزيم (RT) تحويل المادة الوراثية للفيروس من ر ن أ إلى د ن أ حتى يمكنها الاتحاد والتكامل مع المادة الوراثية للخلية.

5-تدخل المادة الوراثية للفيروس نواة الخلية وتسخرها لتصنيع مكونات الفيروس بدلا من تصنيع احتياجاتها الخاصة.  تعتبر المادة النووية د ن ا (DNA) حاملة لشفرة الحياة وهي التي تعطي الأوامر لجهاز الخلية كي يصنع احتياجاتها من بروتينات بنيوية وإنزيمات وجيناتها، وعندما يحتلها الفيروس فإنها تعطي أوامر لتصنيع مكونات الفيروس بدلا من مكوناتها الطبيعية (بروتيناتها البنيوية وإنزيماتها مادتها الوراثية) فتضطرب وظائفها لتموت في النهاية.

6-يتم تجميع مكونات الفيروس المصنعة حديثا وتركيبها وبذا يتخلق فيروس جديد. يغادر الفيروس الوليد من جادر الخلية ليهاجم خلية أخرى ويبدأ دورة جديدة من دورات إكثار النوع. يلزم البروتينات المصنعة بعض التحوير قبل تجميعها وتركيبها ويتولى إنزيم بروتييز تلك العملية المهمة.

7-تتم عملية تكاثر الفيروس بسرعة فائقة وينتج عن الجزيء الواحد آلاف الجزيئات خلا ساعات قليلة وتقدر كميات الفيروس التي تنتج يوميا بالبلايين وخلال التكاثر المحموم تتكون سلالات جديدة تختلف عن الفيروس الأصلي في الخصائص تسمى طفرات. تسبب كثرة الطفرات مشاكل في العلاج وفي إنتاج الطعوم الواقية.

    تعد التحولات الإنزيمات (خطوة 4 و6) أضعف حلقات سلسلة دورة التكاثر وتعتمد العقاقير المضادة لفيروس ع م م على توقيف وإحباط أثر الإنزيم وبذلك تقطع دورة حياته. تنحصر مضادات فيروس ع م م في مجموعتين أساسيتين: مضادات إنزيم (RT) والأخرى مضادات إنزيم بروتييز.