مكافحة إدارة الأغذية والأدوية للعقاقير المغشوشة لعلاج تضخم البروستاتا الحميد

منذ عدة سنوات، ازدهر نشاط العديد من مؤسسات الطلبات البريدية وشركات الأدوية المتداولة التي كانت تبيع التركيبات والأدوية التي تصرف بدون وصفة طبية من الطبيب لعلاج تضخم البروستاتا الحميد. 
وقد بدأت هيئة البريد الأمريكية في الدعوة لمحاربة هذه المنتجات استنادا إلى أن الإعلانات الخاصة بها كانت مضللة، وأنها لم تؤت المفعول الذي ادعت قدرتها على إحداثه. 
ومن خلال الاستشهاد ببعض المعلومات الخاطئة البسيطة التي تقدمها هذه المنتجات، استطاعت هيئة البريد الأمريكية منع إرسالها عبر البريد. وقد أوقفت هذه الحملة النشاط التجاري لكثير من الأشخاص الذين كانوا يبيعون العديد من منتجات الطلب البريدي التي تصرف بدون وصفة طبية لمعالجة البروستاتا .
في مارس من عام 1990، صرحت إدارة الأغذية والأدوية FDA بأنها ستحظر بيع جميع العقاقير التي تصرف بدون وصفة طبية التي تستخدم لعلاج تضخم غدة البروستاتا. 
كما صرحت بأنه من خلال معاينتها لهذه المنتجات ، لم تجد أي دليل قوي على قدرة أي من هذه المنتجات على القضاء على، أو إيقاف، أو علاج الحالة التي يطلق عليها تضخم البروستاتا الحميد ، ولم يتم تحديد تاريخ لتنفيذ أو تفعيل هذا الحظر .
ومن الواضح أن إدارة الأغذية والأدوية FDA غير مطلعة على التطورات الجارية في هذا المجال؛ حيث قالت إن الجراحة في العلاج الفعال الوحيد لتضخم البروستاتا الحميد، وسوف يحاول العديد من أطباء المسالك البولية والمتخصصين في مجال الأدوية محاولات مستميتة لإثبات حججهم في جدوى استخدام الأساليب الجراحية الصغرى المتعددة التي ناقشناها حتى الآن ، والعقاقير الجديدة التي يجری تطويرها .
إن الأمر الذي أصدرته إدارة الأغذية والأدوية FDA من شأنه حظر بيع المنتجات الدوائية التي تباع بدون وصفة طبية التي يروج لها كعلاج للبروستاتا، ولكنها لم تستطع ، ولا تستطيع، أن تحظر منع عناصر ومركبات كيميائية معينة اعتبرها الكثيرون مفيدة في الحد من أعراض تضخم البروستاتا الحميد منذ أن أجريت دراسة " فينبلات / جانت " عام 1958، تتناول هذه الدراسة " القيمة العلاجية للمزيج المكون من الجليسين، والألانين، وحمض الجلوتاميك " في علاج تضخم البروستاتا الحميد، وتستخدم هذه العناصر الكيميائية، أو هذه الأحماض الأمينية تحديدا، في العديد من المنتجات التي سيتم حظرها قريباً، وكانت تستخدم بشكل عام في عشرات، وربما مئات، التركيبات التي تباع بدون وصفة طبية الموجهة إلى العامة منذ عام 1958.
هل كانت هذه العقاقير نابعة من جعبة خرافات رجال الطب في الغرب الضاری (غرب الولايات المتحدة قبل خضوعه لسلطة القانون ) ، أم أنها قدمت بعض الفوائد التي رفض رجال الطب التقليديون في هيئة مستشارى إدارة الأغذية والأدوية FDA الاعتراف بها ؟ لنلق نظرة على دراسة " فينبلات / جانت " التي بدأت كل هذا .
كان هذان الطبيبان يستخدمان هذه الأحماض الأمينية الثلاثة لعلاج مرضاهما المصابين بالحساسية . فذكر أحد المرضى أن مشكلاته الخاصة بالتبول قد تحسنت منذ أخذ العقاقير من طبيبية المعالجين . وقد أثار ذلك خيالهما، فقرر الطبيبان تجربة المزيج المكون من هذه الأحماض الأمينية الثلاثة على مجموعة من المرضى غير المصابين بالحساسية. 
وقد أثبتت التجربة أن هؤلاء المرضى الذين يعانون تضخم البروستاتا الحميد قد لاقوا ارتياحا كبيرا من الأعراض البولية وأعراض تضخم البروستاتا الحميد التي يعانونها .
وانتقل الطبيبان من هذه التجربة إلى تجربة معقدة إكلينيكيا . فقد تم علاج مجموعة مكونة من أربعين مريضا مصابين بتضخم البروستاتا الحميد بواسطة كبسولات تحتوي على الجليسين والألانين وحمض الجلوتاميك لمدة ثلاثة أشهر، وكانت أعمار المرضى تتراوح بين سبعة وثلاثين إلى خمسة وسبعين عاما، في حين تراوحت أوزانهم بين مائة وواحد إلى مائة واثنين وتسعين رطلا . وقد اشتكي بعض من هؤلاء المرضى من أعراض تضخم البروستاتا الحميد لمدة عام ، بينما عانی آخرون من هذه الأعراض لما يقرب من ستة أعوام .
وقد تم إعطاء نصف المرضى كبسولات البلاسبو (علاج إرضائی)، بينما تم إعطاء الأحماض الأمينية الثلاثة للنصف الآخر. 
وتم رصد استجابات المرضى على مدار ثلاثة أشهر رصدا تفصيلية. (ملحوظة: معظم هذه الأنواع من التجارب لابد من إجرائها على مدار ستة أشهر الضمان أفضل مصداقية لها).
بعد ذلك أعلنت نتائج التجارب الإكلينيكية . بالنسبة للمجموعة التي تتناول الأحماض الأمينية، وجد الطبيبان أن حجم البروستاتا قد قل في 92 % من الحالات ، كما زالت كثرة التبول الليلي في خمسة وتسعين بالمائة من الحالات ، بينما زالت الحاجة الملحة للتبول في واحد وثمانين بالمائة من الحالات ، وزال تکرار مرات التبول في ثلاثة وسبعين بالمائة من الحالات، وكذلك زال الألم في واحد وسبعين بالمائة من الحالات. ولم تلاحظ هذه النتائج بالنسبة للمرضى الذين يتعاطون البلاسبو .
وقد قامت هيئات طبية أخرى بإجراء تجارب تسير على نفس النمط التأكيد أو نفی نتائج تجارب " فينبلات / جانت ".
وفي دورية الجمعية الأمريكية لطب الشيخوخة في عام 1962، قدم د. " فريدريك دامرو" من مدينة نيويورك ، تقريرا عن اختبار من هذا النوع قام به . وقد جاءت نتائج مماثلة . فقد قال إن مزيج الأحماض الأمينية الثلاثة قد استخدم في اختبار تم إجراؤه على أربعين حالة من حالات تضخم البروستاتا الحميد، وبعد ثلاثة أشهر، قرر خمسة وتسعين بالمائة من المرضى أن كثرة التبول الليلي قد زالت أو قلت. 
كما انخفضت الحاجة الملحة للتبول في واحد وثمانين بالمائة من الحالات ، وقل تکرار مرات التبول في ثلاث وسبعين بالمائة من الحالات ، وتأخر التبول في سبعين بالمائة من الحالات. وقد ذكر د. “ دامرو " أنه لم تكن هناك آثار جانبية أو تفاعلات مضادة للأحماض الأمينية .
دليل آخر من اليابان تجاهلته أو أهملته إدارة الأغذية والأدوية FDA ، حيث تم إجراء سلسلة من تسع تجارب إكلينيكية في قسم المسالك البولية بجامعة " كيوتو " بمدينة كيوتو اليابانية . 
وكان بعض من هذه التجارب تجارب تعمية مزدوجة ، والتي تعنى أنه لم يكن من الممكن أن يكون لدى المشاركين في التجربة أية فكرة عما إذا كانوا يتناولون المادة موضوع التجربة أم يتناولون علاجا إرضائياً. وقد نشرت هذه الاختبارات في موسوعة Acta Urological Japonica ، الجزء الرابع عشر ، عام 1968 .
وقد تم إجراء العلاج بالأحماض الأمينية لعلاج تضخم البروستاتا الحميد باستخدام كبسولات " الجليسين - الألانين - حمض الجلوتاميك " على ست وثلاثين حالة تم تشخيص إصابتها على أنها غير معقدة من تضخم البروستاتا الحميد . وقد أسفرت الكبسولات عن نتائج مرضية في تخفيف الأعراض الذاتية والعامة ، ولم تلحظ أي أعراض جانبية على أي مريض من المرضى . 

