إنني أمارس طب القلب الوقائي في "ميلووكي" . ومثلها مثل العديد من مدن الغرب الأوسط الأخرى ،"ميلووكي" تعتبر مكاناً جيداً للعيش وتكوين أسرة . فالخدمات الحكومية تعمل بصورة جيدة جداً، والمكتبات من الطراز الأول، ويذهب أطفالي إلي مدارس حكومية تتمتع بالجودة، والسكان مثقفون بما يكفي للتمتع بثقافة المدن الكبرى، كمتاحف الموسيقي والفن الممتازة. ويتسم من يعيشون هنا بالود إلي حد كبير. ولكنهم ... يعانون السمنة.

وأنا لا أقصد أنهم بدناء قليلاً، بل أعني أنهم أشخاص بدناء حقاً، أعني أنهم بدناء لدرجة أنهم يلهثون، ويتعرقون بعد صعودهم طابق واحد من الدرج. أعني أن هناك فتايات يبلغن من العمر18 عاما ويزنً108كجم، وسيارات دفع رباعي تبدو مائلة بشدة إلي جانب السائق بفعل وزن صاحبها، وكراسي متحركة واسعة ومزدوجة، ومعدات مستشفيات لا تستطيع استيعاب المرضي ممن يزنون 158كجم فما فوق. (إن الأمر لا يتعلق فقط بعدم قدرتهم علي الدخول في ماسح التصوير المقطعي أو غيرها من أجهزة التصوير الطبية، فالطبيب لن يكون قادرا علي رؤية أي شيء حتي لو استطاعوا الدخول. إن ذلك يشبه محاولة تحديد إذا ما كانت الصورة بداخل محيط مظلم لسمك الفلاوندر أو القرش). فيما مضي، كان وجود شخص يبلغ وزنه 113كجم فما فوق يعتبر أمرا نادرا. أما اليوم فهو يعتبر أمرا شائعا بين الرجال والنساء السائرين في المراكز التجارية، علي القدر نفسه من الرتابة التي يتسم بها بيع بنطال من الجينز في محلات "جاب". وقد يعاني المتقاعدون زيادة الوزن أو السمنة، وكذلك الأشخاص في منتصف العمر، والشباب، والمراهقون وحتي الأطفال. فمن يعمل في مكتب يعاني البدانة، ومن يعمل عملا يدويا يعاني البدانة أيضاً. الكسولون يعانون من البدانة وكذلك الرياضيون. البيض يعانون البدانة، والسود يعانون من البدانة، واللاتينيون يعانون البدانة، والآسيويون يعانون البدانة. آكلو اللحوم يعانون البدانة، والنباتيون يعانون البدانة. يعاني الأمريكيون البدانة علي نطاق لم يسبق له مثيل من قبل في التجربة الإنسانية، ولم ينجُ أحد من مختلف قطاعات سكانها من أزمة زيادة الوزن.

اسأل وزارة الزراعة الأمريكية أو مكتب الجراح العام، وسوف يخبرك بأن الأمريكيين بدناء؛ لأنهم يشربون الكثير من الكحوليات، ولا يمارسون الرياضة بما يكفي. وهذه الأمور قد تكون حقيقية في الواقع. ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد.

إن الكثيرين ممن يعانون زيادة الوزن، في الواقع، لديهم وعي صحي بدرجة معقولة. اسأل أي شخص يزن أكثر من 113كجم: ما الذي أدي في رأيك إلي زيادة وزنك إلي هذه الدرجة غير المعقولة؟ قد تفاجأ بعدد الأشخاص الذين لن تكون إجابتهم هكذا "أنا أشرب صودا" بيج جالب"، وأتناول معجنات "بوب تارت"، وأشاهد التليفزيون كل يوم". لكن معظمهم سيجيبك بإجابات مثل "أنا لا أفهم. فأنا أمارس الرياضة خمسة أيام في الأسبوع. وقد توقفت عن تناول الدهون، وضاعفت حصتي من الحبوب الكاملة الصحية. ولكن يبدو أنني لا أستطيع أن أتوقف عن اكتساب الوزن الزائد!".