إن المفهوم القائل إن بإمكان الجمال أن تستمر من دون الحاجة إلى الماء على الأطلاق هو اسطورة لا حقيقة لها. كما أن الاعتقاد بأن الجمال تخزن الماء بداخل سناماتها لا أساس له ايضاً.

أما الواقع فهو أن الجمال تعبر المسافات الطويلة الشاقة في الصحراء الخارقة التي تندر فيها الواحات من دون الحاجة إلى التزود المستمر بالمياه بسبب اقتصادها الغير اعتيادي لهذه المادة. الجمال اثبتت علمياً أنها تستطيع تحمل انخفاضاً أكبر للمياه من أجسامها (حوالي 30 %) من الإنسان، الذي قد لا يتحمل انخفاض أكثر من 12 % من مخزون المياه في جسمه.

ويعود ذلك إلى أن الجمال ترشح المياه من خلاياها الجسمية فقط، محتفظة بنسب المياه في الدم بشكل ثابت تقريبا. وفي هذا فإن الجمال تختلف عن بقية الحيوانات الثديية التي تخسر المياه من دمها، فيتحول هذا الدم بالتالي إلى مادة لزجة غير قادرة على تأمين الحرارة اللازمة للدورة الدموية، مما يؤدي إلى الانهاك، والانهيار، والموت المحتمل.

وإضافة إلى ذلك، فإن بإمكان الجمال أن تختزن حوالي 25 غالوناً من الماء خلال فترة قصيرة جداً. وبذلك تعوض عن كل ما فقدته، کما تعوض منسوب المياه في خلاياها من دون الوصول إلى حالة التسمم بالماء وفي الحالة التي تصبح فيها الخلايا مملوءة بالماء أكثر من اللزوم، كما يحصل مع بقية الحيوانات الثديية.

ويمكن للجمال أن تتحمل لا تغيير مخزون الماء الكبير فحسب، ولكن أيضا أختلافات حرارة الجسم الواسعة، وهو ما يمكنها من الاقتصاد في كمية الماء. وتبلغ حرارة جسم الجمل في صيف افريقيا الشمالية الحار مثلاً 93 درجة فهرنهايت صباحاً 105.3 درجة فهرنهايت بعد الظهر.

ولا يبدأ جسم الجمل بترشيح العرق إلا عند بلوغ حرارة جسمه مداها، وذلك يعني أن خسارة المياه بواسطة العرق ضئيلة. وكذلك فإن الشعر الخشن الموزع على ظهر الجمل يسمح بإتقانه من حر الشمس، كما أنه يسمح بتبريد الجسم عبر تبخير العرق سريعاً.

وهناك مسألة أخرى هامة وهي أن قليلاً من الماء يخسره الجمال عن طريق البراز. كما أن معدل البول يظل ضئيلاً نسيباً، نظراً لأن الكليتين تعوضان ذلك من خلال إفراز كميات قليلة جداً من البول، بالأخص عندما يكون الجسم بحاجة ماسة للبروتينات.

وأيضاً مما يساعد الجمال على تحمل قسوة صحاري أسيا الوسطية والهند، وأفريقيا الشمالية، هو انخفاض معدل الدورة الدموية، وهي ما سمح هذه الحيوانات الباردة لأن تحيا على القليل جداً من الطعام الناشف، والبقاء من دون ماء لأكثر من أسبوعين.