يقسم الإجهاض الى أنواع مختلفة حسب درجة الإجهاض واكتماله أو نقصانه.. وتكرره ودافعه.

١- الإجهاض المنذر Threatened Abortion ويسمى ذلك الإجهاض منذراً لأنه ينذر بوقوع الإجهاض. ويعتبر نزول الدم من الرحم أو وجود آلام في الرحم إجهاضاً منذراً إذا تم قبل مرور ۲۰ أسبوع من الحمل ... وفي أغلب الحالات يتوقف النزف وخاصة إذا ارتاحت الأم ويواصل الجنين نموه دون حدوث مضاعفات.

۲. الإجهاض المحتم Inevitable Abortion ويسمى هذا الإجهاض محتماً لأنه ينتهي إلى خروج الجنين حتماً.. ويصحبه نزف دم من الرحم ويكون عنق الرحم متسعاً ويسمى الإجهاض کاملاً Complete إذا استطاع الرحم أن يطرد جميع محتوياته. أما إذا بقيت بعض محتويات الحمل في الرحم فيدعى الإجهاض عند ذلك غير كامل أو غير تام Incomplete وفي هذه الحالة لا بد من إخراج ما تبقى من محتويات الحمل خوفاً من تعفنها Sepsis ويتم ذلك عادة بواسطة عملية التوسيع (أي توسيع عنق الرحم) والكحت Dilatation and curettage.

٣- الإجهاض المختفي Missed Abortion.. ويحصل في هذه الحالات أن ينزف الرحم داخليا وتنقطع تغذية الجنين فيموت وربما تكلس (أي ترسبت في الجنين أملاح الكالسيوم).. ويبقى الجنين في الرحم فترة قد تطول وقد تقصر ثم يقذفه الرحم ذاتياً أو يخرجه الطبيب اما بالعقاقير (البروستاجلاندين) أو بعملية التوسيع والكحت (D + C).

 وقد ذكر الإمام ابن حزم في المحلى ([1]): أن الجنين قد يموت في بطن الأم ثم يلقيه الرحم متقطعاً في سنين أو يتمادى بلا غاية. ولو سعت الأم في إسقاطه عند تيقن موته لكان مباحاً.

4 - الإجهاض المتكرر Repeated Abortion.

ويكون الإجهاض متكرراً بسبب وجود أحد الأمراض التالية في الغالب.

أ- مرض مزمن لدى الأم مثل الزهري أو البول السكري أو  أمراض الكلى أو مرض الهربس سمبلكس التناسلي أو غير التناسلي.

ب - أمراض الرحم الخلقية.

ج- اتساع عنق الرحم.

د- أمراض الجنين الوراثية.

هـ- نقص في هرمون البروجسترون وفي هذه الحالة يدعى الإجهاض باسم الإجهاض المعتاد Habitual Abortion.

5- الإجهاض الجنائي أو الإجهاض المحدث Criminal Abortion or Induced Abortion رغم أن معظم الدول لا تزال قوانينها تمنع الإجهاض إلا لوجود أسباب طبية إلا أن الإجهاض المحدث Induced Abortion أو الإجهاض الجنائي بلغ أرقاماً مرعبة. ففي البلاد النامية ذكرت مجلة Medicine Digest (مارس ۱۹۸۱) أن التقديرات الطبية تدل على أن ۱۳, ۷۰۰ , ۰۰۰ حالة إجهاض جنائي قد تمت في البلاد النامية عام ۱۹۷٦) ([2]) وفي اسبانيا والبرتغال تتم مليون حالة إجهاض جنائي سنوياً. وفي أوروبا الغربية مليون أو أكثر. وفي اليابان مليوني حالة.. وفي الولايات المتحدة هناك أكثر من مليون حالة إجهاض. ومنذ أباحت المحكمة العليا عام ۱۹۷۳ الإجهاض فقد تم في الولايات المتحدة حتى عام 1983 أكثر من 15 مليون حالة إجهاض ([3]).

وقد صدر قرار المحكمة العليا في الولايات المتحدة في يناير ۱۹۷۳ والذي جاء فيه «إذا كان الحمل غير مرغوب فيه فيحق للمرأة وطبيبها أن يقوما بالإجهاض إذا كان الحمل لم يتجاوز ثلاثة أشهر ذلك لأن الإجهاض في هذه الفترة أصبح بعد التقدم الطبي قليل المخاطر بينما لا يزال الإجهاض فى الثلاثة الأشهر الثانية (Second Trimester) تكتنفه المخاطر.. ولذا فلا بد من سبب طبي قوي مثل أن يكون الجنين مشوهة أو أن تكون المرأة الحامل مصابة بخلل عقلي أو أن يكون الحمل قد تم نتيجة اغتصاب بالقوة أو تم بنكاح أحد محارمها (2).

