إن كل صورة مختزنة في فيلم "بولارويد" هي وحدة ذاتية الاحتواء تخدم كفیلم، وغرفة سوداء، وطبعة نهائية. ويكمن السحر في هذه الصور عبر الطبقات الكيماوية السبع عشرة المرتبة بدقة تحت سطح الصورة المربعة، والتي تبلغ سماكتها 0.002 إنشاً.

وتتوزع ما بين هذه الطبقات الاصباغ التي تظهر الصورة، والمواد التحميضية التي تظهر ألوان الصورة، وطبقة الصبغة الغير شفافة التي تحمي الصورة وهي في طور التظهير.

والذي يحصل أنه بعد التقاطك للصورة، تذهب هذه الأخيرة عبر محللتين ضاغطين تشبهان النشافة في الغسالة القديمة الطراز. ويؤدي هذا إلى فتح جيب عند إحدى جوانب الصورة، مما يدفع بالمحلول الكيماوي إلى الاندلاع فوق طبقات الصورة المختلفة.

ويتكون هذا المحلول من صباغ أبيض، وماء، وسوائل للتظهير، وطبقة عازلة للضوء، ومواد قلوية. ويؤدي ذلك إلى إطلاق عملية كيماوية تتم تحت سطح الصورة. ويلعب الصباغ الأبيض دور ملء المناطق البيضاء من الصورة، فيما ترتفع الألوان الأخرى باتجاه السطح.

وتتوسع الطبقة العازلة للضوء لتغطي كل الصورة، ولتمنع تعرض الفيلم للضوء. وتتألف هذه الطبقة من صباغ أبيض يحول دون إصابة الضوء الطبقات الحساسة التحتية. والجدير بالذكر هنا أن هذا الصباغ لا يتشرب الضوء إلا عند مزجه بمحلول قلوي، وتكون بقية السوائل، في الوقت نفسه، قلوية، مما يؤدي بها بعد مرور فترة بسيطة إلى فقدان أصمتها القلوية والكف، بالإضافة إلى الصباغ الأبيض، عن تشرب الضوء، والتحول إلى الشفافية، وهذا يؤدي بدوره إلى ظهور الألوان على الصورة.

وتتألف الألوان عموماً في الصورة الفوتوغرافية من ثلاثة أصباغ رئيسية: السيانوجين الأزرق المائل إلى الخضار)، والفوشين (الأحمر المائل إلى البنفسجي، واللون الأصفر.

وتوافق هذه الألوان الثلاثة مع بعضها البعض نظراً لأن كلا منها هو ضد شيء ما: فالأصفر هو اللون الذي تحصل عليه من خلال مزج كل ألوان الطيف ما عدا الأزرق والفوشين هو كل الطيف ما عدا الأخضر، والسيانوجين هو الكل ما عدا الأحمر، ولهذا، فإنه للحصول على اللون الأخضر مثلاً في منطقة ما من الصورة، فيجب إبعاد الصباغ الفوشين من تلك المنطقة قبل مزج السيانوجين والأصفر.

وتعمد السوائل المظهرة للصورة في فيلم البولارويد، والتي ترتبط بجزئيات الأصبغة المعروفة تحت اسم مظهرات الصباغ، الى اخفاء لون ما من الظهور عن طريق تحييد دور الأصبغة التي لا تمنع هذا اللون. ولهذا فإن الأصبغة الغير مرغوب فيها تظل كامنة تحت طبقات الصورة، فيها تطفو الأصبغة الأخرى على السطح، حيث يمكن رؤيتها، وتكون هذه الأصبغة أصلاً في قعر الصورة بعد الطبقة السابعة عشرة.

وتكون كل منها مغطاة بقشرة رفيعة من الهاليد الفضي، وهو مادة كيماوية شديدة الحساسية للضوء، وبذلك فإن كل طبقة من هذه المادة تكون حساسة للون مختلف من الضوء. فإذا ما سقط فيه من جسم أخضر اللون مثلاً على ناحية معينة من الصورة، تأخذ الجزئيات الحساسة للضوء الأخضر، والتي تغلف صباغ الفوشيا، بتغيير شكلها. وعندما يتسرب المحلول الكيماوي إلى الصورة يتفاعل الصباغ الأخضر الحساس مع الصباغ الفوشيا تحته ويبقيه في مكانه.

وفي الوقت نفسه، فإن جزئيات الهاليد الغير معرضة عند طبقات السيانوجين والأصفر (القديمة الحساسية للضوء الأخضر) لا تغير شكلها، ولا تتفاعل مع الأصباغ التي تغطيها، ولهذا فإن طبقات السيانوجين والاصفر تتحرك بحرية باتجاه الطبقات العليا الموجبة حيث تصنع اللون الأخضر الذي نراه في الصورة. ويقوم محلول كيماوي أخر باحتجاز هذين اللونين ومنعهما من الاتجاه نحو منطقة أخرى، مما يعرض الصورة للفساد.

وتقوم طبقة بلاستيكية علوية بحماية النسخة النهائية من الصورة، ويعطيها إضافة لذالك بعض اللمعية أثر انعكاس ضوء الغرفة عليها.

ولا تزال حتى الآن العملية الكيماوية الفعلية الخاصة بتظهير صور البولارويد محاطة بالسرية التامة من قبل المصانع المنتجة، كما أنها تحظى بالحماية اللازمة عن طريق مئات براءات الذمة المستحيلة القراءة (وذلك لأنها تعمل عن قصد إخفاء التعرف على أسرار ذلك الاختراع، حتى لا تستغلها الشركات المنافسة).

ويعتبر هذه التقنيات المذهلة نتيجة لحوالي أربعين سنة من الأبحاث المستمرة في ميدان نظريات الضوء، وهندسة الآلات والكيمياء العضوية. وبالإضافة إلى ذلك فقد تم اختراع مئات الخلائط الكيماوية التي لم تعرفها البشرية سابقاً بهدف تحسين صناعة الصور الفورية، وكل هذا في سبيل ستين ثانية من السحر تحفظ لك أجمل اللحظات من حياتك.