وفي سلسلة أخرى من التجارب ، تحسنت الأعراض كما يلى :

• قلت مرات تكرار القبول في  77.7 %من الحالات . 
• زالت كثرة التبول الليلي في  68.4 %من الحالات . 
• زالت صعوبة التبول في  77.3 %من الحالات . 
• زال الشعور بوجود بقايا من البول في  71.4 %من الحالات .
ولم تحدث أي أعراض جانبية سوى في حالة واحدة فقط ، وتمت إزالتها بواسطة أحد العقاقير المعالجة للمعدة والأمعاء .
والآن هناك سؤال واضح يفرض نفسه : إذا كانت هذه الأحماض الأمينية جيدة لهذه الدرجة ، كما يتضح من هذه التجارب ، فلماذا لم تقم واحدة من شركات الأدوية العملاقة بتقليد الآخرين وإنتاج مزيج مجرب ومعترف به ومصدق عليه من قبل إدارة الأغذية والأدوية FDA من هذه الأحماض الأمينية لمرضى البروستاتا ؟
قد تكون الإجابة المنطقية لهذا السؤال أن نتائج تجاربهم لم تتوافق مع نتائج التجارب والاختبارات السابقة . أو قد تكون حقيقة الموقف هی أن الأحماض الأمينية ليست مركبا " ذا ملكية خاصة " الأحد يمكن تسجيله ببراءة اختراع ، وحمايته ، والاستفادة منه . فالأمر حينئذ سيكون أشبه بإنفاق ملايين الدولارات لتجربة قرص ملح دوائی وطرحه في الأسواق ، لتجد في النهاية أن بإمكان جميع الشركات الأخرى إنتاج نفس القرص .