ننتقل الآن إلى استعراض موجز للسبعة عشر مبدأ تلك، حتى يتسنى لنا فهم علاقتها بقوة العادة الكونية. ولنلاحظ كيف أن هذه المبادئ شديدة الارتباط ببعضها لدرجة أنها تندمج ما مكونة المفتاح الرئيسي الذي تفتح به الأبواب على حول لكل المشكلات.

ويبدأ تحليلنا بأول مبدأ من مبادئ الفلسفة:

(1) عادة بذل المزيد من الجهد

نعطي هذا المبدأ الأولوية لأنه يساعد على تهيئة العقل على تقديم خدمات نافعة. وهذه التهيئة تمهد الطريق للمبدأ الثاني:

(2) الغاية المحددة

بمساعدة هذا المبدأ، يمكن للمرء أن يقدم توجيهات منظمة لمبدأ بذل المزيد من الجهد، ولتحرص على أن يقودك هذا المبدأ إلى غايتك الكبرى وأن يصبح ذا آثار تراكمية. ويمكن لهذين المبدئين وحدهما أن يصعدا بالمرء إلى درجات عليا في سلم الإنجازات، ولكن من يصورون نحو أهداف أعلى في الحياة سوف يكونون بحاجة إلى كثير من المساعدة طوال الطريق، وهذه المساعدة متاحة من خلال تطبيق المبدأ الثالث:

(ج) العقل المدبر

  من خلال تطبيق هذا المبدأ سيبدأ المرء في تجربة إحساس جديد وأعظم بالقوة التي لا تتاح للعقل الفردي، حيث إن هذا المبدأ يسد النقائص الشخصية ويقدم للمرء - عند الضرورة - أي مقدار من المعرفة الإنسانية المتراكمة التي جمعت عبر العصور. ولكن هذا الإحساس بالقوة لن يكتمل حتى يكتسب المرء فن تلقي الإرشاد من خلال المبدأ الرابع

د) الإيمان العملي

يبدأ الفرد هنا في الانسجام مع القوى الخاصة بالذكاء المطلق، والذي يعد منفعة متاحة فقط لمن هيأوا عقولهم لتلقيها. ويبدأ الأفراد هنا في تولي التحكم التام في عقولهم بالسيطرة على كل المخاوف، وأوجه القلق، والشكوك، وبادراك تطابقها    مع مصر كل القوى.

قانون قوة العادة الكونية

وقد حقت تسمية هذه المبادئ الأربعة ب "المبادئ الأربعة الكبرى"، لأنها قادرة على تقديم قوة تفوق ما يحتاج إليه المرء العادي ليبلغ درجات عليا من الإنجاز الشخصي. ولكنها مناسبة فقط لقلة من الناس ممن لديهم صفات أخرى مطلوبة للنجاح، مثل تلك التي يقدمها المبدأ الخامس:

(ه) الشخصية المحببة

إن الشخصية المحببة تمكن المرء من الترويج لنفسه ولأفكاره لدى الآخرين، ومن ثم فهي ضرورية لكل من يرغبون في أن يصبحوا أصحاب التأثير التوجيهي في تحالفات العقل المدبر الخاصة بهم، ولكن فلتلاحظ جيدا كيف تمنح تلك المبادئ الأربعة السابقة بالتحديد المرء شخصية محببة. وهذه المبادئ الخمسة قادرة على تزويد المرء بقوة شخصية هائلة، ولكنها ليست قوة كافية لدفع الإخفاقات، لأن الإخفاقات هي ظروف يمر بها المرء عدة مرات طوال حياته، ومن ثم هناك ضرورة لتفهم المبدأ السادس وتطبيقه، وهو:

(و) عادة التعلم من الاخفاقات

لاحظ أن هذا المبدأ يبدأ بكلمة "عادة"، والتي تعني أنه يجب قبوله وتطبيقه كعادة، وفي ظل كل الإخفاقات. وقد يوجد في هذا المبدأ أمل كاف لإلهام المرء أن يبدأ بداية جديدة عندما تفسد خططه، حيث لا بد أن تفسد الخطط في وقت ما.

