في جميع الأماكن المختلفة:

سواء أكنت تعيش في المدينة أم في الحقل فإنك لا تحتاج إلى الذهاب بعيداً لترى ثعبانًا طليقًا.

حتى في المدن المزدحمة مثل نيويورك لا تزال بعض الثعابين تعيش في الأماكن الخالية والمنتزهات غير المطرقة.

لقد أمسكت ثعباني الأول في واحد من هذه الأمكنة، في يوم من أيام الحريف عندما كان عمري ست عشرة سنة رفعت أنا وأخي صخرة كبيرة منبسطة في متنزه فان كورتلاندت، وهناك كان يرقد الثعبان ملتفا تحتها. وكان بنيا صغيرة.

وعرفت أنه غير سام، لأني سمعت أنه لا توجد ثعابين سامة بالقرب من نيويورك. ولهذا أخذته ووضعته في جرة معي وحملته إلى المنزل.

وقد علمت أخيراً أنه ثعبان و دي كاي، DeKay s Snake وقد ظل حيواني المدلل طيلة الشتاء، ولكني أطلقت سراحه في الربيع.

والولايات المتحدة غنية جداً بالثعابين، ففيها أكثر من مائة من الأنواع المختلفة التي تعيش في شتى الأمكنة. فتجدها في الغابات، والمروج، وعلى قمم الجبال، وفي الأنهار، والمستنقعات، وبعضها يتحرك بين الأشجار وعلى الأفرع العالية، غير أنها لا تعيش دائما في هذه الأمكنة. ويعيش بعضها في الصحاري، وبعضها يحفر حفرة تحت الأرض. وبمحاذاة الساحل الغربي

الفلوريدا قد تجد ثعابين في المياه الملحة بجانب مصاب، الأنهار، ولكنك لا تجدها في أي من مياهنا الساحلية. وتعيش ثعابين البحر في المياه الحارة على سواحل آسيا وأفريقيا وغينيا الجديدة وأستراليا. وقد وصل إلى الدنيا الجديدة ثعبان بحرى واحد فقط وهو يعيش في المياه العميقة على الساحل الغربي للمكسيك ووسط وجنوب أمريكا.

كل مكان من الأماكن المختلفة التي يعيش فيها ثعبان ما يسمى “موطنه، والبعض الثعابين موطن واحد والبعض الآخر مثل ثعبان الرباط Garter Snake المعروف - عدة مواطن. وهذا الثعبان واسع الانتشار جدا.

إذ أن من الممكن أن يوجد في منطقة جغرافية واسعة تمثلها مساحة كبيرة على الخريطة، وسوف تصادف هذا الثعبان في كل المنطقة التي تشمل جنوب كندا ومختلف أنحاء الجزء الشرقي من الولايات المتحدة، فضلا عن منطقة تمتد غرب نهر المسيسبي

وتشمل شرق تكساس وأوكلاهوما وكنساس. ولا يصل معظم الثعابين إلى هذا المدى من الانتشار، كما أن بعضها محدود الانتشار. وعلى سبيل المثال ثعبان فلوريدا قصير الذيل The Short - tailed Snake لا يمكن أن يوجد إلا في الجزء الأوسط من الولاية فقط.

والآن إذا أردنا أن نبين على الخريطة مجال الثعابين عامة لوجدنا أنها تشغل منطقة واسعة، ولكننا نستطيع أن نرى في الحال أن هناك أمكنة لا تعيش فيها الثعابين، كما أننا نستطيع أن ندرك على الفور أن الأماكن التي لا تعيش فيها الثعابين، هي المناطق الباردة جدا.

في القطب الشمالي كله يوجد نوع واحد من الثعابين يعيش في شمال اسكنديناوا، أما في القطب الجنوبي فلا يعيش أي ثعبان. وأبعد ما تصل إليه الثعابين جنوبًا هو جنوب الأرجنتين.

وربما تقول إن في القطب الشمالى توجد ثعالب، كما توجد ايضا دبية قطبية، وتعيش هناك الرنة والحيتان، وكذلك بعض الطيور. إذن لماذا إنها لا تعيش هناك لأنها، ككل الزواحف، من ذوات الدم البارد.

أما الطيور والثدييات فهي مثلنا من ذوات الدم الحار. وهذا يعني أن حرارة أجسامنا مستقلة عن حرارة الجو، فهما تبلغ برودة الجو فإن حرارة أجسام معظم الثدييات تبقى تقريبا ثابتة. ويختلف الأمر بالنسبة للثعابين، فإن حرارتها تعتمد إلى درجة كبيرة على درجة حرارة الوسط.

فإذا كان الهواء الذي حولها باردة هبطت درجة حرارتها، أما إذا كان الهواء الذي حولها ساخنا ارتفعت درجة حرارتها، ولهذا لا تستطيع أن تعيش في أقصى الشمال والجنوب، كما تعيش الآن إذا لم تكن قد اكتسبت عادة البيات الشتوي..

والبيات الشتوي مصطلح معروف لكل شخص، ولكن لا يستطيع أي إنسان أن يخبرنا عن حقيقة مدلوله. نحن نعرف أن الدبية تذهب إلى مساكنها الشتوية وهي سان، وتخرج منها في الربيع وهي عجاف، ونقول نحن إنها قضت فصل الشتاء نائمة.

وفي أثناء نومها كانت تعيش ومظاهر الحياة فيها أبطأ بكثير مما كانت عليه في حياتها العادية. ولهذا السبب لم تكن في حاجة إلى أن تأكل لمدة شهور. فهي تستهلك أقل مقدار من الطاقة حتى لا تأخذ وقوداً أكثر لكي تستمر في حياتها. فهي كانت تعيش على الدهن المختزن في أجسامها.

وما قلناه عن البيات الشتوي للدية ينطبق أيضا على الثعابين، إلا أن الثعابين تبيت لسبب آخر مختلف، فالديبة تبيت غالبا لأن معظم مصادر طعامها تقل، ولهذا فهي إما أن تبيت وإما أن نجوع.

أما الثعابين فهي من ناحية أخرى تبيت لتهرب من البرد، فهي إما أن تبيت وإما أن تتجمد. فعندما ينخفض الترمومتر يصبح من الصعب على الثعابين أن تتجول.

إذ أن الثعابين لا تستطيع الحركة بتاتا في درجات الحرارة المنخفضة جدا، وتكون في أحسن حالة لها ما دامت تنعر بدفء الحر. وهي تسعى إلى حرارة الشمس لتحافظ على ذلك الدفء، وعندما تشعر بأنها قد أصبحت ساخنة تزحف إلى الظل تاركة أشعة الشمس.

ولكن عندما تزداد الأيام برودة ولا تكلني أشعة الشمس ترفع درجة حرارتها فإنه يصبح من الواجب عليها أن تنسحب لتبحث عن مكان تحت الأرض لتبيت.