أكثر ما تُحب الجماهير أن تراه في حدائق الحيوان بعد البوا والأصلات هو الكوبرا والمامبا. فكل إنسان يتوق لرؤية هذه الثعابين السامة المميتة التي تصور غالبا في القصص الشعبية وأساطير الرحالة. ومن ذا الذي لم يسمع عن الكوبرا التي تنتشر درقتها أو عن المامبا التي تنطلق من الشجرة كسلسلة من ومضات البرق.

وتكون الكوبرا والمامبا مع ثعابين المرجان وثعابين قليلة أخرى أسرة واحدة وتشترك كلها في الأسنان، إذ أن لجميعها أنيابا جوفاء قصيرة جامدة في الجزء الأمامي من الفم.

وتعيش هذه الأسرة المثيرة في كل قارة تسكنها الثعابين إلا أوربا. ولا يوجد منها في الدنيا الجديدة إلا ثعبان المرجان فقط. أما أفريقيا وآسيا فيهما أفراد كثيرة من هذه الأسرة، وكل الثعابين السامة في أستراليا - ويوجد منها الكثير - تتبع هذه الأسرة.

يوجد أكثر من ستة، من أنواع الكوبرا المختلفة، أكثر من نصفها موجود في أفريقيا، ومع ذلك فكلما انصرف تفكيرنا إلى الكوبرا، فإن أول ما يخطر ببالك هو صورة الكوبرا ذات النظارة The Spectacled Cobra الموجودة بالهند لأنها هي التي يستعملها حواة الثعابين في الهند.

دعنا نجلس في حلقة من حلقات هؤلاء الحواة وننظر إلى هذا الثعبان المشهور الذي يخيف كثيرا من الناس أكثر مما يقتل.

ويبدو أنه مقتنع الآن بما اجتمع حوله من المتفرجين، وها هو ذا بضع سلاله ويجلس على الأرض واضعا إحدى رجليه على الأخرى أمامهم وبالقرب منهم، ثم يبدأ في ألعابه السحرية بموسيقى ناعمة من مزماره.

ويجلس المتفرجون او يقفون حوله على بعد أمتار قليلة منه. وبعد قليل يزيح الحاوى بطرف عصاه أغطية السلال. وتطل في الحال رؤوس وأجسام عديدة وتفلطح كل رقبة وتمتد إلى درقة.

وعلى ظهر كل رقبة علامة بيضاء واضحة تشبه عينين كبيرتين خلف نظارة. والآن يسرع الجاري في لعبه محركا جسمه مع الموسيق وتميل الكوبرا

أيضا وتظهر كأنها ترقص في نفس الوقت مع الموسيقى. وهذا ما يريد أن يظهره الحاوى. ولكن الحقيقة أن الثعبان لا يكاد يسمع الموسيقى ولكنه يتبع حركات جسم الحاوي.

ثم يزحف ثعبان من السلة ويلتف بجانب رجل الساحر ويرفع رأسه وثلث جسمه إلى أعلى ثم يهتز ويهتز. ولا يبدي الرجل أي خوف من الثعبان وقد تكون عيناه غير ناظرتين إليه، بل إنه قد يكون ناظراً إلى المتفرجين في وقار.

ولا يبدي المشاهدون أي خوف أيضا لأنهم يثقون ثقة تامة بأن الحاوي يسيطر سيطرة تامة على ثعابينه المميتة التي لا تبعد عنه إلا بمسافة قصيرة.

كيف تحصل هذا؟

لا ينوم الحاوى ثعابينه تنويم مغناطيسيا. ومن المؤكد أنه ليس عند الحياة مناعة ضد سم الكوبرا، ولو أنه يقال إنهم يحاولون أن يجعلوا أنفسهم هكذا بابتلاعهم بعض السم أو بتدليك أطرافهم به. صحيح أن أنياب الكوبرا قد نزعت في الغالب، ولكن مع ذلك فإن الثعابين تبني خطرة لأن السم يسيل من هذه الجروح، فإذا عض الثعبان بأسنانه الأخرى فإنه من الممكن أن يصل السم إلى تيار الدم. ولكن فن الحواة شيء لا نستطيع أن نفهمه حقيقة وكل ما نعرفه هو أن الأمر يحتاج إلى أعصاب قوية لتصبح من حواة الثعابين.

وشيء غريب عن الكوبرا ذات النظارة أن في بعض المناطق توجد ثعابين من هذا النوع تستطيع أن تقذف السم. وهكذا فهي تستطيع أن تدفع السم خارج الأنياب ونرشه على الأعداء. وقد تسأل ما فائدة هذا ما دام السيم لا يضر إلا إذا أصاب جرحا. وهذا ليس صحيحا تماما، إذ أن السم إذا وصل إلى العينين أعماهما، ولو أن هذا لا يدوم إذا أسعفنا في الحال بالعناية اللازمة والعينان هما غالبا ما بهدف إليهما الثعبان.