ولاحظ مدى تزايد مصدر القوى الشخصية بدرجة عظيمة من خلال تطبيق هذه المبادئ الستة. ومن طبقوها اكتشفوا إلى أين هم ذاهبون في الحياة، ونالوا التعاون الودي من كل من خدماتهم ضرورية لمساعدتهم على الوصول إلى أهدافهم وأصبحوا محببين، وبهذه الطريقة ضمنوا الحصول على تعاون مستمر من الآخرين، واكتسبوا فن الاستفادة بمصدر الذكاء المطلق والتعبير عن هذه القوة من خلال الإيمان العملي؛ وتعلموا أن يبنوا أعتابا بحجارة الإخفاقات الشخصية. ورغم كل هذه المميزات، فإن من لديه غاية كبرى محددة تقوده إلى مراتب أعلى من الإنجازات الشخصية سوف يصل عدة مرات في حياته المهنية إلى مرحلة يكون فيها بحاجة إلى منافع المبدأ السابع:

(ز) الرؤية الإبداعية

يمكن هذا المبدأ المرء من النظر في المستقبل والحكم عليه من خلال مقارنته بالماضي، ومن وضع خطط جديدة وأفضل لتحقيق الآمال والأهداف من خلال ورش عمل الخيال. وهنا، وربما لأول مرة، قد يكتشف المرء حاسته السادسة ويبدأ الاستفادة بها للحصول على المعرفة التي لا تتاح من خلال المصادر المنظمة للخيرة الإنسانية والمعرفة المجموعة، ولكن لكي يتأكد المرء من أن هذه المنفعة مهيأة للاستخدام العملي، فعليه اعتناق المبدأ الثامن وتطبيقه، وهو:

(ح) المبادرة الشخصية

هذا هو المبدأ الذي يشعل فتيل العمل ويحركه نحو تحقيق غايات محددة، ويحفظ المرء من عادات التأجيل، واللامبالاة، والكسل المدمرة. ويمكن رسم تقريب الأهمية هذا المبدأ بإدراك أنه هو "المكون للعادات" فيما يتعلق بالسبعة مبادئ السابقة، لأن من الواضح أنه لا يمكن أن يصبح تطبيق أي مبدأ عادة إلا بتطبيق مبدأ المبادرة الشخصية. وقد يمكن تقييم أهمية هذا المبدأ على نحو أعظم بإدراكنا أنه هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن للمرء بها ممارسة التحكم التام والكامل على الشيء الوحيد الذي وهبنا الخالق القدرة على التحكم فيه، ألا وهو قوة أفكارنا.

والأفكار لا تنظم وتوجه نفسها، بل تحتاج إلى التوجيه، والإلهام، والمساعدة، والتي لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال المبادرة الشخصية.

ولكن قد يساء توجيه المبادرة الشخصية أحيانا، ولهذا تحتاج إلى توجيه إضافي يتاح من خلال المبدأ التاسع:

(ط) التفكير الدقيق

إن التفكير الدقيق لا يقي المرء من إساءة توجيه المبادرة الشخصية وحسب، بل يقيه أيضاً من الأخطاء في الحكم على الأمور، والتخمين، والقرارات غير الناضجة. وهو يحمي المرء أيضا من تأثير عواطفه غير المسئولة من خلال تعديلها بقوة العقل.

قانون قوة العادة الكونية

والفرد الذي أتقن هذه المبادئ التسعة سوف يمتلك قوة هائلة، ولكن القوة الشخصية قد تكون قوة خطيرة - وغالبا ما تكون كذلك - إذا لم يتحكم فيها الفرد ويوجهها من خلال تطبيق المبدأ العاشرة

(ي) الانضباط الذاتي

لا يمكن امتلاك الانضباط الذاتي بمجرد الرغبة في ذلك، ولا يمكن اكتسابه سريعا، فهو نتاج عادات منشأة ومصانة بعناية، والتي يمكن اكتسابها في الكثير من الحالات فقط من خلال بذل جهود مضنية لعدة سنوات؛ لذا وصلنا إلى المرحلة التي يجب فيها تفعيل قوة الإرادة، لأن الانضباط الذاتي نتاج للإرادة وحدها.

