لم يسبق له قط ان رتب غرفته، إنه يعزف الموسيقى بصخب، ويثير ضيقك وغضبك، أنتما على وشك بلوغ نقطة اللاعودة، وتشرع في مساءلة نفسك عن مكمن خَطَئِك كأب لمراهق متمرد، متقلب المزاج، يرتدي زياً أسود. إنه يكتفي دائماً بالرد بكلمات مقتضبةن يبدو دائماً مكتئباً (مع أن الحيوية وروح التفاؤل تدبان فيه فجأة عندما يظهر الأصدقاء)، وهو نائم الجوع والغلظة والقسوة، ودائم الإثارة للمشاكل، دائم التعرض للحرج من جانبك، وأنت تلوم نفسك. إنه خطؤك أنت وحدك، لقد خذلته بشكل ما، هراء كل هذا جيد.

إن أبناءك يجب أن يختلفوا معك لكي يغادروا البيت. إن كانوا يحبونك حبا جما لما كانوا قد غادروا. لقد ربيتهم، وحرصت على نظافتهم، وألبستهم، وأغدقت عليهم بالمال طوال حياتهم. ولكنهم لا يريدون أن يشعروا بالامتنان، هم يريدون أن يرحلوا، وأن يتصرفوا بشكل انحلالي، ويستخدموا الألفاظ النابية التي يستخدمها الكبار. إن أبناءك لم يعودوا يريدون أن يبقوا ملائكة صغارا، إنهم يريدون أن يخرجوا عن المألوف، ويريدون أن يزجوا بأنفسهم في المشاكل، ويريدون أن يكسروا القيود، ويقطعوا الحبل الأبوي ويتسلقوا أعلى المرتفعات، ويصيحوا بأعلى صوتهم بأنهم قد تحرروا أخيراً. كيف يمكن بالله عليك أن يسعى الابن إلى ذلك وهو ما زال ملتصقا بك، وهو ما زال يكن لك الكثير من الحب؟ ولكن عليه أن يتحرر بعدم توافقه معك لكي يعود إلى المنزل ثانية ليصبح أكثر من مجرد ابن.

كل هذا طبيعي، وعليك أن ترحب به، وتسعد بعودة الأبناء إليك. اطردهم بعيدا مبكرا، وصدقني في ذلك لكي تستدعيهم مبكرا. لن يعود بإمكانك ان تمشط لهم شعرهم ثانية، أو تضعهم في فراشهم، أو تقرأ لهم القصص، ولكنك سوف تكتسب صديقاً ناضجاً تستيطيع أن تقيم معه علاقة جديدة تماماً.

اسع للتشبث بأبنائكن وسوف يستاءون لفترة أطول، خذ الأمر على محمل شخصي، وسوف يستغرقون فترة اطول قبل أن يعودوا غليك بسبب شعورهم بالذنب.

يمكنك أن تبدي هذا لابنك المراهق: لا تعتمد على أهلك. إن ابنك يشعر بالتهديد من هذه العلاقةالجديدة مثلك تماما. امنح أبناءك فسحة، وسوف نصلح الأمر مع مرور الوقت، وهو ما ينطبق تحديدا وتماما عليك أنت أيضا.