منذ قرون عديدة، قال فيلسوف حكيم واسع الثراء يدعى "كرويسوس" والذي كان مستشار ملك الفرس "كورش"، للملك:" لقد نبهت أيها الملك - ولتع هذا الدرس جيدا- إلى أن هناك عجلة تدور فيها شئون الناس، ولدورانها آلية تمنع أي امرئ من البقاء سعيد الحظ على الدوام ".

وقد تم تأليف هذا الكتاب لمساعدتك على السيطرة والتحكم في هذه العجلة العظيمة، وإلى النهاية حتى ترغم على إمدادك بنصيب وافر من كل ما ترغب فيه، بما في ذلك الثروات العظيمة الاثنتا عشرة في الحياة التي ستوصف في الفصل الثاني.

  وتذكر، يا من سيبدأ في دراسة هذه الفلسفة، أن هذه المجلة ذاتها التي "تمنع أي امرئ من البقاء سعيد الحظ على الدوام" قد تعني أيضا أنه لا أحد يبقى تعيس الحظ على الدوام، بشرط أن يقوم المرء بتولي زمام عقله وتوجيهه إلى تحقيق غاية عظمى محددة في الحياة.

    "إنني أمنح وأورث الشعب الأمريكي الجزء الأكبر من ثروتي الواسعة، والتي تتمثل في فلسفة الإنجاز الفردي، التي جمعت من خلالها ثرواتي كلها".

    هكذا بدأت آخر وصية لواحد من أثرى الرجال الذين أنجبتهم أثرى أمة في حياتها ، وقد استخدمت هذه العبارة كبداية تمهيد لقصة قد تشكل أهم نقطة تحول في حياة كل من يقرأها.

   بدأت هذه القصة في نهاية خريف عام ۱۹۰۸، وذلك عندما استدعى "أندرو كارنيجي" رجلا يثق به، ويحترم استقامته وعدله، كي يفضي إليه بما قال السيد كارنيجي إنه " الجزء الأكبر" من ثروته الواسعة، وأوصاه بتقديم هذا الإرث للشعب الأمريكي.

  واليوم، وبعد مرور مائة عام تقريبا، دُوِّنَتْ قصته لإبلاغك بحقك في المشاركة في هذه الملكية الهائلة، ولإعلامك بالشروط التي يمكنك فعل ذلك وفقها.

   وخوفا من أن تفعل الأمر الطبيعي الذي يفعله عديد من الناس - ألا وهو التوصل إلى الاستنتاج الخطأ بأن الشروط التي ينبغي عليك الالتزام بها للانتفاع بتلك الملكية الهائلة شروط أشد صرامة من أن تمكنك من الإذعان لها - فلتسمح لي بأن أريح بالك بأن أقول لك إن هذه الشروط باستطاعة أي شخص بالغ متوسط الذكاء الإلتزام بها، وليست هناك أية خدع أو آمال خادعة سواء فيما يتعلق بالشروط أو بوعدي هذا.

ولكي تعلم ما إذا كان في هذه الوعود ما تحتاج إليه أو ترغب فيه، فلتسمح لي بأن أخبرك بهذه الوعود:

  • تقديم وصف واضح للمعادلة التي يمكنك بها تحقيق الاستفادة الكاملة من هذا الكتاب، وهو مفتاح ينبغي له أن يفتح الأبواب على حلول لكل المشكلات، وأن يساعدك على تحويل كل تجارب فشلك السالفة إلى ممتلكات ثمينة وأن يقودك إلى تحقيق الثروات العظيمة الاثنتي عشرة، بما فيها الأمان الاقتصادي.
  • تقديم قائمة بكل الثروات الواسعة التي يقدمها "أندرو كارنيجي" لتُقسَّم بين أولئك المُؤهلين لتلقيها، بالإضافة إلى توجيهات مفصلة يمكنك من خلالها تقسيم نصيبك كاملا والاستفادة به.
  • تقديم وصف للوسائل التي تمكنك من تحقيق الاستفادة الكاملة من التعليم، والخبرة، والمهارة التقنية لمن قد تحتاج إلى تعاونهم لتحقيق غايتك الكبرى في الحياة، ومن ثم تقدم لك وسائل عملية لإصلاح عيوب تعليم المنقوص، وتحقيق أعلى أهدافك في الحياة بنجاح كأولئك الذين نعموا بتعليم رسمي.
  • منح ميزة الاستفادة بفلسفة النجاح الناشئة عن الخبرات الحياتية – من خلال التجربة والخطأ - لأكثر من خمسمائة شخص ناجح من بينهم "هنري فورد"، و"توماس إيه. إديسون"، و"وليام ريجلي" الابن، و"سايروس إتش. كاي. كورتيس"، و"جيه. أوجدين آرمور"، و"إلبرت هوبارد"، و"تشارلز إم. شواب"، و"إف. دبليو، وولورث"، و"فرانك إيه. فاندرليب"، و"إدوارد بوك"، ودكتور "ألكسندر جراهام بيل"، و"كلارينس دارو"، و"لوثر بربانك". فتقدم خطة محددة يمكن لأي شخص يتقاضى راتبا أسبوعيا أو شهريا أن يزيد دخله خلالها، وبرضا تام من صاحب العمل.
  • تقديم خطة محددة تمكن أي شخص يعمل لصالح آخرين أن يؤسس عملا خاصا به أو يتعلم مهنة، مع تمتعه بفرص أعلى من المتوسطة لتحقيق النجاح في مسعاه. وهي خطة محددة يمكن لأي رجل أعمال أن يحول بها عملاءه إلى زبائن دائمين، وبتعاونهم القائم على الإرادة يمكنهم جلب عملاء جدد قد يصبحوا دائمين أيضاً. وهي خطة محددة يمكن بها لأي مندوب مبيعات يعمل في شركة تأمين على الحياة، أو يقدم خدمة أو سلعة مفيدة أخرى، أن يحول المشترين إلى عاملين ذوي إرادة يساعدونه على العثور على عملاء جدد. وهي خطة محددة تمكن أي صاحب عمل من تحويل موظفيه إلى أصدقاء شخصيين في ظل ظروف تمكنه من جعل العمل يدر مزيدا من الربح له ولموظفيه.

    لقد قدمت إليك هنا بياناً واضحاً عن وعدي، وأول شرط للاستفادة من هذا الوعد هو أن تقرأ هذا الكتاب مرتين، سطراً سطراً ، وتفكر فيه وأنت تقرأه!

   ما من شيء يحدث أبداً دون سبب. ولم تشتهر الولايات المتحدة بأنها أكثر البلدان "ثراءً وحرية" في العالم من قبيل المصادفة، فهي بلد ينعم بالرخاء لأسباب محددة مفهومة، وكل سبب منها حددناه بوضوح.

   وقد تعد الرغبة في الثروة الوفيرة أنانية، ولكننا نعلم جميعا أنها رغبة طبيعية. وقد فطن "كارنيجي" إلى هذا الأمر عندما قرر أن يهب ثروته الضخمة، ولكن نظراً لأنه يسير على هدى حكمته المستقاة من خبراته العملية الطويلة في التعامل مع الناس، فقد أحاط هبته هذه بشروط معينة يتحتم على كل من ينال حظاً منها أن يذعن لها.

   وقد تبنى السيد "كارنيجي" طريقة جديدة في توزيع ثرواته لأنه يدرك ضعف البشر النابع من رغبتهم في الحصول على الأشياء دون مقابل، فهو يعلم أن الناس في كل دروب الحياة، وفي كل أوان، طالما سعوا إلى "أرض تتفجر لبناً وعسلاً".

  ويعلم أيضا أن هبة الثروة في أي شكل من أشكالها دون أي تقدير لها في المقابل من شأنها أن يكون ضررها على من يتلقاها أكثر من نفعها إياه. ولهذا، ربط بحكمة هبته بشروط معينة تحمي من يتلقاها من الضعف الشائع النابع من الرغبة في الحصول على الأشياء دون مقابل.

    وبمراجعة السيد "كارنيجي" التاريخ، أدرك أن هذه الرغبة في الحصول على الأشياء دون مقابل كانت هي غاية بحث الكشافة الذين أرسلهم أحد القادة التاريخيين للبحث عن أرض جديدة له ولشعبه بعد معاناتهم طويلاً في بلدهم.

  والوصف المبهر للرخاء في تلك الأرض حفز القائد على الحفاظ على وحدة شعبه في وجه المصاعب إلى أن وصلوا إلى غايتهم.