وهناك عدد لا يحصى من الناس ارتقوا إلى درجات عليا من السلطة بتطبيق التسعة مبادئ السابقة فقط ليبتلوا بالكوارث، أو يدفعوا الآخرين إلى الإخفاق، لافتقادهم إلى الانضباط الذاتي في استخدامهم لسلطاتهم.

وهذا المبدأ - عندما يتقن استخدامه وتطبيقه - يمنح المرء السيطرة التامة على أعدى أعدائه، ألا وهو نفسها

ويجب أن يبدأ الانضباط الذاتي بتطبيق المبدأ الحادي عشر:

(ك) تركيز المساعي

إن قوة التركيز تعد أيضا من نتاج الإرادة. وهي وثيقة الصلة بالانضباط الذاتي لدرجة أن الاثنين يسميان ب "التوأمين" في هذه الفلسفة، والتركيز يقي المرء من الإسراف في تبديد طاقاته، ويساعده على الحفاظ على انصباب تركز عقله على الغاية الكبرى المحددة إلى أن يتولاها العقل الباطن، وهناك تصبح مهيأة لتترجم إلى معادلاتها المادية، وذلك من خلال قانون قوة العادة الكونية. وهو عدسة كاميرا الخيال، التي تسجل بها تفاصيل أهداف المرء وغاياته في العقل الباطن؛ ومن ثم فهو لا غنى عنه.

والآن، انظر مرة أخرى، ولتر مدى عظم تنامي قوة المرء الشخصية من خلال تطبيق هذه المبادئ الأحد عشر. ولكن حتى هذه المبادئ غير كافية لكل ظرف من ظروف الحياة، لأن هناك أوقاتا يكون على المرء فيها الحصول على تعاون ودي

من عديد من الناس مثل العملاء في العمل. أو الزبائن في مهنة، أو الأصوات في الانتخابات التي تجرى لشغل منصب عام، والتي يمكن الحصول عليها جميعا من خلال تطبيق المبدأ الثاني عشر:

(ل) التعاون

يختلف مبدأ التعاون عن مبدأ العقل المدبر في كون العلاقة الإنسانية هي التي تكون ضرورية فيه، ويمكن الحصول عليها دون إقامة تحالف معين مع الآخرين، ويكون ذلك بناء على اندماج تام بين العقول من أجل تحقيق غاية محددة.

وبدون تعاون الآخرين، لا يمكن للمرء تحقيق النجاح بمراتب أعلى من الإنجاز الشخصي، لأن التعاون هو وسيلة ذات قيمة كبرى تمكن المرء من توسيع الحيز الذي يشغله في عقول الآخرين، والذي يعرف أحيانا ب "المودة". والتعاون الودي يجعل عملاء المتجر يترددون عليه مرارا وتكرارا. ومن ثم فهو مبدأ ينتمي بشكل محدد إلى فلسفة الناجحين، بغض النظر عن الوظائف التي يشغلونها.

ويمكن الحصول على التعاون طواعية ودون مقابل من خلال تطبيق المبدأ الثالث عشر:

(م) الحماس

الحماس حالة عقلية معدية لا تساعد المرء على كسب تعاون الآخرين وحسب، بل الأهم من ذلك أنها تلهمه الاستفادة من قوة خياله واستخدامها. وتلهمه العمل أيضا على التعبير عن المبادرة الشخصية، وتؤدي إلى اكتساب عادة تركيز المساعي. وفضلا عن ذلك، فهي تعد من أهم الصفات التي تكون الشخصية المحببة، وتيسر تطبيق مبدأ بذل المزيد من الجهد. علاوة على كل هذه المنافع، يمنح الحماس الناس قوة وايمان راسخين

    والحماس نتاج دافع معين، ولكن يصعب الحفاظ عليه دون مساعدة المبدأ الرابع عشر:

قانون قوة العادة الكونية

(ن) عادة الصحة

إن الصحة البدنية السليمة توفر مسكنا مناسبا للعقل، ومن ثم فهي ضرورية للنجاح الدائم - على افتراض أن كلمة "نجاح" تشمل كل متطلبات السعادة.

