يستطرد "أركاد" في تحذير صديقيه فيقول: "حتى هؤلاء الذين يمتلكون الثروات، قد يصبحون بخلاء ويدخرون ثرواتهم خوفاً من إنفاق ما يمتلكونه لمعرفتهم أنهم لا يتمتعون بالمهارة اللازمة للحصول على بديل لما ينفقونه. وعلاوة على ذلك، فإنهم محاصرون بالخوف من اللصوص ويحكمون على أنفسهم بالعيش في فراغ وبؤس خفي".

عندما يبتسم الحظ إلى بعض الأشخاص، فإنهم ينفقون ما يحصلون عليه من مكاسب مفاجئة ويضعون أنفسهم في وضع أسوأ مما كانوا عليه قبل ذلك؛ حيث يحول هذا المال المفاجئ الناس إلى بخلاء. يقاسون العذاب من فكرة خسارة هذا المال.

تكمن المشكلة في الفوز بالمال أو استلام ميراث في أن ذلك المال لا يحصل عليه الشخص المعني عن طريق عمل يؤديه، وإنما يأتي إلى الإنسان تحت ظروف خارجة على إرادته، وإذا توجب اختفاؤه أو ضياعه فلن يمتلك ذلك الشخص المهارة اللازمة للحصول على بديل له. بمعنى آخر، يمكن تجميع الثروة نتيجة لنشاط مقصود يضع الشخص في مسؤولية تامة عن مصيره، ولا توجد مخاوف من وقوع شيء ما قد يتسبب في خسارة هذا المال؛ لأنه حتى لو خسر هذا المال فإنه يعرف كيف يمكنه الحصول عليه مرة ثانية. لتأخذ "جيرلاد راتنر" كمثال لذلك حيث ترك "راتنر" الدراسة في الخامسة عشرة من عمره ليعمل بتجارة العائلة، واستطاع أن يحدث تغييراً شاملاً في تجارة بيع المجوهرات بالتجزئة. حقق "راتنر" مبيعات تقدر بــــ 2.1 بليون جنيه إسترليني وأصبح من الشخصيات الغنية جداً. ثم ألقى "راتنر" خطاباً شهيراً جداً. ففي عام 1991 مزح ــــ أمام 6000 شخصية من رجال الأعمال.

 قائلاً إن أرباح "راتنر" كانت أقل من الأرباح التي تحققها سندوتشات الجمبري التي تباع في متاجر إم آند إس ومن المحتمل ألا تستمر تلك الأرباح طويلاً". وأضاف قائلاً: "لقد أنتجنا أيضاً مجموعة من الأدوات المنزلية مكونة من مصفاة زجاجية للمشروبات ومعها ستة أكواب وصينية مطلية بالفضة والتي يمكن لخادمك استخدامها في تقديم المشروبات لك، كل هذه المجموعة مقابل 4.95 جنيه إسترليني فقط. يسألني الناس: "كيف تبيع هذه المجموعة بهذا السعر الرخيص؟ "فأرد قائل: "لأنها خردة". وفي هذا الخطاب تلقى "راتنر" تصفيقاً حاراً، على الرغم من أنه قد تلفظ بهذه المزحات من قبل. ولكن في الخطابات السابقة لم يحضر بين المستمعين أي من الصحفيين العاملين في الصحف الشعبية. ولقيت تعليقاته على منتجاته انتشاراً واسعاً.

في الوقت الذي ألقى فيه "رانتر" التعليقات الخاصة بسوء الحظ، كان واحداً من أغنى تجار المجوهرات بالتجزئة وكانت أرباحه تتجاوز 120 مليون جنيه إسترليني. لقد بعثت تعليقات "راتنر" الخاطئة بموجة من الصدمات عبر السوق مما أدى إلى تبديد حوالي 500 مليون جنيه إسترليني من قيمة أسهم الشركة، وفي نهاية الأمر اضطر "راتنر" إلى التخلي عن هذه الشركة. لقد خسر كل شيء، وترك الوظيفة الوحيدة التي يتقنها، وأصبحت سمعته الجيدة في مهب الرياح.

لكن "جيرالد رانتر" يعد من الشخصيات ذات الذكاء الحاد. على الرغم من أن تعليقاته الساخرة تشير إلى العكس تماماً. ورغم أنه مر بفترة قاسية جداً، فإنه في النهاية استطاع إعادة تجميع الثروة التي فقدها. لقد كانت قدرته وعزيمته كرجل أعمال كافية للقيام بذلك بدلاً من الاهتمام بما ألقاه عليه القدر، لقد امتلك من القوة والذكاء والقدرة ما يكفي لإعادة تجميع ثروته المفقودة مرة ثانية.

إليك الفكرة ....

هناك حكمة تقول "إذا اعتقدت أن التعليم باهظ الثمن فلتجرب الجهل". إذا شعرت أن قلة معرفتك في علم تدبير الموارد المالية تبقى عليك في مؤخرة الصفوف، فصحح الموقف. اعثر على أحد فصول التقوية الليلية والتي ستقدم لك مبادئ علم المحاسبة والإدارة المالية، أو أذهب إلى المكتبة المحلية للقراءة عن ذلك العلم. استثمر بعض الوقت في تعلم المزيد.