أما في الثلاثة الأشهر الأخيرة فيحرم القانون الأمريكي الإجهاض لأن الجنين يصبح قابلا للحياة المستقلة ولا يسمح به إلا في حالة كون الحامل تواجه خطراً على حياتها (3).

وفي الاتحاد السوفيتي يتم الإجهاض أيضا بسهولة. وكذلك في الدول الشيوعية الأخرى مثل الصين. ومنذ أن قامت الصين بإصدار قانون يمنع الزوجين أن ينجبا أكثر من طفل واحد فقط فإن حالات الإجهاض قد زادت زيادة مريعة. ليس ذلك فحسب وإنما زاد بدرجة مخيفة وأد البنات وقتلهن إذ أن معظم الأسر ترغب في ولد ذكر فإذا جاءتهم أنثى فليس أمامهم الا قتلها سراً حتى تتاح الفرصة للأم لتحمل مرة أخرى.. ويا لها من قوانین تقدمية أشد همجية من عادات الجاهلية الأولى.

ويعتبر الإتحاد السوفيتي أول دولة في العالم أباحت الإجهاض لمجرد طلب الحامل وبدون وجود أي سبب طبي، وذلك في عام ۱۹۲۰ بعد قيام الثورة البلشفية التي قادها لينين واستيلائها على الحكم بثلاث سنوات فقط.. ونتيجة لذلك کثرت حالات الإجهاض بشكل كبير جداً في الاتحاد السوفيتي مما أدى إلى تراجع السلطات السوفيتية في عهد ستالين عام 1936 حينما أصدرت السلطات قانوناً يحدد الإجهاض بأسباب طبية..

وفي عام 1955 عندما انتشرت مرة أخرى موجة إباحة الإجهاض والمطالبة به في كثير من الدول قام الإتحاد السوفيتي بإلغاء قانون عام ١٩٣٦ وأباح الإجهاض مرة أخرى حسب الطلب وبدون وجود أي سبب طبي ([4]).. طالما كان ذلك قبل الشهر الرابع من الحمل.. والغريب حقا أن الإجهاض في دول الكتلة الشرقية هو أحد أكثر وسائل منع الحمل انتشاراً.

وتبعت الاتحاد السوفيتي في ذلك عدة دول مثل دول أوروبا الشرقية.. وكانت اليابان أول دولة غير شيوعية تبيح الإجهاض حسب طلب الأم وبدون وجود أي سبب طبي يدعو لذلك. ولهذا فإن حالات الإجهاض تتراوح ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين حالة سنوياً في اليابان ([5])..

ويقول كتاب ممارسة منع الحمل: «إن استخدام وسائل منع الحمل تسير جنبا إلى جنب مع الاجهاض وتنتشر أن معاً وخاصة في البلاد النامية. وفي كوريا الجنوبية يعتبر الإجهاض مسؤولا عن ۳۳ بالمئة من انخفاض نسبة المواليد بينما ساهمت وسائل منع الحمل في ٦٧ بالمئة من هذه النسبة». (صفحة 315).

وكانت الدول الاسكندنافية وسويسرا أول مجموعة من الدول الغربية تبيح الإجهاض وإن كانت فيه بعض القيود وليس حسب الطلب كما هو الحال في الدول الشيوعية واليابان (2)..

وفي الستينات أباحت بريطانيا (۱۹٦۷) وهايتي وبعض ولايات الولايات المتحدة الأمريكية الإجهاض وفي عام ۱۹۷۳ أباحت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الإجهاض متى تم قبل أن يتجاوز الجنين ثلاثة أشهر من عمره ([6]).

و لا تزال الدول الآسيوية ما عدا اليابان والصين تمنع الإجهاض إلا لأسباب طبية بحتة لا تدخل فيها الأسباب الاجتماعية.. وإن كانت الهند تدرس حالياً قانونا لإباحة الإجهاض (2).

ورغم أن دول أمريكا اللاتينية تمنع الإجهاض لأنها دول كاثوليكية والكاثوليك يحرمون الإجهاض بل يحرمون وسائل منع الحمل (ما عدا العزل)، الا أن الإجهاض الجنائي غير القانوني منتشر جداً هناك. إذ تحدث ما بين مليونين الى ثلاثة ملايين حالة إجهاض جنائي سنوياً.. وفي المكسيك أكثر من مليون حالة إجهاض جنائي سنوياً ويؤدي ذلك إلى وفاة ۱۰,۰۰۰ (عشرة آلاف) امرأة (3).