وتتضح لنا كلمة "عادة" مرة أخرى هنا، فالصحة السليمة تبدأ ب "وعي صحي" لا يمكن اكتسابه إلا بعادات حياتية صحيحة يداوم عليها المرء من خلال الانضباط الذاتي.

والصحة السليمة توفر الأساس للحماس، والحماس يشجع على التحلي بصحة سليمة، ولهذا فهما كالدجاجة والبيضة، أي لا يمكن لأحد أن يحدد أيهما أسبق في الوجود، ولكن الجميع يعلمون أن كل منهما ضروري لنشوء الآخر. والصحة والحماس هكذا. وكلاهما ضروري لتقدم البشر وسعادتهم.

     والآن، فلتقم بعملية جرد أخرى وتحسب مكاسب القوة التي يحققها المرء بتطبيق هذه المبادئ الأربعة عشر. وقد بلغت هذه القوة مقدارا مذهلا بدرجة تفوق الخيال، ولكنها ليست كافية لضمان عدم تعرض المرء للفشل، ولهذا علينا إضافة المبدأ الخامس عشر:

(س) وضع ميزانية للوقت والمال

يشعر المرء بصداع عند ذكر توفير الوقت والمال. ويتمنى الجميع تقريبا أن ينفقوا الوقت والمال بحرية، أما وضع ميزانية لهما وتوفيرهما فلا ولكن استقلال الجسد والعقل وحريتهما - وهما من أعظم رغبات البشر. لا يمكن أن تصبحا واقعاً دائماً دون الانضباط الذاتي وفقا لمنظومة ميزانية حازمة. ومن ثم فهذا المبدأ ضروري لكونه عنصراً أساسياً مهماً في فلسفة الإنجاز الفردي.

   والآن، نحن على وشك الوصول إلى النهاية فيما يتعلق بنيل القوة الشخصية. وقد تعرفنا على مصادر القوة وكيفية الاستفادة بها وتطبيقها متى شئنا لتحقيق أية غاية منشودة، وأن تلك القوة عظيمة جدا لدرجة أن لا شيء يمكنه مقاومتها سوى تطبيق الأفراد لهذه القوة بغير حكمة لتدميرهم وتدمير الآخرين. ولكي يهتدي المرء إلى الاستخدام الصحيح للقوة، فمن الضروري إضافة المبدأ السادس عشر:

(ع) تطبيق القاعدة الذهبية

لاحظ التأكيد على كلمة "تطبيق". فالاعتقاد بصحة القاعدة الذهبية ليس كافيا. فكي تنال منفعة دائمة منها، وحتى تخدمك كمرشد آمن في استخدام القوة الشخصية، يجب تطبيقها على أنها عادة، في كل العلاقات الإنسانية.

وبينما قد يبدو هذا الأمر كتعهد، فإن منافع تطبيق هذه القاعدة العميقة الخاصة بالعلاقات الإنسانية تستحق الجهود الضرورية المبذولة فيها لتحويلها إلى عادة. وعقوبات الفشل في تطبيق هذه القاعدة كثيرة جدا لدرجة تجعلنا نعجز عن وصفها بالتفصيل.

