أول شيء يحدثك به شخص عادة عن ثعبان يكون قد رآه، هو عن طوله وكيف كان، ويقول: لقد كان طويلا هكذا، من هنا إلى هناك، وهذا ليس بالطبع قياسا دقيقًا.

وتسأل أنت: ولكن كيف تستطيع أن تقيس ثعبانا يتلوى ويتحرك؟ وهذا صعب جدًا، ولعل أصعب ما في الأمر أنك وأنت في الخلاء حيث تكون قد أمسكت بالشعبان - من المحتمل ألا يكون معك مقياس ومسطرة. نحن نسمع تقارير كثيرة تقول إن طول الثعبان يصل إلى عدد كذا ومن أطوال البندقية، Gun - length، وهكذا يقال عن طول الجلود أيضًا.

ولا يساعدنا هذا على تحديد أقصى طول يبلغه أي ثعبان، لأن أطوال البندقية قياس غير منضبط، كما أن جلد أي ثعبان يزداد غالبا في الطول كثيراً..

كان لي أنا نفسي الحظ في قياس طول الأصلة الشبكية Reticulated Python التي كانت قد ماتت حديثا في حديقة الحيوان، فوضعتها على الأرض مستقيمة وقست طولها فوجدته أربعة أمتار ونصف متر، ثم سلختها بعد ذلك بدقة ووضعت جلدها بلطف على الأرض، وقست طوله فكان خمسة أمتار وأربعين سنتيمتراً، أي أطول من الثعبان بمقدار الخمس.

وإن أعظم ما يهز مشاعر الناس الذين يزورون حدائق الحيوان هو رؤية الأصلة Python الأناكوندا Anaconda، لأنهما أطول ثعابين العالم، يود كل إنسان أن يعرف أيهما أطول.  يضع علماء الزواحف تقارير كثيرة لإيجاد الجواب، وقد وجدوا أن أطول ثعبان في أي مكان في العالم هو الأصلة الشبكية إذ يبلغ طولها تسعة أمتار وتسعين سنتيمتراً.

وقد ظهر تقرير بعد ذلك، يبدو أنه معقول، عن طول الأناكوندا التي بلغت أحد عشر متراً وأربعين سنتيمتراً.

ولهذا فإننا لا نعرف في الحقيقة أيهما أطول. ولكن أفضل ما نستطيع أن نقوله هو أن الأصلة أكبر الثعابين في الدنيا القديمة، والأناكوندا أكبرها في الدنيا الحديدة. وهناك أنواع كثيرة من الأصلات، ولكننا نستطيع أن نؤكد أن الأصلة الشبكية تفوق الكل في الحجم، فالأصلة الهندية Indian Python في آسيا وأصلة الصخر Rock Python في أفريقيا، تنموان حتى تبلغ الواحدة سبعة أمتار ونصف متر طولا فقط.

أما البوا العاصرة Boa Constrictor في الدنيا الجديدة فإن لها الشرف أن تكون ثاني الثعابين طولاً، فهي تبلغ حوالي خمسة أمتار ونصف متر والكوبرا الملك King Cobra من أطول ثعابين الدنيا السامة، إذ يبلغ طولها خمسة أمتار وأربعين سنتيمتراً. أما بالنسبة إلى ذوات الأجراس Rattlers فإن أطولها هر الثعبان البستوني الظهر الشرق Eastern Diamond Back الذي يصل في الطول إلى حوالي مترين ونصف متر.

وإذا قارنا كل هذه الثعابين الكبيرة بالثعابين الحضارة العمياء The Burrowing blind أو الثعابين الدودية Worm Snakes - لأنها تشبه الدود تماما – تبدو هذه صغيرة جدا لدرجة أنك تستطيع أن نضع واحدة منها بسهولة على راحة بدك، وينمو بعضها حتى لا يتعدى طول القلم الرصاص، ولا يزيد في السمك على ساق ريشة الأوزة، وهذه هي أقزام دنيا الثعابين. وبين الأصلات والأناكوندا العملاقة في جهة والثعابين الدودية في الجهة الأخرى، يختلف حجم الثعابين اختلافا كبيراً.

هل يختلف العمر الذي تعيشه الثعابين اختلافا مماثلا؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال. فإنك لا تستطيع أن تعرف عمر الثعبان بمجرد النظر إليه، حتى لو كان من الثعابين ذوات الأجراس، كما يعتقد كثير من الناس الذين يقولون: رعد الأجراس الموجودة في نهاية الذيل..