    ونظير هذه القصة نراه في هجرة المضطهدين من إنجلترا إلى العالم الجديد، فهم لم يأتوا بحثاً عن أرض ذات رخاء مادي وحسب، بل عن أرض تقدم وفرة من الفرص لتنفيذ المبادرات الشخصية، وممارسة حرية العبادة، وحرية التعبير، وقد عملت الغاية البسيطة من هجرتهم هذه كضمان لنجاح أبرز خطوة لم يسبق لأية جماعة في التاريخ الحديث أن أتخذتها.

     وقد طوروا أرضاً ثرية وتنعم بالرخاء، وقد نبع هذا الرخاء من جهودهم فقط لأن مساعيهم كانت قائمة على فلسفة صحيحة، وهدف بناء، واللذين أدركهما "أندرو كارنيجي" بعد مرور عدة قرون، وهو لم يحولهما إلى ثروة ضخمة يكتنزها لنفسه وحسب، بل ترك للشعب الأمريكي الحالي مجموعة بسيطة من القواعد تعد مفتاحاً ورئيسياً يمكنهم هم ايضاً من اكتساب الثروات.

  ونتيجة لكدحهم الريادي الذي استمر لأعوام : بنت أبنا۔ مهاجري لتقدم - حضارة لم يشهد تاريخ العالم مثلها ، وأنشأوا ثقافة تفوق أعظم الثقافات في كل     العصور. ووفروا مستويات معيشة أعلى من أية مستويات عرفها البشر من قبل . وأصبحت المرافق، ووسائل الراحة والرفاهية، والفرص متاحة لأقل الناس منزلة . والتي لم يعرف مثلها العالم من قبل. وكل هذه المميزات نتجت عن أساس متين - أحجار أساس ديمقراطية جديدة ناشئة، ذلك الأمر الجديد على العالم المتمثل في نموذج معدل للدولة المثالية التي قُدِّرَ لها أن تحقق النجاح لكونها عملية.

    ولم يشهد تاريخ البشر كله مثل هذه الحضارة. وقد كانت هنالك فترات عديدة في التاريخ أعلن فيها عن بناء الحضارة بمصطلحات حماسية، ولكن الحضارة الخاصة بكل عصر من تلك العصور كانت مقتصرة على نسبة قليلة نسبياً من الناس.

    والفرق بين كل فترة من تلك الفترات في الماضي البعيد والحاضر - الذي نتمتع به نحن الآن - يكمن في حقيقة أن جموع الناس في الماضي كانوا خاضعين لسادتهم الذين كان أكثرهم طغاة، بينما نتمتع نحن بمستوى معيشة لم يعرفه حتى ملوك تلك الأيام.

    ومن ثم فنحن نمثل الاختلاف بين عصور الحضارة الماضية وحضارة البوم . فتأمل المميزات التي يتمتع بها الشعب الأمريكي حالياً، حتى الأدنى منزلة والأكثر تواضعا من بينهم، فهم يتمتعون بتعليم مجاني، وتسلية مجانية، واذاعة مسموعة ومرئية، وسيارات، وطائرات، وشبكات طرق سريعة انسيابية، ووسائل اتصال متقدمة، وحرية عبادة. وهذه المميزات وغيرها من الألاف التي حرم منها المزارعون في الماضي أصبحت الآن ملكية مشتركة بين كل أبناء الشعب الأمريكي.

  وهذا الاختلاف - الناشئ عن التباين الأساسي في الحوافز والأهداف - قد أصبح ممكناً بسبب التطورات العملية في أسلوب الحياة الأمريكي، والذي لم تشهده أوروبا أو أي مكان آخر في العالم القديم.

    ففي أمريكا، صار الرجال والنساء أحراراً في اتباع المبادئ التي ترضي عنه سرائرهم؛ فأصبحوا يتمتعون بحرية تعبير، وحرية صحافة، وحرية سياسية وحرية ممارسة لمبادراتهم الخاصة بالدعوة إلى أي أمر يختارونه، وينالون حماية من قبل نموذج حكومي يضمن لهم جني ثمار أعمالهم.

   وقد نتج هذا عن حقيقة أن الحرية، والحياة، والاستقلال، والسعي إلى السعادة هي أمور شكلت أساساً لتطور بلدنا، والذي أصبح برنامج رخائها هو هدف لكل مواطن.

 ومع بدء العمال التعبير عن مبادراتهم الخاصة كأفراد، ثم كجماعات، ثم كمؤسسات تنعم بالأمن والحماية، مع تلقي الدعم المالي من العاملين وغير العاملين، تعلم الموظفون فن البيع، وفن المنافسة، وفوائد المبادرات الفردية، وضرورة الإنتاج المتقن لدعم فن التسويق عبر الإعلانات.