والآن، قد وصلنا إلى النهاية فيما يتعلق بالقوة الشخصية، وقد قدمنا لأنفسنا الضمانات الضرورية لعدم إساءة استخدامها. وما نحتاج إليه من الآن فصاعدا هو وسيلة تكفل دوام هذه القوة طوال حياتنا. ولهذا، علينا أن نكمل هذه الفلسفة بالمبدأ الشهير الوحيد الذي يمكننا به تحقيق غايتنا المنشودة، وهو المبدأ السابع عشر والأخير من مبادئ الفلسفة:

(ف) قوة العادة الكونية

إن قوة العادة الكونية هو المبدأ الذي ترسخ به كل العادات وتصير دائمة بدرجات متفاوتة. وكما قلت، هي المبدأ المتحكم في هذه الفلسفة كلها، والذي تدمج فيه المبادئ الستة عشر السابقة وتصبح جزءا منه. وهي المبدأ المتحكم في كل قوانين الطبيعة في هذا الكون، والمبدأ الذي يضمن رسوخ عادة تطبيق المبادئ السالفة من هذه الفلسفة. ومن ثم فهي العامل المتحكم في تهيئة العقل الفردي لاكتساب "وعي بالرخاء والتعبير عنه، وهو الوعي الذي يعد ضروريا جدا لتحقيق النجاح الشخصي.

ومجرد تفهم المبادئ الستة عشر السالفة الذكر لن يقود أي أحد إلى نيل القوة الشخصية، بل يجب أن تفهم هذه المبادئ وتطبق كعادة صارمة، والعادة هي النتاج الأوحد لقانون قوة العادة الكونية.

وقوة العادة الكونية مرادفة لنهر الحياة العظيم الذي أشرنا إليه عدة مرات سابقا، لأنها تتكون من قوى سلبية وإيجابية، كما هي حال الطاقة بجميع أشكالها.

قانون قوة العادة الكونية

والتطبيق السلبي يسمى "الإيقاع التنويمي" لأن له تأثيرا منوما في كل ما يتصل به. وقد نرى آثاره بصورة ما في كل البشر، وهو الوسيلة الوحيدة التي يصير بها "الوعي بالفقر" راسخا رسوخ العادة.

وهو المؤسس لكل عادات الخوف، والحسد، والطمع، والانتقام، والرغبة في الحصول على الأشياء دون مقابل، ويقوم بترسيخ عادات اليأس واللامبالاة. وهو المؤسس لعادة الوساوس المرضية، التي يعاني خلالها ملايين الناس طوال حياتهم أمراضا وهمية.

وهو المؤسس أيضا ل " الوعي بالفشل"، الذي يضعف الثقة بالنفس لدى ملايين الناس، وباختصار، يقوم هذا التطبيق السلبي بترسيخ كل العادات السلبية، مهما كانت طبيعتها أو تأثيراتها . ومن ثم فهو يعد جانب "الفشل" في نهر الحياة العظيم

أما جانب "النجاح" في هذا النهر - أي الجانب الإيجابي - فيرسخ كل العادات البناءة مثل عادة الغاية الموحدة ، وبذل المزيد من الجهد ، وتطبيق القاعدة الذهبية على العلاقات الإنسانية، وكل العادات الأخرى التي يجب على المرء أكتسابها وتطبيقها لكي يحصل على منافع الستة عشر مبدأ السابقة الخاصة بهذه الفلسفة.

فحص لـ" العادة"

دعنا الآن نفحص كلمة "عادة". يقدم قاموس ويبستر عدة تعريفات لهذه الكلمة، ومن بينها أنها "نمط سلوكي يكتسب من خلال التكرار الدائم أو التعرض للعوامل الفسيولوجية التي تظهر نفسها بانتظام أو بسهولة متزايدة في الأداء".

ويطلعنا هذا التعريض على تفصيل إضافي مهم، ولكن لا شيء فيه يعرض وصفا للقانون الذي يرسخ العادات، ولا شك أن السبب في هذا الإغفال هو أن قانون قوة العادة الكونية لم يتكشف لمحرري هذا القاموس. ولكننا نلاحظ وجود كلمة مهمة ورائعة في تعريف قاموس ويبستر للعادة، وهذه الكلمة هي "التكرار". وهي مهمة لأنها تصف الوسيلة التي تبدأ بها أية عادة.

