كيف يتم علاج تضخم البروستاتا بالتوسيع بالبالون

أحد أساليب العلاج الحديثة التي تلقي الآن قبولا أوسع لتضخم البروستاتا الحميد هو استخدام البالون، وقد اقتبس أطباء المسالك البولية هذا الأسلوب من جراحی القلب ؛ حيث يقوم الطبيب بإدخال أنبوب صغير في حجم المكرونة الإسباجيتي في مجرى البول وعلى الطرف الأقصى للأنبوب يوجد بالون غير مملوء بالهواء .

حين يكون البالون في الوضع الملائم في مجرى البول داخل البروستاتا المتضخمة ، يقوم الطبيب بملء البالون بالهواء ، ويتم وقف هذا النفخ لفترات زمنية متفاوتة . ويقوم بعض أطباء المسالك البولية بالضغط على مدار فترة زمنية قدرها عشر دقائق بواسطة البالون لإجبار مجرى البول إلى العودة إلى وضعه الأصلي ، مما يدفع أنسجة البروستاتا إلى الخارج ، وفي بعض الحالات ، " يتشقق " الغشاء الخارجى للبروستاتا أو يتحطم للسماح لنسيج البروستاتا المتضخم بالتحرك في هذا الاتجاه والتخلص من الضغط الواقع على مجرى البول .

إن مبتكر هذا الأسلوب غير معروف ، لكن د. " فلافيو کاستانیدا "، إخصائي الأشعة بمركز "سانت فرانسيس " الطبي بجامعة " إلينويز " في مدينة بيوريا ، يعد واحدا من الرواد في استخدام هذا الأسلوب الجديد . ويقول د. " کاستانیدا " إن خمسة وسبعين بالمائة من مرضی تضخم البروستاتا الحميد الذين استخدم معهم العلاج بالبالون لم يصابوا بالأعراض لفترة تتجاوز الثلاث سنوات بعد تلقي العلاج .

وفي جزء آخر من البلاد ( في جامعة " مينسوتا ")، تم علاج أكثر من ستين مريضا بطريقة التوسيع بالبالون . وقد تم القضاء على مشكلة التبول أو تخفيف وطأتها إلى حد بعيد لدى ثمانين بالمائة من هؤلاء المرضى . وقد كان هذا بالنسبة للمرضى الذين يعانون تضخما في الفصوص الجانبية للبروستاتا . أما حين كان ضيق مجرى البول ناجیا عن تضخم الفص الأوسط ، فقد انخفض معدل النجاح إلى ما بين ثلاثين بالمائة إلى أربعين بالمائة .

كذلك يستخدم د. " آی. باركين " ، إخصائي المسالك البولية في سان دييجو بولاية كاليفورنيا ، العلاج بالبالون . ويقول د. "باركين" إن هذا الإجراء يتطلب إعطاء المريض مهدئة للأعصاب ، وكذلك تخدير مجرى البول بواسطة مخدر موضعی ، بعد ذلك يتم إدخال أنبوب رفيع مرن مزود ببالون على الطرف في مجرى البول ، حيث يكون موجها نحو الجزء المصاب بالضيق . بعد ذلك يتم ملء البالون بالهواء . ويقول د. " باركين " إن هذه العملية تستغرق حوالي عشرين دقيقة . ولا يحتاج هذا العلاج إلى الإقامة بالمستشفى . أما إذا كان المريض يريد عمل هذا الإجراء في عيادة الطبيب أو المستشفى ، فمن الممكن استضافته وتوفير إقامة له .

يقول د. "باركين" إنه قبل الشروع في هذا، يتم إجراء اختبارات وفحوص لتقييم نطاق الانسداد وتحديد موقعه بدقة.

وفي هذه المرحلة يتم إجراء اختبارات وفحوص للتأكد من عدم وجود ورم سرطاني أو أية مدوی بروستاتية . وتترك القسطرة في المثانة حتى الصباح التالى ثم يتم نزعها .

أما د. "ليستر إيه. كلاين"، إخصائي المسالك البولية بعيادة "سكريبس " في " لاجولا " بولاية كاليفورنيا ، فيقول إنه في البداية كان العلاج بالبالون يؤتى فاعليته في حوالي ثلاثين بالمائة فقط من الحالات ، أما الآن ، ومع قيام الأطباء بفحص المرضى ذوی الفرص الهزيلة في نجاح علاجهم بطريقة التوسيع بالبالون ، يقول د. " كلاين " إن هناك معدل نجاح يقدر بستة وثمانين بالمائة . ويعد د." كلاين " هو مصمم أحد أجهزة البالون المستخدمة في العملية ويقوم بتنفيذ هذا الإجراء بنفسه بعيادة " سكريبس ".

وقد قام د. " باركين " بتطوير أسلوب مشابه باستخدام نفس مبادئ د. " كلاين " ، ولكن بدون استخدام البالونات المركبة المعقدة ، مما يساعد على خفض التكلفة إلى حد كبير .

وقد أثنى أطباء المسالك البولية الذين يستخدمون طريقة البالون على هذا الأسلوب ، فهم يقولون إنه فعال ويسهل إجراؤه بأقل قدر من مشاعر الضغط والقلق من جانب المريض . كما أن هذه الطريقة غير جراحية ، ولم يثبت لها أي آثار جانبية كما هو الحال الآن . ولعل هذه العوامل الثلاثة هي ما يجعلها العلاج المفضل للمرضى أيضا ، وخاصة عند مقارنتها بالجراحة .