وفي إسبانيا والبرتغال (الجزيرة الإيبيرية) هناك مليون حالة إجهاض جنائي سنوياً رغم أن الجزيرة الإيبيرية كاثوليكية..

وفي مانيلا عاصمة الفيليبين الكاثوليكية يتم إجهاض مائة ألف امرأة سنوياً.

ويرجع السبب في انتشار الإجهاض الجنائي في هذه الدول الكاثوليكية إلى أن وسائل منع الحمل ممنوعة ولا تدرس في المدارس مثل الدول الغربية الأخرى..

وبما أن الزنا منتشر جداً في الغرب بأكمله وكذلك في الدول الشيوعية.. فإن وسائل منع الحمل تحد نسبياً من الإجهاض الجنائي.. وبما أن دول أمريكا اللاتينية واسبانيا والبرتغال دول كاثوليكية فإن وسائل منع الحمل غير واسعة الانتشار فيها ... وبالتالي تكثر حالات الحمل غير المرغوب فيه.. مما يؤدي إلى انتشار الإجهاض الجنائي.

وتقول دائرة المعارف البريطانية ([7])، إن خمسين بالمئة من جميع حالات الحمل تجهض بفعل فاعل (الاجهاض المحدث Induced Abortion) سواء كان بموافقة القانون أو بغیر موافقته في فرنسا واليابان. وأن 25 بالمئة من جميع حالات الحمل تجهض في ألمانيا الغربية وهولندا والدنمارك.

و يعتبر الإجهاض الجنائي خطرة على صحة الأم.. ([8]) لأنه يحدث عادة في مكان غير معقم وقد يحدث من غير طبيب وتصل نسبة الوفيات فيه إلى أرقام عالية.. وحتى بعد أن أبيح الإجهاض وأجراه الأطباء فإن نسبة وفيات الأمهات في عملية الإجهاض تبلغ ٤٠ من كل مائة ألف (2) ... وقد انخفض الرقم في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية الى ۱۲ من كل مائة ألف.

وفي كثير من حالات الإجهاض تصاب الأم بعدة أمراض وخاصة في جهازها التناسلي.. ويصبح الحمل القادم معرضاً للكثير من المخاطر ويتعرض الجنين القادم للتشوه كما يتعرض للنزول قبل موعد الولادة أو بحصول إجهاض تلقائي. بل إن حالات العقم تزداد بعد إجراء عملية إجهاض محدث (3).. وتزداد خطورة الاجهاض كلما تقدم الحمل وخاصة بعد الأسبوع السادس عشر.

وقد لوحظ أن معظم حالات الإجهاض الجنائي هي لفتيات غير متزوجات بينما لوحظ أن أكثر حالات الإجهاض القانوني هي النساء متزوجات ([9]).

وتقول الدراسات الطبية على النساء اللائي أجهضن بأنهن يعانين من اضطرابات نفسية شديدة وشعور بالذنب وحالات سوداوية وفي دراسة أجريت في يوغسلافيا وجد أن 76 بالمئة من جميع النساء اللائي أجري لهن إجهاض محدث (أي بفعل فاعل) مصابات باضطرابات نفسية (۲) وتبلغ حالات الإجهاض الجنائي في العالم أكثر من 5 مليون حالة إجهاض سنويا حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية سنة ۱۹۷٦ ... وقد زادت هذه الحالات الى خمسين مليون حالة حسبما ذكرته مجلة التايم الأمريكية (6 أغسطس 1984).

ولولا انتشار وسائل منع الحمل وخاصة الحبوب لكان الإجهاض الجنائي أكثر من هذه الأرقام المفزعة بكثير.. وذلك لشيوع التحلل الأخلاقي وانتشار الزنا.. وذلك مصداق لحديث المصطفى r عن انتشار الفاحشة في آخر الزمان حيث يقول: لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تساند البهائم في الطرق. (رواه الطبراني عن ابن عمر). وقوله عليه الصلاة والسلام: لا تقوم الساعة حتى توجد المرأة نهاراً تنکح وسط الطريق لا ينكر ذلك أحد فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول: لو نحيتها عن الطريق قليلاً

(أخرجه الحاكم عن أبي هريرة).

وقد وصل الأمر في بعض دول أوروبا وأمريكا الى قريب من هذا.. وكل ذلك باسم الحرية الشخصية وعدم التدخل فيها.