   وكل هذه العوامل مجتمعة عززت من تصنيع منتجات أفضل بتكلفة أقل، ولهذا يُقبل المزيد من الناس على شراء السلع الأمريكية، ولهذا يتوافر المزيد من فرص العمل.

  وهذا، باختصار، هو جوهر النظام الأمريكي - إيمان يتم التعبير عنه بشكل جيد، وادخار، وتعاون، وثقة متبادلة، ومبادرات شخصية، وإحساس بالعدالة في العلاقات الإنسانية.

وبفهمنا قصة طريق الثروات وفق أسلوب الحياة الأمريكي، يكون من الضروري على القارئ أن يمد جانباً من القصة بأفكاره الخاصة وبأن يقارن تصريحاتنا بخبراته هو. وهذا بدوره يجعل من الضروري أن تكون لدى القارئ صورة واضحة لتاريخ مصادر الثروات الأمريكية لكي يضمن حصوله على نصيبه من هذه الثروات.

  وبهذه الروح، سوف نقترب من وصف المفتاح الرئيسي، والذي جمعت بواسطته كل الثروات التي عرفها الشعب الأمريكي.

   ولنعلم من البداية أنه عندما نتحدث عن "الثروات" نستحضر في أذهاننا كل الثروات، لا تلك المتمثلة في الأرصدة المصرفية والأشياء المادية وحسب.

   بل نستحضر ثروتي الاستقلال والحرية، واللتين جعلتانا نملك أكثر مما تملكه أية أمة أخرى.

    ونستحضر ثروة العلاقات الإنسانية التي يمارس من خلالها كل مواطن أمريكي ميزة المبادرة الخاصة في أي اتجاه يختاره؛ وثروة نظام الاقتصاد الحر الذي جعل العالم كله يحسد الصناعة الأمريكية؛ وثروات الصحافة الحرة، والمدارس العامة المجانية، وأماكن العبادة الحرة.

    وهكذا، عندما نتحدث عن :الثروات"، فإننا نشير إلى الحياة الثرية التي ينعم بها الشعب الأمريكي، ويمكن الحصول عليها بأقل مقدار من الجهد.

     وفي الوقت ذاته، فلتعِ أنه ليس لزاماً علينا تقديم إقتراحات إلى أي أحد حول طبيعة الثروات التي يستهدفها ، ولا المقدار الذي يرغب في الحصول عليه.

  ومن حسن الحظ أن أسلوب الحياة الأمريكي يقدم وفرة من الثروات بجميع صورها ، وهي ملائمة من حيث الكيف والكم لإشباع كل الرغبات البشرية المعقولة. ولكننا نأمل بصدق أن يتمكن كل قارئ بصورة ما من استهداف نصيبه، لا من الأشياء التي يمكن للمال شراؤها وحسب، بل من الأشياء التي لا يمكنه شراؤها بالمال أيضاً.

  وليس لزاماً علينا أن نخبر أي أحد كيف يحيا حياته، ولكننا نعلم من ملاحظتنا لأغنياء وفقراء الشعب الأمريكي أن الثروات المادية وحدها لا تضمن السعادة.

   فنحن لم نر قط شخصاً سعيداً بحق لم ينخرط في تقديم صورة ما من صور الخدمات التي ينتفع بها الآخرون. ونحن نعرف الكثير من أصحاب الثروات المادية الذين لم يجدوا السعادة قط.

   ونحن نأتي على ذكر هذه الملاحظات لا للوعظ وإنما لحث أولئك الذين لكونهم وجدوا وفرة عظيمة من الثروات المادية في أمريكا، قل تقديرهم إياها، ولحث أولئك الذين غفلوا عن رؤية الأشياء الثمينة في الحياة التي لا يمكن اكتسابها إلا من خلال الثروات المعنوية السالف ذكرها.

   ورغم أن الشعب الأمريكي يتمتع حقاً بأعلى مستويات معيشية في العالم، فإننا لا نقنع بهذا المستوى، ونعزم على وصف طريقة يمكننا من خلالها النهوض به.

    وفي الصفحات العديدة التالية، سوف ترى كيف يمكنك أنت أيضاً المساهمة في تحسين أسلوب الحياة الأمريكي، وتحسين حياة كل من تربطك بهم علاقات وثيقة.