يرثى "بانسير" حاله قائلاً: "منذ بزوغ ضوء الفجر الأول وحتى أوقفتني الظلمة القاحلة، عملت بكد على تصنيع أفضل العربات التي تجرها الخيول على الإطلاق، حيث كان يحدوني الأمل في أن يدرك الناس أعمالي التي لا تقدر بثمن في يوم من الأيام وان يكافئوني عليها بثروة كبيرة. لكن لم يحدث هذا أبداً، وأدركت في النهاية أنه لن يحدث على الإطلاق".

لقد تعلمنا جميعاً في المدارس أننا لو عملنا بكد ثم حصلنا على نتائج جيدة في الاختبارات، فسنحصل على وظيفة جيدة وستسير جميع الأمور على ما يرام. لقد كانت تلك الفكرة صالحة في الأيام الماضية، خاصة مع شيوع مفهوم وظيفة للحياة. لكن هذه الفكرة لم تعد صالحة في هذه الأيام، فالعمل الشاق لم يعد يمثل بمفرده الطريق نحو تحقيق الثروة. ولن يكون كذلك أبداً.

ألق نظرة على حياة "تشارلز جوديير"، والذي أطلق اسمه بعد ذلك على أهم اختراعاته. إطارات السيارات. طور "جوديير" عملية الفلكنة (معالجة المطاط بالكبريت). مما أدى إلى تحويل المطاط إلى مادة ذات عدد غير محدود من الاستخدامات. لقد كان "جوديير" مبتكراً لامعاً، كما أنه تابع أفكاره بعزم وشغف، ولكن بالرغم من عمله الشاق وبراعته فإنهما لم يحققا له الثروة ومات فقيراً، وخلال إحدى مراحل الحياة عاش "جوديير" بالفعل مع أسرته في أحد مصانع المطاط الفاشلة الواقعة في جزيرة ستاتن بولاية نيويورك حيث كانوا يتناولون السمك الذي يصطاده من النهر. على الرغم من مشاركته التي لا يمكن إنكارها في تطوير هذا العالم. فإنه لم يستفد مالياً قط من تلك المساهمات. لقد أشارت جميع التقارير والتقديرات إلى أنه لم يكن غلاماً محظوظاً وأنه بكل وضوح لم يكن جيداً في المعاملات التجارية، ومع ذلك فقد ظل ينظر إلى تلك الحقيقة بأسلوب فلسفي شهير: "لا يجب تقدير الحياة بمعايير الدولارات والسنتات. إنني لا أريد أن اشتكي من أنني قد قمت بالزرع وقام غيري بحصد ثمار ما زرعته. حيث يشعر الإنسان بالندم إذا قام بزرع شيء ما ولم يجن أي شخص ثمار ما زرعه".

ومع ذلك، فمهما كانت المكاسب التي حققتها فإنها لا تشير إلى قدرتك على تجميع الثروة، حيث يوجد العديد من سائقي شاحنات النقل الكبيرة ومن عاملي النظافة بالمكاتب والذين حصدوا الكثير من الثروة باستخدام الأساليب المستمدة من مدينة بابل القديمة منذ أكثر من 800 عام مضت. كما يوجد العديد من المساهمين ذوي الأرباح التي تُقدر بملايين الجنيهات والذين يعيشون بعيداً عن مستوى الثروة التي يمتلكونها لدرجة أنهم يبدون أسوأ حالاً من المفلسين، إلى أي مدى لا يعبر ربحك من المال عن قدرتك على تحقيق استمرارية الربح؟

ما دمت تمتلك دخلاً أو طريقة لجمع المال، فإنك تمتلك القدرة على تكوين ثروة. إن العمل بكد دون النظر إلى ما تفعله بأرباحك يعد من الأمور التي لا طائل منها مثل الكسل تماماً، لذا لا بد أن تكون ماهراً بخصوص الاستفادة التي تحققها من أرباحك. بغض النظر عن قدر تلك الأرباح. وإلا ستدرك، مثل "بانسير"، أنك تعمل "عاماً تلو الآخر وأنت تحيا حياة من الذل. تعمل وتعمل وتعمل! وفي النهاية لا تحصل على أي شيء ...".

إليك هذه الفكرة...

إذا كنت تعمل بكد وتتساءل إلى أين تذهب ثمار ذلك العمل فلتكتشف ذلك. انظر إلى الشهور الماضية وحدد الأشياء التي أنفقت فيها مرتبك. ليس هناك فائدة من العمل بكد ليلاً ونهاراً. إذا كان المال الذي تكسبه يضيع من بين يديك دون جدوى. قم أولاً بتقدير ما أنفقته في تلك الأشياء المختلفة ثم قيم الحقيقة بعد ذلك.