هناك عامل آخر وهو التكلفة. فبينما يتوافر لدينا بعض الأرقام الحقيقية ، فقد قال أحد أطباء المسالك البولية ببوسطن إن متوسط التكلفة الإجمالية لعملية التوسيع بالبالون في المستشفى تبلغ حوال 4600 دولار، في حين تصل تكلفة عملية استئصال البروستاتا عبر مجرى البول إلى حوالى 16 ألف دولار، وهي واحدة من العمليات الجراحية التي يتم فيها استئصال جزئي أو كلي للورم الموجود في البروستاتا .

وقد قدر كاتب طبی بصحيفة "وول ستريت " عدد المعالجات البالونية التي تم إجراؤها بأكثر من ألفي معالجة . كما جاء بتقرير إخباري لشبكة "سي بي إس " عن نفس الإجراء أنه قد تم الشروع في إجراء أكثر من خمسة آلاف معالجة في العامين الماضيين بهذا الأسلوب .

ولا يتفق الجميع مع استخدام العلاج بالبالون ، حيث يقول د. " جون دبلیو . شوماخر " ، الحاصل على درجة الدكتوراه في الطب من مینابوليس إن هذا يتجاهل نسبة العشرة بالمائة الذين يخضعون الجراحة الاستئصال الجزئي للبروستاتا عبر مجرى البول ، والتي يكتشف خلالها إخصائي علم الأمراض وجود سرطان في البروستاتا أيضا. كما يقول د. "شوماخر" إنه إذا كانت هناك ألف معالجة بالونية تستخدم لعلاج تضخم البروستاتا الحميد ، فإن عشرة آلاف رجل من الرجال المصابين بالمرحلة (أ) أو ( ب ) من السرطان لن يكتشفوا شيئا عن ذلك . وقد لا يكتشفون الأمر إلى أن يكون قد فات أوان العلاج .

ويتفق معه في الرأي د. " ويليام جيه . سومرس " ، إخصائي في المسالك البولية وحاصل على دكتوراه في الطب ، حيث يقدر نسبة وجود ورم سرطاني خفي لدى مرضی تضخم البروستاتا الحميد بما يتراوح بين عشرين إلى خمسة وعشرين بالمائة ، ويقول د. "سومرس " إن استخدام التوسيع بالبالون أو العقاقير للحد من أعراض تضخم البروستاتا الحميد يسبب ضررا لخمسة وعشرين بالمائة من المرضى ممن لديهم ورم سرطانی خفي . في حين يقول خبراء آخرون إن هذه الأورام السرطانية الخفية نادرا ما تكون قاتلة بطبيعتها .

ويؤكد د. " سومرس " أنه لا توجد وسيلة دقيقة لتحديد المصاب وغير المصاب بسرطان البروستاتا . قد يفيد فحص عينة من المريض والموجات فوق الصوتية في هذه الحالة ، ولكنه يقول إنه ما لم يتم فحص طبقات رقيقة من الغدة في أحد معامل علم الأمراض ، فمن الممكن للسرطان أن ينبث ولن يستطيع أحد معرفة شيء عنه إلى أن يفوت الأوان .

أما د. " والتر ديزموند " الأصغر ، الحاصل على الدكتوراه ومدير قسم الأبحاث بشركة "هايبريتيك " بسان دييجو : فله وجهة نظر مختلفة قليلا في تقييم العينات التي تؤخذ من جراحة الاستئصال الجزئي للبروستاتا عبر مجرى البول ؛ حيث تجرى شركته اختبارا يسمى اختبار مولد المضاد الأجسام المضادة الخاص بالبروستاتا ( PSA ) لتقدير معدل مولد الأجسام المضادة الخاص بالبروستاتا النوعي البروستاتي في الدم : حيث يمكن أن يشير المعدل المرتفع إلى احتمال قوی بوجود سرطان ساکن لا أعراض له في البروستاتا .

ويقول د. " ديزموند " إن بعض إخصائیی علم الأمراض يخفقون في فحص كل الأنسجة التي تؤخذ خلال عملية الاستئصال الجزئي للبروستاتا عبر مجرى البول ، وهؤلاء الذين لا يقيمون جميع العينات إنما يخادعون المريض.

كما يضيف أن احتمالات حدوث ذلك كبيرة لدرجة أن الورم السرطانی الخفی قد يغفل اكتشافه نظرا لأن جراحة الاستئصال الجزئي للبروستاتا عبر مجرى البول الصحيحة يتم فيها قطع الجزء المركزي النسيج البروستاتا ، والأغلبية العظمى من الأورام السرطانية الصغيرة لا تبدأ عند مركز البروستاتا ، بل بالقرب من أو على سطح فصوص البروستاتا . وهذه المناطق لا يتم لمسها أبدأ في العادة بواسطة المشرط الكهربائي للجراح حين يقوم بشق القناة الجديدة حتى يمكن للبول المرور من خلالها .

يبدو أن د. " ديزموند " يقول إنه إذا كان إخصائيو علم الأمراض يكتشفون وجود أورام سرطانية صغيرة لدى عشرة بالمائة من المرضى ، أو ما يصل إلى ثلاثين بالمائة من خلال بعض التقديرات العلمية للعينات المأخوذة من عملية استئصال البروستاتا ، فإن الرقم الحقيقي إذن لابد أن يكون أكبر بكثير من هذا الرقم عند وضع العاملين السابق ذكرهما في الاعتبار .

كما يبدو أن رأيه الشخصي في ذلك ، هو أن اختبارا كيميائية كاختبار مواد المضاد النوعي البروستاتي من شأنه أن يقدم وسيلة أفضل كثيرة للكشف المبكر عن سرطان البروستاتا أكثر من أية وسيلة أخرى .