ما أهداف الأقمار الصناعية؟

كان الهدف الرئيسي لتطوير الصواريخ هو غزو الفضاء واستكشافه والوقوف على احتمالات استغلاله لتعزيز إمكانات الإنسان في السلم والحرب. ولقد تطلب ذلك بالإضافة إلى تطوير مركبة الفضاء والوصل بها إلى أعلى مستويات الأداء والأمان، تأمين الإنسان نفسه راكب هذه المركبات ضد ما قد يتعرض له في أثناء الرحلة من أخطار الفضاء، أو ما قد يعتري صحته البدنية والنفسية من اعتلالات نتيجة للظروف التي يعيش فيها في أثناء الرحلة، خاصة العجلة الهائلة التي يتعرض لها في بدء الرحلة وأسلوب المعيشة الذي يختلف اختلافاً بيناً عما نألفه في أسفارنا على الأرض.

ولهذه الأسباب سارت برامج جمع المعلومات عن الفضاء وطب الفضاء جنباً إلى جنب مع تطوير مركبات الفضاء التي تحمل الإنسان إلى خارج نطاق الأرض، والتي وصلت به إلى القمر.

ووجد العلماء في ذلك بغيتهم فحملوا الصواريخ بمختلف أجهزة القياس وآلات الرصد التي تنبئهم بما يجري في أغوار الفضاء. ثم جاءت فكرة الأقمار الصناعية التي تدور في مدارات حول الأرض شهوراً أو سنيناً، فأضافت بذلك ميزة كبيرة حيث أن الصواريخ لا تلبث كثيراً في الفضاء، أما الأقمار الصناعية فتأتي بالمعلومات أماداً طويلة.

أضف إلى ذلك أنه أمكن استغلال الأقمار الصناعية في تحسين سبل المعيشة على الأرض، فقد أصبحت تؤدي خدمات جليلة في الأرصاد الجوية والاتصالات والملاحة واستكشاف ما فوق سطح الأرض وما في باطنها.

أشكال وأحجام وأنواع الأقمار الصناعية:

والأقمار الصناعية مختلفة الأحجام والأشكال، فهي تصمم وفقاً للمهمة التي عليها أن تؤديها، فمنها ما هو على شكل الكرة، ومنها المخروطي الشكل، ومنها الأسطواني، وتجهز بأجهزة قياس تعطي قراءاتها على شكل نبضات كهربائية وفقا الشفرة محددة وبها حاسب الكتروني وجهازي إرسال واستقبال لإرسال الشفرات إلى الأرض حيث تحل رموزها وتترجم إلى معلومات.

أما جهاز الاستقبال، فوظيفته تلقى التعليمات من العلماء على الأرض لأداء ما يريدونه من مهام. ويبرز من السطح الخارجي للقمر الصناعي هوائيات الإرسال وأذرع تحمل خلايا شمسية لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية لتشغيل الأجهزة.

وفيما يلي بعض المعلومات التي حصلنا عليها من الأقمار الصناعية والخدمات التي تؤديها لنا وهي في مداراتها حول الأرض.

اكتشافات مهمة تمت بواسطة الأقمار الصناعية:

كان المعروف من دروس الجغرافيا حتى عام 1958 أن الأرض مفرطحة عند القطبين. ولكن لوحظ حدوث تغيرات في مدار القمر الصناعي الذي أطلق في مارس 1958، وحيث أن مدار القمر الصناعي يتوقف على قوة الجاذبية الأرضية المؤثرة فيه، وهذه القوة تتغير بتغير شكل الأرض، فقد استنتج العلماء أن هذه التغيرات ناتجة عن اختلاف شكل الأرض عما افترضوه لها طبقاً لمعلوماتهم السابقة. وظهر بالحساب أنها تميل قليلا إلى شكل ثمرة الكمثرى «وعنقها» عند القطب الشمالي.

ومن الاكتشافات المثيرة التي أمكن الوصول إليها بالأقمار الصناعية، وجود حزام من الإشعاعات الذرية يحيط بالأرض فوق المناطق الاستوائية على ارتفاع ۱۰۰۰- 1500 كيلومتر من سطح الأرض.

وهذه الإشعاعات خطرة على حياة الإنسان ويجب تفاديها في أسفار الفضاء وتبعث إلينا الأقمار الصناعية معلومات عن درجة الحرارة في الفضاء ولا يستخدم في قياس درجات الحرارة هذه الترمومتر العادي بل يستخدم « الثيرمستور»، وهو قرص من مادة شبيهة بالسيراميك تتغير مقاومتها الكهربائية تغيراً حادًا بتغير درجة الحرارة، فيوضع هذا "الثيرمستور" على السطح الخارجي للقمر الصناعي ويوصل بدائرة كهربائية يتغير فيها التيار بتغير مقاومته نتيجة التغير درجة الحرارة، وترسل هذه التغيرات الكهربائية إلى المحطات الأرضية بواسطة جهاز الإرسال المزود به القمر الصناعي، كما أنها تسجل وتختزن في الدوائر الالكترونية الموجودة فيه.

ويهتم العلماء خاصة بسيل الشهب المتواصل الذي تتعرض له الأقمار الصناعية في الفضاء، فإن بلايين الشهب تدخل جو الأرض كل يوم، وتتراوح حجوم حبات أغلبها ما بين حجوم ذرات الغبار وحجوم حبات الرمل، ويزيد حجم القليل منها على ذلك، ومن الأجهزة التي تستخدم في دراسة الشهب والكشف عن أسرارها ما يطلق عليه العلماء اسم «الحظائر المتحاتة».

وتتكون كل حظيرة من هذا النوع من شريط معدني يشد خارج جسم القمر الصناعي، ويعرض تعريضاً مباشراً للشهب التي تعمل على حته شيئاً فشيئا كلها تساقطت عليه. وعندما يمر تيار كهربائي في الشريط، نجد أن شدة هذا التيار تقل كلما ازداد التحات في الشريط، وذلك لنقص سمكه وزيادة مقاومته تبعاً لذلك. وتسجل هذه التغيرات في شدة التيار وترسل بواسطة جهاز الإرسال إلى المحطات الأرضية.

وثمة طريقة أخرى تتبع في دراسة الشهب، قوامها استخدام مكرفون يوضع داخل القمر الصناعي ليسجل نقرات حبات الشهب عندما تصطدم بالسطح الخارجي للقمر..

وتحظى دراسة الأشعة الكونية خارج جو الأرض باهتمام العلماء، والأشعة الكونية جسيمات ذرية وإشعاعات تتساقط على الأرض آتية من الفضاء الخارجي.. ولقد استخدم العلماء القمر الصناعي لدراسة هذه الأشعة قبل دخولها جو الأرض والتفاعل مع ذرات الغازات المكونة له.

فتوضع عدادات جيجر وغيرها من أجهزة الكشف عن هذه الأشعة في القمر الصناعي بترتيب معين وتوصل بالأجهزة الالكترونية التي تسجل الأحداث التي تكشف عنها هذه العدادات وترسلها إلى المحطات الأرضية عن طريق جهاز الإرسال.