لقد تسببت النزعة القومية لتقليل الدهون والكوليسترول مع زيادة السعرات الحرارية من الكربوهيدرات، في حدوث حالة غريبة لم يزد فيها تغلغل منتجات القمح في وجباتنا فحسب؛ بل صارت كذلك هي المسيطرة عليها. بالنسبة إلي معظم الأمريكيين، تعتمد جميع وجباتهم الرئيسية والخفيفة علي أطعمة معدَة من دقيق القمح. ربما كان ذلك في الطبق الرئيسي، أو الجانبي، أو طبق الحلوى – وربما في الأطباق الثلاثة كلها.

لقد أصبح القمح الرمز القومي للصحة: "أكثروا من تناول الحبوب الكاملة الصحية "، هكذا أخبرونا، وقد استجابت الصناعات الغذائية إليه بكل سعادة، فأنتجت نسخاً معدلة "صحية للقلب" مليئة بالحبوب الكاملة من جميع منتجات القمح المفضلة لدينا.

إن الحقيقة المحزنة هي أن انتشار منتجات القمح في النظام الغذائي الأمريكي يوازي ارتفاع نسبة الدهون في منطقة الخصر لدينا. إن نصيحة المعهد الوطني للقلب والرئة والدم بالتقليل من تناول الدهون والكوليسترول وأن تستبدل بسعراتها الحرارية البوب الكاملة، والتي ضمنها في البرنامج القومي للتوعية بشأن أخطار الكوليسترول في عام 1985 تتزامن بالضبط  مع بداية التصاعد الحاد في أوزان الرجال والنساء. ومن ضمن المفارقات، أن عام 1985 يصادف أيضا السنة التي بدأت فيها مراكز السيطرة علي الأمراض والوقاية منها (DCD) في تتبع إحصاءات الأوزان، وتوثيق تلك الزيادة الرهيبة في أمراض السمنة والسكري بمنهجية، واللذين بدآ في تلك السنة تحديداً.

من بين كل أنواع الحبوب التي تشمل عليها وجبات البشر، لماذا أركز تحديداً علي القمح؟ لأن القمح، بفارق كبير، هو المصدر الرئيسي لبروتين الجلوتين في النظام الغذائي للإنسان. وما لم يكونوا مثل "إيويل جيبونز"، فإن معظم الناس لا يتناولون الكثير من الحبوب الجاودار، أو الشعير، أو الحنطة، أو فول الصويا، أو البرغل، أو القمح الطوراني، أو غيرها من مصادر الجلوتين الأقل شيوعا. يطغي استهلاك القمح علي استهلاك الحبوب الأخرى التي تحتوي علي الجلوتين بنسبة تزيد علي مائة إلي واحد. القمح يحتوي أيضا علي سمات فريدة لا تحتوي عليها تلك الحبوب الأخرى، سمات تجعله مدمرا لصحتنا بشكل خاص، وسوف أغطيها في فصول لاحقة. ولكنني أركز علي القمح؛ لأنه يتواجد في الغالبية العظمى من الوجبات الأمريكية، ويمكن أن يستبدل التعرض للجلوتين بالتعرض للقمح. لهذا السبب،  فأنا غلبا ما أستخدم القمح للدلالة علي جميع الحبوب التي تحتوي علي الجلوتين. إن الآثار الصحية للقمح الطري، قمح الخبز المعروف، كثيرة ومتعددة، حيث تبدأ تلك الآثار الغريبة من الفم وحتي فتحة الشرج، من المخ وحتي البنكرياس، من ربة منزل تعيش في منطقة "أبالاتشيا" الريفية الجبلية، وحتي المضارب ببورصة "وول ستريت". إذا كان ذلك يبدو جنونياً، فلتتحملني؛ فأنا أطالب بما أطالب به بضمير خال من القمح.