يظهر القلق كمجموعة متنوعة من الأعراض تتراوح بين الأعراض السلوكية والانفعالية وبين الجسمانية والمعرفية (التي تنطوي فقط علي الأفكار ).ولا يظهر علي المصابين بالقلق مجموعة الأعراض نفسها بالضبط، بل يشعر كل فرد بمجموعة من الأعراض من كل نوع. انظر الجدول التالي لتًطلع علي أمثلة من كل مكون. وعلي الرغم من أن القلق يبدو أحياناً كخلل، فإنه في الواقع ميزة تطورية، إنه نظام للحذر الشديد يجعلنا نتوقف ونفحص البيئة المحيطة بنا؛ حيث يجعلنا الشعور بالقلق نبدأ البحث حولنا عن التهديدات المحتملة. إذا كشفت عن وجود خطر محتمل، فلن يكون من السهل عليك أن تتوقف عن التفكير في هذا التهديد، وفي حين أن هذا الأمر سيكون رائعاً في حالة لو كنت رجلاً بدائياً يشعر بالقلق بشأن حماية عائلته، فإنه لن يكون بالروعة نفسها  عندما تكون موظفاً مقتنعاً بأنه سيتم فصلك من العمل. بالنسبة إلي الكثيرين منا ممن يعانون القلق، فإن أجهزة إنذار القلق الخاصة بنا تنطلق غالباً عندما لا يكون هناك سبب وجيه لتوخي الحذر المفرط. لماذا يحدث هذا؟ ربما لأن لدينا أنظمة قلق أكثر حساسية، أو ربما كنا نفعل أشياء للحد من قلقنا من المدى القصير – مثل تجنب الأشياء التي تشعرنا بالقلق – تؤدي في الواقع إلي زيادة القلق علي المدى الطويل. إن الشعور ببعض إنذارات القلق الكاذبة – عندما ترى تهديدات ليس لها وجود، أو تقلق بشأن أشياء لا تحدث – ليس خللاً في نظامك. فكر في هذا الأمر من منظور الرجل البدائي: ف الفشل في ملاحظة تهديد حقيقي (يسمى اصطلاحاً السلبية الكاذبة )، عندما تكون في موقف حياة أو موت، يصبح مسألة أكثر خطراً من رصد تهديد محتمل لن يحدث ( يسمى اصطلاحاً الإيجابية الكاذبة ). وبالتالي، الشعور ببعض إنذارات القلق الكاذبة يعد جزءاً مدمجاً في النظام، وقد يخطئ هذا الجزء أحياناً، لكن النظام ككل يجعلك حذراً.يشعر الناس بالقلق عندما يخرجون من منطقة راحتهم، بينما تجنب الخروج من منطقة الراحة سيؤدي إلي عيش حياة أقل اكتمالاً. وبما أنني عرضة للقلق بشكل طبيعي، فإن كل قرار مهم أخذته في حياتي تضمن الشعور بالإعياء الجسدي الممزوج بالقلق. وإذا لم أكن مستعدة لاتخاذ قرارات تؤدي إلي الشعور بالمزيد من القلق بشكل مؤقت، لكانت حياتي أكثر فراغاً مما هي عليه الآن. إن تقليل قلقك إلي الصفر ليس ممكناً ولا نافعاً، فالقلق في حد ذاته ليس المشكلة. وتحدث المشكلة عندما يصل القلق إلي النقطة التي يسبب فيها الشلل في التفكير، فتصبح عالقاً. أنا أفكر في تلك المآزق باعتبارها مصيدة القلق، وسنعمل علي تطوير استجاباتك لخمس مصائد للقلق: التردد بإفراط قبل اتخاذ القرارات، والتفكير الطويل والانزعاج، والسعي إلي الكمال لدرجة تسبب الشلل، والخوف من التغذية الراجعة والنقد، والتهرب (بما في ذلك التسويف).السبب الذي جعلني أختار التركيز علي تلك المصائد الخمس المحددة هو أني وجدت أنها تمثل التهديدات الشائعة التي تؤثر فعلياً في الحالات المصابة بالقلق التي عملت معها، وتلك المصائد ذاتية الاستدامة؛ لأنها تولد المزيد من التوتر. علي سبيل المثال، يترد شخص ما بشدة لدرجة تفويت فرص مهمة؛ ما يؤدي إلي أن يصبح في حالة أسواء مالياً، أو يتجنب شخص ما التغذية الراجعة، وبالتالي لا ينتبه إلي مشكلات حقيقية كان من الممكن معالجتها في وقت مبكر. وعندما يقع الناس في أي من مصائد القلق الخمس، فإنهم غالباً لا يرون الصورة الشاملة ولا يحلون المشكلة بطرق فعالة. إن تعلم كيفية اجتياز تلك المآزق سيسمح لك بالتحكم في ميلك نحو القلق، وبالتالي تستطيع متابعة السعي إلي تحقيق أحلام حياتك، مهما كانت تلك الأحلام.كيف سيساعدك هذا الكتاب علي تعلم كيفية النجاح في اجتياز نقاط القلق التي تجعلك عالقاً؟ تستند الأدوات المعروضة هنا إلي مبادئ العلاج السلوكي المعرفي. ويعتبر العلاج السلوكي المعرفي علي نطاق واسع نوع علاج القلق الأكثر فاعلية، ويستند علي عدة عقود من البحث 2. ويعني مصطلح السلوكي المعرفي أن منهج العلاج يركز علي كل من الأفكار والسلوكيات ويشدد علي أن هذا التركيز الثنائي هو أفضل طريقة لتحقيق النتائج، وبما أن هذا المصطلح يشير فعلياً إلي مجموعة من العلاجات تشترك في البادئ الأساسية نفسها ، فمن الأدق أن نقول العلاجات التي السلوكية المعرفية . مع ذلك، يقول معظم الأشخاص "العلاج السلوكي المعرفي"،  ولكنني سأستخدم المصطلحين بشكل تبادلي حسب الملاءمة. وهناك ثلاثة عناصر رئيسية ستحتاج إليها لاجتياز مآزق القلق بنجاح، أول عنصر هو إدراك ذاتي لأنماط التفكير والسلوك التي جعلت قلقك يتطور ويستمر. إننا نعرف ماهية تلك الأنماط من الأبحاث التي أجريت حول القلق، وسأناقش كيف يمكنك أن تتعلم التعرف عليها. ثاني عنصر أساسي هو مجموعة أدوات المواجهة التي تحتاج إليها عندما تجد نفسك واقعاً في شباك القلق، وسأشاركك مجموعة أدوات الإستراتيجيات التي ستساعدك علي اجتياز مآزق قلقك، حتي تستطيع أن تتقدم نحو أهدافك وتشعر بأنك أفضل. ثالث قطعة في الأحجية هي الثقة العامة في النفس؛ حيث ستحتاج إلي تلك الثقة لتؤمن بأنك تملك القدرة علي استخدام المعلومات والأدوات المقدمة لحل مشكلاتك الخاصة. إن لم يكن لديك ذلك الأيمان بالذات، فسنعمل علي هذا الأمر معاً؛ في الجزء الثالث بالتحديد.