وعادة الغاية الموحدة - على سبيل المثال - تصبح عادة فقط من خلال تكرار التفكير في تلك الغاية، من خلال استحضار هذه الفكرة في العقل على نحو متكرر؛ ومن خلال إحالتها إلى الخيال برغبة متقدة لتحقيقها، إلى أن ينشئ الخيال خطة عملية لتحقيق هذه الغاية، ومن خلال تطبيق عادة الإيمان فيما يتصل بهذه الرغبة

وتطبيقها بقوة كبيرة وبشكل متكرر لدرجة أن المرء قد يرى نفسه مالكا بالفعل غايته المنشودة، حتى قبل أن ينالها.

وتأسيس العادات الإيجابية التطوعية يستدعي تطبيق الانضباط الذاتي، والمثابرة، وقوة الإرادة، والإيمان، وجميعها متوافرة لمن استوعب الستة عشر مبدأ من مبادئ الفلسفة. وتأسيس العادات التطوعية يمثل الانضباط الذاتي في أسمى وأرقى صور تطبيقها فكل العادات الإيجابية التطوعية نتاج لقوة الإرادة الموجهة نحو تحقيق غايات محددة. وهي تنشأ بواسطة الفرد، لا بقوة العادة الكونية. ولا بد من إرسائها في العقل من خلال تكرار الأفكار والأفعال إلى أن تتولى أمرها قوة العادة الكونية وترسخها، وبعدها ستؤدي بصورة آلية.

وكلمة "العادة" كلمة مهمة فيما يتعلق بفلسفة الإنجاز الفردي هذه، لأنها تمثل السبب الحقيقي لكل ظرف من ظروف المرء الاقتصادية، والاجتماعية، والمهنية، والوظيفية، والروحانية في الحياة. ونحن في موضعنا وعلى ما نحن عليه الآن بسبب عاداتنا الراسخة، وقد يمكننا الوصول إلى الموضع الذي نتمناه والحال التي نتمناها باکتساب عادات تطوعية والمحافظة عليها وحسب.

وهكذا، نرى أن هذه الفلسفة كلها تؤدي حتما إلى تفهم قانون قوة المادة الكونية وتطبيقه. والغاية الرئيسية من كل مبدأ من المبادئ الستة عشر هي مساعدة الفرد على اكتساب شكل معين خاص من العادات الضرورية ليحكم السيطرة على عقله. ويجب أن يصبح هذا الأمر أيضا عادة لديه.

وقوة العقل دائما ما تكون مرتبطة بفاعلية بجانب واحد من جانبي نهر الحياة. والغاية من هذه الفلسفة هي تمكين المرء من اكتساب العادات الفكرية والفعلية التي تبقي تركيز عقله منصبا على جانب "النجاح" في النهر. وهذا هو العبء الوحيد في الفلسفة.

واستيعاب الفلسفة وإتقانها - كأي شيء مرغوب فيها - له ثمن محدد لا بد من سداده قبل التمتع بمنافعها. وهذا الثمن - من بين أشياء أخرى – هو العناية والإصرار، والمثابرة، والإرادة الدائمة لجعل الحياة تسدد الثمن نيابة عن المرء بدلا من قبول الفقر، والبؤس، وخيبة الأمل البديلة لها.

وهناك طريقتان لارتباط المرء بالحياة. أما الأولي فهي أن تلعب دور الجواد بينما تمتطيك الحياة، وأما الثانية فهي أن تكون أنت الراكب بينما تلعب الحياة

قانون قوة العادة الكونية

دور الجواد. واختيار ما إذا كان المرء سيصبح جوادا أم راكبا حق ممنوح له، ولكن هناك أمر مؤكد: إذا لم يختر المرء أن يكون راكبا على الحياة، فمن المؤكد أنه سيجبر على أن يصبح جوادا. والحياة إما أن تكون راكبة أو مركوبة، فهي لا تدوم على حال واحدة.