قدوم الثعابين إلى الدنيا:

كل إنسان يعرف أن الذكر في الطيور يختلف عن الأني اختلافا كبيراً في الحجم واللون والزينة. ولا يوجد مثل هذا الاختلاف في الثعابين. فإذا كان الديك ثعبانان أحدهما أنني والآخر ذكر وكلاهما متساو في الطول تقريبا فإنك قد لا تستطيع أن تميز أحدهما عن الآخر.

ولكن غالبا ما نجد الأني أطول جسما، أما الذكر فأطول ذيلا. وفي بعض أنواع الثعابين يوجد للذكر قليل من الدرنات الصغيرة أو العقد على كل حرشفة من الحراشف الموجودة حول قاعدة الذيل.

وقد توجد هذه الدرنات على الرأس والذقن.. وفي بعض البوا والأصلات يكون المهمازان أكبر حجما في الذكور أيضا، وقد لا يوجد هذان المهمازان في الإناث كلية.

وحياة الأسرة غير معروفة مطلقا بين الثعابين. ولا يوجد شيء من قبيل الارتباط الزوجي الدائم، وقد تجد أحيانا تعبانين يعيشان معاً، وهما إنما يفعلان ذلك، لا لأنهما يعيشان معيشة مشتركة، بل لأن الغذاء متوافر في هذه البقعة الموجودين بها.

والاعتقاد السائد أن الثعابين السامة تسافر أزواجا وأنك إذا قتلت واحدة منها فإن الآخر يخرج ويثأر لرفيقه، قصة وليدة الخيال.

ويحدث التزاوج في الربيع في المنطقة المعتدلة بعد أن ترك الثعابين جحور بياتها الشتوي وقد يتقاتل ثعبانان أحيانا من أجل أني واحدة. ومن المحتمل أن يكون بينهما رقص الغزل الذي بحك فيه الذكر ذقنه برقبة الأنى ظهرها.

والتلقيح لمرة واحدة، تصبح الأنى بعده في الغالب قادرة على أن تعطي صغاراً لمدة سنين عديدة.

ويحصل الانفصال بعد التلقيح مباشرة، ويذهب كل إلى حال سبيله، وقد لا يتقابلان ثانية إلا في جحر البيات. وبعد وقت تضع الأني البيض، أو ربما تلد أحياء، فحوالي نصف الثعابين يبيض والنصف الآخر بلد.

حتى إذا حان وقت وضع البيض أخذت الأم في البحث عن مكان مناسب وهي قد تضع بيضها في كتلة من الخشب، أو في مواد نباتية عفنة، أو في الرمال، أو ربما في عش النمل الأبيض، أو في أي مكان لا يشتد حره ولا يقسو برده ولا تعلو رطوبته ولا يزداد جفافه، ثم تذهب بعيداً في الغالب وتنسى كل شيء عن هذا البيض.

وقد بضع أحيانا عدد من الإناث البيض في نفس المكان وتبيض فيه عاما بعد عام. وفي مكان من هذه الأمكنة وجد حوالي ثلاثة آلاف بيضة من بيض ثعبان الماء الأوربي The European Water Snake.

ويجب عليك ألا تظن أن هذا البيض ـ الذي هو غالبا أبيض اللون (أو كلون القشدة) له قشرة جامدة كقشرة بيض الطيور؛ وبيض الثعابين صلب جلدي أكثر مما يكون هشا. ويختلف الوقت الذي يحتاج إليه هذا البيض ليفقس باختلاف نوع الثعبان. فإذا وجدت بيضة ثعبان فاصبر فقد تحتاج إلى أيام قلائل، وقد تحتاج إلى شهور عدة حتى تخرج الصغار.

وليس للثعابين مناقير حادة. إذاً كيف تستطيع الصغار أن تشق طريقها خارج القشرة الجلدية؟ هناك سن خاصة - سن البيضة - بشق بها الصغير جدار سجنه.

وتوجد سن البيضة هذه على الطرف الأمامي للفك الأعلى عمودية على باقي الأسنان متجهة إلى الأمام. ومن السهل رؤية هذه السن الخاصة. ولكنك إذا لم تسرع إلى رؤيتها، فإنك لن تراها بعد ذلك، لأنها تسقط سريعا في ظرف ساعات قلائل أو بعد يوم واحد أو يومين بعد الفقس.

الثعابين أما فيما يختص بالثعابين التي تلد صغاراً فإن القصة أسهل، إذ أن البيض يظل داخل جسم الأم حتى يكتمل نمو الصغار تماما.

فلا يوجد حول البيضة قشرة، ولكن يوجد علاف دقيق رائق، وعندما يحين الوقت تخرج الأم صغارها من جسمها وهي لا تزال لا صفة بهذا الغلاف. وسرعان ما تخرج الصغار من هذا الغلاف وتزحف، وفي الحال تصبح مستقلة تماما تولى أمورها الخاصة بنفسها.

ولا يوجد ما يسمى رعاية الأم لصغارها، لأن الثعبان الطفل قادر على أن يعني بنفسه كالثعبان اليافع سواء بسواء.

وهذا مما يجعل قصة الثعبان الذي يبتلع صغاره مضحكة.

ومما لا شك فيه أنك قد سمعت هذه القصة القديمة التي يقول بها الآلاف بعد الآلاف من الناس، وهي أنه أثناء الخطر تفتح الأم فها فيدخل الصغار إلى ذلك الفم، ثم منه إلى الداخل عن طريق الحنجرة، ويقول لك كثير من الناس:. لقد رأيتها بعيني، ولكن هذا ما لم يره أي عالم من العلماء، ويقول كل منهم إن هذا شيء يستحيل حدوثه.

وذلك لأنه - كما قلنا آنفا - لا تهم الثعابين بتاتا بصغارها التي هي قادرة تماما على أن تحافظ على نفسها، ومن ثم فإن الأم لا تشعر بالقلق بتاتا نحو صغارها إذا هددها أي خطر. وبالإضافة إلى هذا فإنها تصبح غبية كما يقال عندما تضع كل بيضها في سلة واحدة وتجازف بتعريض نفسها وصغارها معها للقتل.

إذاً كيف نشأت هذه الخرافة؟.

يظن الناس أنهم يرون ثعبانا يبتلع صغاره، ورب ما يرونه هو ثعبان يأخذ حصته من الغذاء المكون من بعض الثعابين، لأن بعض الثعابين بأكل بعضه بعضا، أو رب ما يرونه هو صغار تزحف إلى داخل جحر بجانب رأس ثعبان.

ولعل حقيقة الأمر أن أني من إناث الثعابين قد قتلت وهي حامل، فيطلق بعض الناس العنان لخيالهم ويستنتجون نتيجة خاطئة قائلين: لابد أن تكون الأم قد ابتعلت تلك الصغار،. ولكن لعلهم ما كانوا ليقولوا ذلك أبداً إذا عرفوا أن بعض الثعابين تلد صغارها ولا تبيض.