مثل معظم أبناء جيلي، الذي ولد في المنتصف القرن العشرين وتربي علي خبز "وندر بريد" وكعك "ديفل دوجز"، لديً علاقة شخصية طويلة ووثيقة مع القمح. فقد كنت أنا وأخواتي خبراء حقيقيين في حبوب الإفطار، ما كان يجعلنا نصنع مزيجنا الخاص من حبوب "تريكس"، و"لاكي تشارم"، و"فروت لوبس"، ونتلذذ بشرب الحليب الحلو الملون الذي يتبقي أسفل الوعاء. إلا أن تجربة الأغذية المصنعة الأمريكية العظمي لم تقف عن وجبة الإفطار بالطبع. فللغداء المدرسي، كانت أمي عادة ما تعد لي شطائر زبدة الفول السوداني أو السجق، بالإضافة إلي كعكات "هوهوز" وفطائر "سكوتر" المغلفة. وفي بعض الأوقات كانت تضيف بعضاً من بسكويت "أوريوز" أو "فيينا فينجرز" كذلك. وفي العشاء، كانت تعجبنا وجبات العشاء الجاهزة التي كنا نتناولها أمام شاشة التليفزيون والتي كانت تعبأ في رقائق من القصدير، ما كان يسمح لنا بأكل الدجاج المقرمش، وكعك الذرة، وبودينج التفاح البني بينما نشاهد مسلسل Get Smart  في السنة الأولي من الكلية، حيث كنت مدعوما بتذاكر تسمح لي بكل ما يمكنني أكله، كنت ألتهم الكعك والفطائر في الإفطار، ومكرونة "فيتوشيني ألفريدو" في الغذاء، والمكرونة مع الخبز الإيطالي في العشاء. ماذا عن التحلية بفطائر بذور الخشخاش أو الكعك الإسفنجي؟ بالطبع! لم تتراكم الدهون عندي في منطقة الخصر وأنا بعد في التاسعة عشرة فقط، بل كنت أشعر كذلك بالإنهاك طوال الوقت. وعلي مدى السنوات العشرين المقبلة، ظللت أصارع هذا التأثير، بشرب كميات كبيرة من القهوة، ومكافحة هذا الشعور المستشري بالخدر، والذي كان يستمر طوال اليوم بغض النظر عن عدد الساعات التي كنت أنامها كل ليلة. ولكن لا شيء من ذلك أثر فيً حقاً حتي لمحت صورة كانت زوجتي قد صورتني إياها في أثناء قضاء عطلة مع أطفالنا، وكانوا وقتها في العاشرة، والثامنة، والرابعة، علي جزيرة "ماركو" بولاية "فلوريدا" . كان ذلك في عام 1999 . في الصورة، كنت علي الرمال مستغرقا في النوم، وبطني المترهل ممدد علي كلا الجانبين، بينما يستريح ذقني المزدوج علي ذراعي المعقودتين المترهلتين. وقتها بدأت في استيعاب ما يحدث حقاً: لم يكن عليً إنقاص الكيلو جرامات الزائدة من وزني فحسب، بل إنني كنت أعاني تراكم ثلاثة عشر كيلوجراماً من الدهون الزائدة حول منطقة الخصر. كيف كان يراني مرضاي وأنا أنصحهم باتباع نظام غذائي؟ لم أكن أفضل من أطباء فترة الستينيات الذين كانوا ينفثون دخان سجائر "مارلبورو" بينما ينصحون المرضي بعيش حياة صحية. لماذا كنت أحمل هذه الدهون الإضافية في خصري؟ فأنا علي أية حال، أمارس الركض من ثلاثة إلفي خمس أميال يومياً، وآكل باعتدال، غذاءً متوازناً لا يتضمن كميات مفرطة من اللحوم أو الدهون وأتجنب الأطعمة السريعة الصحية. ما الذي كان يجري؟

بالتأكيد، كانت لديً شكوكي، ولم أستطع إلا أن ألاحظ أنه في الأيام التي كنت أتناول فيها الخبز المحمص أو الفطائر، أو الكعك علي الفطور كنت أعاني النعاس والخمول. ولكنني حين كنت أتناول عجة البيض والجبن، كنت أشعر بأنني علي ما يرام. ورغم ذلك، كانت بعض الأعمال المختبرية هي التي استوقفتني حقاً. نسبة الدهون الثلاثية: 350ملج/دل. نسبة البروتين الدهني عالي الكثافة في الكوليسترول ("الجيد"): 27 ملج/ دل. لقد كنت مصابا بالسكري بحيث نسبة السكر في الدم في أثناء الصيام تبلغ 161 ملج/ دل. إنني أركض كل يوم تقريباً ولكنني مصاب بزيادة الوزن والسكري؟ لا بد أن هناك خطأ جوهرياً في نظامي الغذائي. فكل التغييرات التي قمت بها في نظامي الغذائي كانت لتحسين صحتي، وأبرز هذه التغيرات كانت زيادة حصتي من الحبوب الصحية الكاملة. هل يمكن أن تكون الحبوب هي التي جعلتني في الواقع أكثر بدانة؟

كانت لحظة إدراك بدانتي تلك هي بداية الرحلة التي رحت أتعقب فيها بدايتي مع زيادة الوزن وجميع المشكلات الصحية التي صاحبتها. ولكنني عندما لاحظت آثاراً أكبر علي نطاق أوسع خارج تجربتي الشخصية، صرت علي قناعة بأن هناك شيئاً مثيراً للاهتمام يحدث حقاً.