والكوبرا المصرية Egyptan Cobra هي كوبرا مشهورة جدا، لأنها كانت تتخذ رمزا للملكية في مصر القديمة وكانت الكوبرا الذهبية المرصعة بالأحجار الكريمة تزين وسط التاج. وليست الكوبرا المصرية من القاذفات، ولكن الكوبرا سوداء الرقبة Blacknecked Cobra الموجودة في وسط أفريقيا من قاذفات السم، ويصيب هذا الثعبان الهدف بدقة أكثر من الكوبرا ذات النظارة ولكن أبرع قاذفة للسم مي كوبرا رينجهال Ringhals Cobra، التي لا تزيد على

متر تقريبا، وهي تستطيع أن تقذف بعيداً وفي خط مستقيم. وعندما تثار ترفع الجزء الأمامي من جسمها لتكون حرقة، ثم بسرعة وفي طرفة عين تقذف قذفتين من السم تقصد بهما العينين. وقد تصل القذفة إلى مسافة 180 – 340 سنتيمتراً، ويعتمد هذا على حجر الثعبان.. وقد يقذف الثعبان عشر مرات أو اثنتي عشرة مرة في مرات سريعة متتابعة.

وقذف السيم دفاع دقيق ضد الطيور الكبيرة والثدييات. وثعبان الرينجهال قاذف ماهر، حتى إنه ليسمي الكوبرا القاذفة Spiting Cobra وهو الكوبرا الوحيدة التي تلد.

وأكبر كوبرا - وكذلك أكبر ثعابين الدنيا السامة كلها - هو كوبرا الملك في الهند سيام والهند الصينية والملايو وجزر الفليبين. وينمو الكوبرا الملك حتى يبلغ حوالي خمسة أمتار ونصف متر. ويأكل بعضه بعضا، ولا يأكل غالبا شيئا إلا الثعابين التي من أغلبها ثعابين كريت Kraits التي تتبع نفس الأسرة.

وثعابين كريت مخيفة جدا في الشرق. وهي مزركشة بالأسود والأبيض وبخطوط عرضية سوداء وصفراء، وتوجد غالبا في الأرض المزروعة، وفي المنازل، وهي دائما غير مرغوب فيها. وبينما سمها ليس بقوة سم الكوبرا إلا أنه قاتل للإنسان غالبا، وعلى هذا فإن الكوبرا يؤدي خدمة حقيقية باعتماد في غذائه على ثعابين كريت.

شعابين المامبا المشهورة هي ثعابين شجر وتعيش فقط في أفريقيا، بعضها أخضر وبعضها أسود، وأطولها يبلغ حوالي ثلاثة أمتار ونصف متر، وكلها دقيقة وسريعة الحركة وتظهر بأجسامها الرفيعة وعيونها الكبيرة كأنها ثعابين بريئة لا تؤذي ولكن لا تدع هذا المنظر يخدعك، لأن المامبا ثعبان سام مميت وسريع الانقضاض، وهو يرقد هادئا على فرع شجرة، وأي ركة مفاجئة تجعله يقذف بنفسه كصاعقة من البرق وينشب أنيابه.

وأنيابه قصيرة وعضته ليست عميقة، ولكن سمه أسوأ ما يمكن أن يكون ويعمل سريعا. ولابد أن يكون كذلك إذا أراد الثعبان أن يمسك غذاءه. وذلك لأنه يتغذى على الطيور و “سحالي، الأشجار والحيوانات السريعة  لحركة الأخرى، فإذا لم يكن السيم سريعا فإن الفريسة تستطيع أن تهرب ونصبح بعيدة عن متناول يده قبل أن تموت.

منها الآدار المميت The Death Adder والثعبان النمر Tiger Snake والثعبان الأسترالي الأسود Australian Black Snake وكلها ثعابين خطرة جدا. وسم ثعابين المرجان خطر أيضا، ولكن الأمريكيين سعداء الحظ لأن عندهم نوعين فقط في بلادهم، وكلاهما من الثعابين المختفية جدا، أي التي تمضى وقتا طويلا من حياتها تحت الأرض.

ويمكن أن يميز ثعبان المرجان من الثعابين الأخرى بترتيب الخطوط السود والصفر والحمر، ويختلط معها ثعابين اللبن وبعض ثعابين الملك. والطريقة المؤكدة لتمييز ثعبان غير ضار من ثعبان المرجان هي بواسطة ترتيب الألوان.

في ثعبان المرجان الخطوط الحمر تحدها خطوط صفر او بيف في لون القشدة، وفي الثعابين غير الضارة فإن الخطوط الحمر تحدها خطوط سود والخطوط مكررة بهذه الطريقة:

ثعبان المرجان: أصفر، أحمر، أصفر، أسود، أصفر الثعبان غير الضار: أسود، أحمر،  سود، أصفر، أسوولكن قد يحدث مرة كل حين أن تجد ثعبان المرجان ولونه أسود تماما.

وقد حدث أن أمسكت سيدة من ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية ثعباناً من هذه الثعابين الشاذة التلوين فعضها في إصبعها، وفي دقيقة واحدة انتشر الألم في كل ذراعها، وسرعان ما انتشر في كل جسمها. ولم تمت هذه السيدة ولكنها لم تشف إلا بعد أربعة أيام.