ولا خيار لنا سوى وضع الأنا - مركز قوة الإرادة - في المقام الأول؛ لأن قوة الإرادة يمكنها التحكم في جميع أقسام العقل، وهي تدعى ب"المحكمة العليا للعقل"، والتي تعد قراراتها نهائية ولا تقبل الطعن من أية محكمة عليا أخرى.

وملكة العواطف تحتل المقام الثاني؛ حيث إنه من المعروف جيدا أن العواطف تسيطر على الناس، ولهذا فهي تحتل المرتبة الثانية بعد "المحكمة العليا".

وتحتل ملكة المنطق المقام الثالث من حيث الأهمية لكونها السلطة المعدلة التي يمكن من خلالها إعداد الفعل العاطفي للاستخدام الآمن. والعقل "المتوازن جيدا" هو العقل الذي يمثل موازنة بين ملكة العواطف وملكة المنطق. وعادة ما تتحقق هذه الموازنة بواسطة قوة "المحكمة العليا"، وملكة الإرادة.

وملكة الإرادة تقرر اتخاذ جانب العواطف أحيانا، وتضع سلطتها في جانب ملكة المنطق أحيانا أخرى. ولكن دائما ما يكون لها القول الفصل، وأيًّا كان الجانب الذي تدعمه يكون هو الجانب الفائز في كل النزاعات بين المنطق والعواطف. ويا له من نظام رائع!

وقد منحت ملكة الخيال المقام الرابع، حيث إنها هي القسم الذي ينشئ أفكار وخطط وطرق ووسائل تحقيق الأهداف المنشودة، وجميعها تلهم بملكة العواطف أو ملكة الإرادة.

ويمكننا أن نقول إن ملكة الخيال تخدم العقل كـ "لجنة لخلق الطرق والوسائل"، ولكنها غالباً ما تعمل بمفردها وتنطلق في جولات استكشافية رائعة لأماكن لا عمل لملكة الإرادة فيها. وخلال هذه الجولات الملهمة ذاتياً، ينال الخيال الرضا، والتعاون، والتشجيع التام من قبل العواطف، والتي تعد السبب الرئيسي في ضرورة فحص ملكة المنطق بدقة لكل الرغبات التي ترجع أصولها إلى العواطف - وأن تدحض هذه الرغبات بقوة الإرادة إذا تطلب الأمر ذلك.

وعندما تخرج العواطف والخيال عن نطاق مراقبة المنطق وسيطرة الإرادة، فإنهما يشبهان صبيين عابثين قررا لعب الهوكي في المدرسة، أو العبث بحوض الاستحمام القديم، أو بحوض زراعة البطيخ الخاص بالجيران.

ولن توجد صورة من صور الإخفاق إلا ولهما فيها نصيب ولهذا، فهما يتطلبان انضباطاً ذاتياً أكبر من بقية قوى العقل.

والقسمان الآخران - أي الضمير والذاكرة - يعدان إضافة ضرورية للعقل، وبما أنهما مهمان فهما يقعان في نهاية القائمة، حيث يوجدان.

 وقد أولي العقل الباطن مكانة تعلو فوق أقسام العقل السنة كلها لأنه هو الرابط بين العقل الواعي والذكاء المطلق، والأداة التي تتلقى بها كل أقسام العقل قوة الفكر.

والعقل الباطن لا يخضع لسيطرة شيء، ولكنه يخضع للتأثير بالوسائل التي سنصفها هنا. وهو يعمل وفق أسلوبه الخاص، وعلى نحو تطوعي، رغم أنه يمكن تسريع عمله بالعواطف الحادة، أو بتطبيق قوة الإرادة بشكل عالي التركيز.

والرغبة المتقدة الكامنة وراء الغابة الكبرى المحددة قد تحفز عمل العقل الباطن وتسرع من عملياته.