ولكن هذا خطأ لأن هذا الثعبان لا يتكون له جرس واحد كل عام إنما هو يضيف حلقة واحدة إلى ذيله في كل وقت ينسلخ فيه الخلد. وهذا الانسلاخ قد يحدث مرتين أو ثلاثا كل عام. وقد يكون للثعبان في السنة الأولى من حياته ثلاثة أجراس، ثم يضيف بعد ذلك جرسا أو جرسين كل عام

وبالإضافة إلى هذا فإن عدد الأجراس الموجودة على الذيل قد لا تكون هي كل العدد الذي تكون للثعبان، لأن بعض هذه الحلقات على طرف الذيل يكون قد تكسر وسقط، كما يحدث ذلك دائما.

والثعابين الوحيدة، التي تستطيع أن تعرف عمرها حقيقة هي تلك التي تعيش في الأسر منذ الولادة، فتعرف كم من الزمن احتفظت بها. ومعظم ما يعرف عن أعمار الثعابين هو من حدائق الحيوان.

والتقارير التي لدينا معظمها حول الثعابين الكبيرة - مثل الأصلات، والكوبرا، والبوا، والأناكوندا، والممبا Mamba - وذلك لأنها هي التي تلتفت إليها الأنظار من جهة، ومن جهة أخرى فإن الثعابين الكبيرة يقدرها رجال حدائق الحيوان أنفسهم.

إذ من الصعب تعويض ثعبان كبير، فهو يساوى الكثير، ومن الطبيعي أن تحظى هذه الثعابين الكبيرة بأكبر عناية واهتمام – فتوضع عنها التقارير، ومن هذه التقارير نستقي أغلب معلوماتنا عن قياس مدى حياتها. ماذا تعلم؟

نحن نعلم أن كثيراً من الثعابين الكبيرة عاشت في حدائق الحيوان المدة خمسة عشر أو عشرين عاما. وقد عاشت كوبرا حتى بلغت من العمر خمسا وعشرين سنة. أما بوا أمريكا الجنوبية - المسماة بثعبان قوس قزح The Rainbow Snake - فقد عاشت سبعاً وعشرين سنة. أما الثعبان الذي عاش أطول مدة فهو الأناكوندا الذي مات بعد أن قضى ثمانية وعشرين عاما في الأسر.

وبمقارنة حياتها بحياة الإنسان الذي قد يمتد به الأجل أحيانا إلى مائة عام فإن خمسة عشر وعشرين وخمسة وعشرين وربما ثمانية وعشرين عاما لا تبدو بالنسبة للإنسان حياة طويلة، ولكن حياة الثعابين الكبيرة تظهر كأنها أكثر

نصراً، لأنها من الزواحف التي يعمر بعضها إلى أجل طويل جدا، فقد عاشت ترسة لمدة مائة وخمسين عاما.

من الطبيعي أن المعيشة في حدائق الحيوان ليست بالضبط كالمعيشة في الخلاء، ولهذا وضعت طريقة لمعرفة مدى حياة الثعابين في مواطنها الطبيعية، وسنعرف يوما ما مدى حياة قليل من الثعابين التي تعيش طليقة أيضا وذلك لأن العلماء ابتدأوا في جمع المعلومات عنها.

وهكذا يفعلون: يصطادون الثعابين، ويعلمون كل ثعبان بعد صيده مباشرة، وذلك بقص حرشفة أو أكثر من الحراشف الموجودة تحت الذيل. ويعطون لكل ثعبان رقما ويسجلون أى القشور نزعت ثم يوزن ويقاس طوله ثم يترك بعد ذلك في نفس المنطقة التي صيد منها. ولا تضر عملية نزع قشور الثعبان، ولكنها تترك علامة يتميز بها الثعبان فيما بعد..

ثم يأتي الباحث في كل عام مرة أو في فترات إلى نفس المكان ويصطاد من الثعابين المميزة كل ما يقدر عليه، ثم يزن كل ثعبان ويقيس طوله مرة ثانية ويسجل ما يجده.

ومثل هذه الدراسة متعبة جدا وتحتاج إلى سنين عدة، ولهذا لا تعجب إذا عرفت أنه للآن لم نسجل أرقاما إلا لقليل من الثعابين. ومن هذه الثعابين ثعبان المروج الغربي ذو الحرس The Western Prairie Rattlesnake وقد وجد أنه وقت الولادة يزن أوقية واحدة أو أقل ويبلغ طوله سبعة عشر سنتيمتراً ونصف سنتيمتر، وعندما يبلغ من العمر سنة واحدة يزيد طوله على نصف المتر، وفي السنة الثانية لا ينمو سريعا، ولكن بمضي الوقت عندما يصبح عمره سنتين، فقد يبلغ طوله سبعة وسبعين سنتيمترا ونصف سنتيمتر.

ولكن لما كانت الثعابين تستمر في النمو طيلة حياتها، ولا كنا لا نعرف كم من السنين يعيش ثعبان المروج هذا، فإننا لا نستطيع أن نقول إن هذا هو أقصى ما يبلغه من الطول.