6- الاجهاض العلاجي Therapeutic Abortion يقول الدكتور رالف بنسون في كتابه ([10]) and Gync Handbook of Obst

«رغم أن هناك أسباباً عدة طبية وجراحية تدعو إلى الاجهاض إلا أن التقدم الطبي العلاجي جعل الحاجة إلى الاجهاض نادراً نسبياً بحيث لا تزيد عن حالة واحدة من كل خمسمائة حالة حمل. واليوم تجرى معظم حالات الإجهاض لأسباب اجتماعية وليس لأسباب طبية وإن كانت لا تزال تحمل اسم الإجهاض العلاجي».

«ولهذا ينبغي على الطبيب أن يتيقن أن استمرار الحمل خطر يتهدد حياة الأم وأن مخاطر الإجهاض أقل من مخاطر استمرار الحمل ومخاطر الولادة».

ويقول كتاب 242 Human Fertility Control P: «وعلى الطبيب أن الاجهاض من أجل سبب اجتماعي قد يؤدي بذاته الى تفاقم المشكلة الاجتماعية إذا أصيبت المرأة بمرض مزمن نتيجة الإجهاض أو أدى ذلك إلى وفاتها».

ويقول: «إن إنقاذ حياة امرأة بواسطة الإجهاض أمر شدید الندرة ... وإذا كانت الأم راغبة في إتمام الحمل فلا يكاد يوجد مرض واحد وجب عليها الاجهاض من أجل إنقاذ حياتها.. وذلك نتيجة التقدم الطبي الواسع ...«

ويعتبر الإجهاض في كثير من الأحيان موازياً لخطر استمرار الحمل ثم الولادة. ولذا فإن الأسباب الطبية المذكورة للإجهاض لا تعد اليوم ملزمة لإجهاض الحامل متى رغبت في إتمام حملها.. وعلى الأطباء بذل جهودهم في علاجها مع مواصلة حملها.

وفي الدول الغربية أصبح الأمر متعلق برغبة الأم في مواصلة الحمل أو الإجهاض أكثر من تعلقه برأي الأطباء الا فيما ندر.

(1) ابن حزم: المحلی ج ۳۱۷ / ۱۰ طبعة دار الفكر.

(1) وقد تضاعف هذا الرقم إلى ۲۰ مليون حالة إجهاض جنائي سنوية في العالم الثالث كما نذكره مجلة التايم الأمريكية في ٦ أغسطس١٩٨٤.

(1) مقال للرئيس الأمريكي رونالد ريجان في مجلة هيومان لايف ونقلته مجلة المجتمع الكويتية العدد ۱۲۳.

(2) Ralph Benson : Handbook of OBST, and Gync, th Edition, P420

(3) المصدر السابق.

(1) دائرة المعارف البريطانية ج ۲/ ۱۰۹۹ طبعة ۱۹۸۲ (الطبعة الخامسة عشر) وج ۸۰۱ / ۱۱ , وكتاب Textbook of Contraceptive Practice.

(1-2) دائرة المعارف البريطانية ج ۲/ ۱۰٦۹ طبعة ۱۹۸۲(الطبعة الخامسة عشر) وج ۱۱ ٨٥١.

(1-2) دائرة المعارف البريطانية ج 2/ 1069 طبعة ۱۹۸۲ (الطبعة الخامسة عشر) وج۱۱/ ۸۰۱.

(3) مجلة التايم الأمريكية (٦ أغسطس ۱٩٨٤) .

(1) الجزء 11/ 1069.

  1. وخاصة في العالم الثالث حيث يجری سراً وفي أماكن غير معقمة وتستخدم وسائل غريبة ابتداء من إدخال أعواد الملوخية وزيت نبات العرعر وابرة الكروشيه المعقوفة ,, وفي شرق آسيا تنتشر طريقة التدليك والضغط القوي على البطن مما يؤدي أحيانا إلى تمزق الرحم.. ونسبة الوفيات عالية جداً) ألف من كل مائة ألف) بالإضافة الى نزف الرحم والتهاب الحوض المزمن وتكرر الإجهاض أو العقم أو الحمل خارج الرحم أو انثقاب الرحم أو انثنانه.
  2. المصدر السابق وكتاب ممارسة منع الحمل ص ۳۰۹
  3. المصدر السابق.
  1. المصدر السابق .                       (2) المصدر السابق .

Ralph Benign: Handbook of OBST and Gync. 6th Edition P 1201 - 21 (1)