في يوم من أيام الربيع بينما كنت أصطاد الثعابين في وسط ولاية نيويورك رأيت ثعبانين من أكثر ثعابين الشمال الشرق للولايات المتحدة ألواناً، أحدهما كان الثعبان ذا الطوق Ring - necked Snake والآخر الثعبان الأخضر الناعم Smooth Green Snake وكل واحد منهما كان يرقد ملتفا تحت بلاطة كبيرة من الصخر حيث كانت الأرض رطبة وباردة.

وكان جسم الثعبان في الطرق قاتمة أو اسود تقريباً ذا شريط أصفر زاه حول رقبته، أما البطن فكان من نفس اللون الأصفر.

وكنت أعرف أن الثعابين ذات الطرق ليست كلها ملونة هكذا، ولكن قد يكون البطن في بعضها أحمر أو برتقالينا وربما مع بقع سوداء تحت الوسط أو على الجوانب. ولكن الطوق الزاهي اللون حول الرقبة جعلني أتأكد أنه كان من الثعابين ذات الطرق لأنها كلها لها بعض هذه الألوان الزاهية.

ولم آخذ الثعبان بعيداً لأنه لا يأكل في الأسر، كما أنه ليس من السهل الاحتفاظ بمثل هذا الثعبان أما الثعبان الأخضر الناع فذو جسم أخضر فاتح مع بطن وذقن أبيضين في لون القشدة، وكان طوله نحو قدم. وكرهت أن أتركه لأنه كان جميلا، ولكني لما كنت أعلم أنه لا يصلح لأن يكون حيوان أليفة تركته يذهب بعد أن التقطت له صورة ملونة.

وعندما كنت في طريقي في رحلة للجمع في ولاية فلوريدا بعد ذلك بعدة سنوات، رأيت الثعبان الأخضر الخشن Rough Green Snake لأول مرة، وهو ابن عم الثعبان الأخضر الناعم، وقد سمي بالخشن لأن لحراشفه حافات صغيرة.

والثعبان الذي وجدته كان يبلغ ستين سنتيمتراً طولا، ولم أره تماماً لأنه كان يجلس على فرع صغير مختفياً بالأوراق تقريباً.

وأثناء رحلة الحمع هذه في فلوريدا كنت سعيدة الحظ فيها وجدت.. فبينما كنت أمشي في منطقة كثيرة الأشجار الأهرب من حرارة الشمس رأيت كتلة من الخشب عفنة تعترض طريق، وحاولت أن أقلبها، ولكنها كانت متحللة لدرجة أنها انكسرت من الوسط.

وفي الوسط كان هناك تجويف بداخله إحدى عشرة بيضة وعرفت بالطبع من منظر جلدها الناعم أنها بيض ثعبان ومن حجمها عرفت أن التي وضعتها واحدة من الثعابين الكبيرة في هذه المنطقة، مثل ثعبان الدجاجة أو الثعبان الأسود Black Snake أو ثعبان النيلة Indigo Snake. ولم تكن لدي طريقة لمعرفة أيها التي وضعته.

وجمعتها كلها مع بعض الأخشاب المبتلة المتعفنة ووضعتها بعناية في صندوق، ثم وضعت طحالب مبتلة على البيض من أعلى. وبعد أسابيع من إحضار البيض إلى نيويورك ظهر الفقس الأول، وبذلك أشبعت رغبتي. وكانت الثعبان الصغير نقوش على شكل سرج، فاتحة وقائمة عرفت منها في الحال أنه صغير الثعبان الأسود.

وتوجد الثعابين السود في كل مكان في بلادنا. ومن السهل معرفتها لأن أجسامها كلها سوداء وهي بالغة. كما أن حراشفها تلمع كمعدن البندقية.

وهي في نموها تبلغ مائة وعشرين أو مائة وخمسين سنتيمتراً في الطول. أما الثعابين السباقة The Racers الشائعة في الغرب فإنها من أدنى الثعابين قرابة للثعابين السود.

ومتوسط طولها مائة وعشرون سنتيمتراً. ولكن ثعبان سوط العربة الشرق astern Coachwhip وهو ثعبان سباق أيضاً ينمو حتى مترين ونصف متر، وهو من بين أكبر الثعابين غير السامة في الولايات المتحدة ويشبه كثيراً السوط المجدول.

