کیف تبث الأفلام الثلاثية الأبعاد على التلفزيون؟

ينظر بعض الناس إلى جهاز التلفزيون نظرة أكثر واقعية من العالم الحقيقي، فيما أخرون يعبرون عن غبطتهم بكل بساطة للتقديم التقني الذي حققه حقل البرامج التلفزيونية، بالاخص لجهة الألوان.

ولكن، ومهما كان السبب الذي يتعلق من أجله الناس بأجهزة التلفاز، فإن الرغبة بتحقيق تقدم إضافي في هذا المجال، لا تزال هي السائدة. ومن هنا ينبع الاهتمام بالصور التلفزيونية ذات الأبعاد الثلاثة، والذي يأخذ بالانتشار في اليابان وأستراليا، وحالياً في الولايات المتحدة.

ومن المعلوم أن الأعين تلاحظ العمق في الصورة لأنها ترى صورة معينة بكل عين وفق زاوية مختلفة تقريباً، وبما أن العينين تبعدان عن بعضها بمسافة تشين ونصف الإنش تقريباً، فإن صورتين تنطبعان على الشبكية قبل أن تنتقلا إلى الدماغ وفق رؤية واحدة.

وعلى هذا الأساس فإن أولى الأفلام الثلاثية الأبعاد التي صورته في الولايات المتحيلية: لجأت إلى استخدام آلتي عرض متواقتين تبثان صورتين المشهد واحد تم التقاطه من موقعين مختلفين.

وطالما أن هذين الموقعين كانا يبعدان عن بعضها المسافة نفسها تقريباً التي تبعد العينان، فإن المشاهده کان يتلقى المشهد في دماغه کما يتلقي أي مشهد عادي اخر في العالم الحقيقي، لكن الصورتين في الواقع كانتا متراكبتين فوق بعضها؛ كما أنه أحد جهازي العرض كان مزوداً بفلتر أحمر، والأخر بفلتر أخضر.

ولذلك، كان المشاهدون بدورهم يضعون على أعينهم نظارات سلوفائية مزودة بعدسة حمراء وأخرى خضراء. مما يجعل العين الناظرة من خلال العدسة الحمراء عمياء للصورة الخضراء الناتجة عن الفلتر الأخضر، والعكس بالعكس. وهذا كان يمكن للمشاهد عبر هذا النظام أن يميز زوج الصور الذي يبثه الجهازان، مما يسمح له بمشاهدة الصورة بأبعادها الثلاثة.

وفيما بعد، فقد استبدلت النظارات السلوفائية باخرى مستقطبة وبفلترات من النوع نفسه. ويقوم الفلتر المستقطب باحتجاز كل الأشعة الضوئية ما عدا تلك التي تسافر بالاتجاه نفسه الذي تأخذه جزيئاته.

ولهذا فإن آلة العرض الأولي تزود بفلتر مستقطب عامودي، والأخرى بفلتر أفقي. وتقوم النظارات المزودة بعدسة مستقطبة عامودياً وأخرى أفقياً بفصل زوج الصور المجسامية التي تتراكب على الشاشة، عما يعطي للمشهد عموماً بعده المطلوب.

لكن الأنظمة التلفزيونية الثلاثية البعد التي تستخدم خارج الولايات المتحدة تعتمد على الرؤية الوهمية عوضاً عن الرؤية المجسامية. ويرتکز أحد أنظمة الوهم النفسي البسيطة، التي توفر الرؤية الثلاثية الأبعاد. والمعتمدة في اليابان، على مبدأ بندول "بلفريخ"..

والملاحظ علمياً بهذا الخصوص أنه لو قمنا بتغطية إحدى العينين بفلتر رمادي، وتركنا البندول يتأرجح أمام العين، فإننا لسبب ما نرى البندول وهو يرسم مساراً بيضاوياً. ولهذا فإن على مشاهدي هذ النظام على التلفزيون أن يضعوا نظارات مزودة بعدسة زجاجية عادية وأخرى ذات فلتر رمادي. لكن المشكلة في هذا النظام أنه يتطلب من الممثلين أن يتحركوا باستمرار على الشاشة، وإلا فقد المشهد بعده الثلاثي.

ومن ناحية أخرى، فإن استراليا هي أيضاً تعتمد نظاماً غير مكلف يعرف بتقنية الرؤية الرقمية، يؤدي هو الأخر عرض الرؤية الثلاثية البعد. ووفق هذا النظام يكون المشهد الأساسي في الفيلم واضحاً في خلفيته مشوشة عمل.

وبالإضافة إلى ذلك فإن الألوان في الخلفية تمنع لوناً احمر (عبر وسيلة فصل الألوان) من جهة وأخضر مزرق. أو أزرق داكن من الجهة الثانية؛ فيما تكون الألوان الثانوية معكوسة، والواقع أن المشاهد يستمر في رؤية المشهد ببعد ثنائي حتى يضع على عينه نظارات ذات عدسات ملونة بالأحمر والأزرق الداكن. وعندها فقط تترجم التنوعات في الألوان إلى تنوعات في عمق الصورة.

ومن المتوقع مستقبلاً أن تؤدي تقنية الخطوط، التي تستخدم شعاع ضوء الليزر لانتاج صور واقعية مذهلة، إلى استحداث خط جديد من الصورة التلفزيونية المنمقة ليس له مثيل.