كيف يطفئون بئر نفط مشتعلة؟

في حزيران/يونيو من العام 1979، انفجرت بئر نفط (ایکستول واحد) في المكسيك، أثناء عملية الحفر وعند الاصطدام بجيب غازي وقد أدى ضغط الغاز المائل إلى دفع كمية نفط إلى الخارج توازي 30 ألف برميل يومياً.

وفيها أحترقت كمية من هذا النفع على السطح، وملأت بعض السفن خزاناتها بكمية أخرى، إلا أن الجزء الأكبر منه انسكب في مياه خليج المكسيك، وانتشر على شكل بقعة كبيرة وصلت إلى حدود شواطيء تكساس.

ولذا فقد استأجرت السلطات المختصة شركة "ورد أدير" المختصة بمكافحة حرائق آبار النفط من أجل إيجاد حل المشكلة. وعلى هذا الأساس، قام الغطاسون التابعون للشركة بالغوص إلى عمق 160 قدماً لإصلاح الأنابيب المتضررة، فيما تضافرت جهود 1500 رجل على السطح ونحو 42 طائرة نفاثة ومروحية لأحتواء بقعة الزيت.

إلا أنه رغم ذلك لم تف جهود الشركة بالغرض وتابعت البقعة انتشارها. ذلك أن فتحات البئر تحت الماء كانت ممدودة جزئياً برکام منصة البئر المنار، الأمر الذي وصفه أحد الغطاسين بأنه يشبه "صحن السباغيتي".

وبناء على ذلك فقد قرر الخبراء وقتها أن الحل الأمثل هو بحفر بئرين معترضتين بهدف خفض الضغط عن البئر المتضررة. وعلى هذا الأساس بدأت شركة النفط المكسيكية "بیمکس" بحفر البئرين (ایکستوك: وأب)، لكن المشكلة كانت بأن عملية الحفر هذه سوف تستغرق شهوراً، فيما تنسكب الاف براميل النفط الخام يومياً في مياه البحر.

وكذلك فقد عمدت الشركة إلى إيصال أنبوب معدني ضخم بصمام فتحة البئر المسدود جزئيأ ثم رأت تفسخ الرحلی والجيلاتين والمياه المالحة والأسمنت فيه على ذلك بوقف التدفق، وفي أواخر شهر حزيران / يونيو اتسعت فتحة البئر أكثر وتدفق النفط أقام بشكل أكبر، مما دفع الشركة إلى أحراثه فوق سطح الماء منعا لانتشاره، وفي تظله الأثناء استمرت عملية الحفر، وكل ما استطاعت الشركة فعله بحلول شهر تموز يوليو هو انها خفضت دفن النقط من 30 ألف برميل يومياً الى 21 ألفاً، فيها استمرت بضخ كميات كبيرة من الوحل وكرات الحديد والأسمنت ومواد كيماوية أخرى إلى داخل البئر. وفي 20 أب/ أغسطس كانت البئر "ایكستوك" قد وصلت إلى عمق 8612 قدماً أي على بعد 3000 قدم من البئر الأساسية، و"ایکستوك 1" إلى عمق 6237 قدماً.

هذا وقد حمل شهر أيلول/سبتمبر خطة جديدة سميت بـ العملية "سومبريرو" (الفيعة المكسيكية الشهيرة). وكانت هذه العملية تتمثل بإنزال قمع مقلوب ضخم بوزن 300 طن يشبه السومبريرو فعلاً فوق البشر.

ويتولى هذا القمع تجميع نحو 80 % من النفط المتدفق، وضخه نحو خزانات السفن الحاملة للنفط، وإحراق الغاز الناتج عن العملية. وقد عرقلته هذه العملية بعض العوائق الميكانيكية لأسابيع، وفي النهاية نجحت في إيقاف كمية لا بأس بها من النفط، ولكن ليس كلياً.

وقد طالت هذه العملية أكثر مما كان متوقعاً لها. وفي شهر تشرين أول / أكتوبر انخفض التسرب بشكل كبير، إلا أنه لم يتوقف إلا بحلول شهر آذار مارس من العام 1980، عندما نجحت البئران الإضافيتان بإغلاق البئر المتضرر وسدها بالأسمنت نهائياً. وطوال تلك المدة لجأت الشركة إلى كل الوسائل المعروفة للسيطرة على النفط المتدفقة وتكلفت ما يقارب الـ 131.6 مليون دولار لهذا الغرض.