وبعد سنة تقريباً من حصولي على البيض من فلوريدا كنت في كندا.

وذات يوم على الشاطئ الشمالي لبحيرة أونتاريو على بعد ثلاثين متراً تقريباً من الماء وجدت كتلة كبيرة من الخشب متعفنة جعلتني أحس بأنها مكان جيد التعشيش الثعابين. ولمجرد اللهو، ركلتها بقدمي فسقطت قطعة منها كشفت عن فجوة ممتلئة بالبيض غير الملون.

وقبل أن أفيق من دهشتي رأيت ثعابين صغيرة طول كل منها ثلاثون سنتيمتراً، تخرج ذات اليمين وذات الشمال من الشقوق المكشوفة. وأسرعت أجمعها بيدي الاثنتين تاركة البيض لألتقطه بعد ذلك. وقبل أن أبدأ في جمع البيض كنت قد ملأت كيسا بأكثر من خمسين ثعباناً من صغار ثعابين الثعلب Fox Snakes.

وكانت فجوات الكتلة كلها ممتلئة بالبيض. وكان بعضه بالطبع فارغاً لأن الصغار كانت قد خرجت منه، وكان البعض الآخر يف كأنه على وشك الفقس. وبحصر ما فقس وما لم يفقس من البيض اتضح أنه كان يوجد في هذه الكتلة أكثر من مائي بيضة مما يدل على أن أكثر من أني واحدة قد استعملت هذه الكتلة كعش لها.

الثعابين الثعلب التي تنمو لأكثر من متر ونصف متر طولا أقارب في كل البلاد، في الشرق يوجد الثعبان الأسود المرشد Pilot Black Snake، وفي الغرب ثعابين الفار Rat Snakes، وفي الجنوب ثعابين الدجاجة، وهذه الأخيرة سميت كذلك لأنها توجد غالباً حول حظائر الدجاج والمخازن. حيث تصطاد الفئران والجرذان.

وقد أخذت ثعابين اللبن Milk Snakes اسمها من أنها تبقى بجوار حظائر البقر والمخازن، وهي تبقي هناك لنفس السبب الذي تبني من أجله ثعابين الدجاج حول حظائر الدجاج والمخازن لتأكل الفئران والجرذان. واكيد تأكل ثعابين الدجاج احيانا صغار الدجاج والبيض.

ولكن شيئًا من هذا لا يقال عن ثعابين اللبن، لأنها لا تشرب اللبن. ولو أن بعض الناس بصر بغباء على أن هذه الثعابين تشرب اللبن، وأنها تمصه من البقر.

وهذا مستحيل، فإنه ليس للشعبان عضلات مص، ولا يستطيع الشرب بهذه الطريقة. كما أن اللبن ليس من الأشياء التي تهضمها الثعابين، لأن جهازها الهضمي غير معد لهضم السوائل أو الأطعمة اللزجة، ويمر اللبن في أجهزة الثعبان من غير أن يستفيد منه؟ وتنتشر ثعابين اللبن شرق جبال الرومي، وجنوبا إلى المكسيك حتى وسط أمريكا. وهي ثعابين حسنة النظر ببقعها غير المنتظمة، الحمراء أو الكستنائية ذات الحانات السوداء على الظهر. وبطونها المخططة بالأبيض والأسود، وهي

تنمو فتبلغ خمسة وسبعين سنتيمتراً في المتوسط. أما أقاربها ثعابين الملك فإنها تنمو أكبر نوعاً، وهي حسنة المنظر أيضاً. وهي تأكل بعضها بعضا وتتغذى بثعابين من نفس النوع، وبعضها يأكل فوات الأجراس.

ومن العجيب أن ثعابين الملك لينة العريكة بالنسبة للإنسان وتصلح جدا كحيوانات للتدليل. وقد تكون قد سمعت عن الثعبان الذي يتناول ذيله بفمه ويتدحرج من فوق التل مثل الطرق، وتحكي هذه القصة في الحقيقة عن ثعبانين - وهما ثعبان الطين Mud Snake وثعبان قوس قزح - وكلاهما يعيش في الشمال.

