قبل أن تتمكن من لمس القاعدة يجب أن تعرف أين هي القاعدة. القاعدة هي المنزل. القاعدة هي حيث تنتمي، القاعدة هي حيث تشعر بالراحة والأمان والحب والاحتواء والثقة، القاعدة هي حيث تشعر بالقوة والتحكم. القاعدة هي أي مكان يمكنك أن تخلع فيه نعليك ـــــ مجازياً وفعلياً ـــــ وترقد في هدوء، وأنت واثق من أنه سوف يتم الاعتناء بك.

لقد أصبحنا جميعاً نعيش حياة مشحونة محمومة مكبلة بالأعباء. كما أننا جميعاً سقطنا في قبضة الحياة التي لا ترحم إلى حد أن أفقدتنا رؤية المكان الذي كان من المفترض أن نذهب إليه، وما كان من المفترض أن نفعل، وما كنا بصدد إنجازه. القاعدة هي العودة إلى النقطة التي حلمت فيها بكل هذا؛ خططت فيها لكل هذا، إن القاعدة توجد حيث كنت قبل أن تواجه التيه.

كما أن الرجوع إلى القاعدة الأصلية يمكن أن يتمثل أيضاً في إعادة اكتشاف جذورنا، وهو أمر أساسي في هذا الزمان حيث إننا أصبحنا دائمي التنقل، ويشمل معرفة عائلتك، ومنشئك، وخلفيتك الحقيقية. لا بأس أن يكون لك طموح، وأن تبتعد عن جذورك؛ ولكن من الضروري أن تعرف من تكون ومن أين تأتي. يمكنك أحياناً أن تستشعر ذلك في المشاهير الذين وصلوا إلى قمة الشهرة أو الثروة. إنهم يحاولون دائماً التنكر لماضيهم، والتظاهر بأنهم شيء آخر، وهو ما يجعلهم يظهرون في صورة باهتة ضحلة.

بالنسبة لك؛ قد تكون القاعدة هي المكان الذي نشأت فيه؛ أو المكان الذي يذكّرك بسنوات نموك، آمالك ومخاوفك؛ وطفولتك. أو قد يكون الشخص الذي يمثل لك القاعدة صديقك المقرب الذي تربطك به علاقة منذ سنوات عدة، والذي يستطيع أن يذكّرك بحالك قبل أن يصيبك الاضطراب وتضربك الحيرة.

بالطبع؛ قد لا نعرف منشأنا، وقد يكون لنا عذرنا في ذلك، ولكنك على أية حال نشأت في مكان ما. أياً كانت ظروفك؛ سوف تشعر بالاحتواء إن بحثت عن منشئك وأصلك. لا يجب أن يكون المقصود هو المكان الذي ولدت ونشأت فيه. إن كنت لا تجد ما أتحدث عنه؛ فإنه يمكنك أن توجد لنفسك قاعدة جديدة. إنه أي مكان يشعرك بالأمان.

كلنا بحاجة إلى قضاء بعض الوقت مع أشخاص، أو في أماكن معينة لكي نختلي بأنفسنا، أو نستعيد أنفسنا؛ حيث لا نكون مطالبين بتقديم شرح أو تبرير، أو تقديم خلفية أو ترك انطباع جيد. هذه هي متعة لمس القاعدة، متعة تواجدك في مكان تشعر فيه بأنك مقبول بدون مبرر، وتشعر أن كل ما حولك يذكرك بكل ما هو مهم. إن لمس القاعدة هو ما يعني ألا نكف عن مساءلة أنفسنا عن سر ابتعادنا عنه كل هذه الفترة.