وليس هناك أي ظل من الحقيقة حول هذه القصة. ومنذ سنين عدة رصد علماء الزواحف في متحف شيكاغو للتاريخ الطبيعي مبلغ ألف دولار لأي شخص يستطيع أن يحضر ثعبانا يستطيع أن يعمل هذا العمل الباهر. ولسنا في حاجة إلى أن نقول إنه لم يقدم أحد مثل هذا الثعبان.

ويقال إن لهذه الثعابين شوكة في نهاية الذيل. ولم أمسك في حياتي ثعبان الطين، ولكني أمسكت ثعبان قوس قزح مرة في حديقة الحيوان، وكانت له شوكة في طرف ذيله وقد ضغطتها في راحة يدي ولكنها لم تضرني ولم تلسعنى.

وثعبان قوس قزح مخلوق جميل، ولون جسمه أرجواني لامع تقطعه خطوط ضيقة حمراء زاهية، وعلى جوانبه شرائط برتقالية. والحراشف فأطرافها حمراء أما البطن فأحمر بصفوف من النقط الأرجوانية. ومن الشائع في فلوريدا أن تجد طول هذا الثعبان متراً ونصف متر.

وكثير من ثعابين الصحراء في الجنوب الغربي للولايات المتحدة زاهية الألوان، فالثعابين ورقية الأنف Leaf - nosed، وطويلة الأنف Long - nosed، وذات الرقعة الأنفية Patch - nosed، وكريكية الأنف Shovel - nosed، كلها ثعابين ملونة.

وكانت هذه الثعابين تعتبر لمدة طويلة - نادرة، ولكن عندما ابتدأ الجماعون يسيرون في الطرقات ليلاً للبحث عن الثعابين اكتشفوا غلطتهم، وكيف وقعوا في هذا الغلط. في منطقة واحدة أثبت الثعبان الذي كان يظن أنه نادر أنه أكثر شيوعاً. وما كان ذلك إلا لأن أغلب ثعابين الصحراء تخرج بالليل تتحاشى حرارة النهار القاسية.

وبين ثعابين الصحراء ترى بعض الفكوك الغريبة جدا، وهي مشكلة بشكل خاص لتستعملها الثعابين كالمجارف. ومن أحسنها ملاءمة فك ثعبان الرمل المخطط Banded Sand Snake الذي يشبه في الحقيقة شكل المجرف. وحراشف الحسم الثقيل القصير مصقولة جدا أيضاً لتساعد الثعبان على الانزلاق بسهولة خلال الرمل. و يزحف هذا المخلوق تحت السطح مباشرة. وكلما تقدم الثعبان انهال الرمل عليه من أعلى تاركا أثراً يشبه الميزاب.

والآن، كل هذه الثعابين الأصلية التي تكلمنا عنها غير ضارة. ولكن حوالي ثلث هذه الأسرة له أنياب. وليست هذه الأنياب أسناناً جوفاء كما هي الحال في الثعابين ذات الأجراس ولكن بها ميازيب في مقدمتها قط.

ويسيل السير في هذا الميزاب إلى جسر الفريسة. وليست هذه الأنياب في مقدمة الف ولكنها في الخلف، ولهذا تسمى هذه الثعابين بالثعابين خلفية الأنياب.

ويعيش قليل من هذه الثعابين فقط في الولايات المتحدة الأمريكية وكلها في الجنوب الغربي. فثعبان القيثارة The Lyre Snake، وثعبان عين القط The  at eyed Snake والثعبان ذو الخطوط السوداء The Black

banded Snake، ثعبان الكرم The Vine Snake، كلها من ذات الأنياب الخلفية.

وهذه الثعابين الخلفية الأنياب لا تضرب فريستها وتنسحب، كما تفعل بعض الثعابين السامة. ولكنها عادة تمسك وتستعمل عملية المضغ لتغرس أسنانها الخلفية ذات الميازيب داخل الفريسة التي قد تكون ثدييات صغيرة أو عظاءات أو ضفادع.

وكل الثعابين الأمريكية الخلفية الأنياب ليس بينها ثعبان واحد خطر على الإنسان، ولكن الثعبان الخلفي الأنياب الأفريقي المسمى بلوم سلانج يستطيع أن يعض عضة خطيرة.