تاريخ اكتشاف النشاط الإشعاعي - Radioactivity

سنة الاكتشاف : 1901م

ما هو هذا الاكتشاف؟

  • ليست الذرات بكُرات صلدة وأصغر دقائق ممكنة للمادة، بل تحتوي بداخلها عدداًً من جسيمات أصغر

من هو مكتشف النشاط الإشعاعي؟

  • ماري كوري Marie Curie

لماذا يُعد هذا الاكتشاف ضمن أهم 100 اكتشاف تاريخياً؟

تصدر نبأ اكتشاف مدام كوري لعنصرين ذُوي نشاط إشعاعي طبيعي، البولونيوم والراديوم، عناوين أخبار العالم. لكن اكتشافها الحقيقي يكمن في إثباتها بأن الذرات ليست بكرات صلدة صغيرة وبأنها لا بد تحوي جسيمات أصغر بداخلها. لقد فتح هذا الاكتشاف الباب على مصراعيه أمام جميع البحوث الذرية والدون ذرية بل وحتى لانشقاق الذرة بعد ذلك.

أنجزت كوري تجاربها على العناصر المشعة قبل فهم العالم لمخاطر الإشعاع النووي. فعانت اعتلالاً في صحتها (مرض الإشعاع) لمعظم حياتها، وظلت دفاتر ملاحظتها نشطة نشاطاً إشعاعياً عالياً حتى بعد موت صاحبتها بسنوات.

نصف دراسات ماري كوري كواحدة من الانعطافات الكبيرة في مسار العلم. فالفيزياء بعد كوري مختلفة تماماً عن فيزياء ما قبلها وهي تركز على خبايا العالم الدون ذري المجهول. لقد حطمت ماري كوري باباً يخترق صميم الذرة، قاد بعد ذلك إلى معظم التطورات العظمى التي شهدها فيزياء القرن العشرين.

كيف جاء هذا الاكتشاف؟

في عام 1896م، قررت ماري كوري Marie Curie أن تكمل أطروحتها للدكتوراه في حقل جديد من نوعه تماماً: الإشعاع. لقد أمتعتها دراسة شيء لم يره أو يدرسه أحد من قبل. كل ما كان يعرفه العلماء آنذاك وجود وابل من إشعاع مشحون كهربائياً في الهواء حول مادة اليورانيوم، لا أكثر ولا أقل. استعملت ماري جهازاً ابتكره زوجها البروفيسور بير كوري Pierre Curie لتقصي الشحنات الكهربائية حول النماذج المعدنية، فأطلقت على هذه العملية بالنشاط الإشعاعي مستنتجة بأن هذا النشاط الإشعاعي منبعث من داخل ذرة اليورانيوم.

و نظرا لأن الزوجين لم يمتلك ما كافية للصرف على بحثها، وفي وقت رفضت فيه الجامعة تمويلها، اضطرت ماري للاستجداء في سبيل الحصول عن مكان مجاني لإجراء اختباراتها. فعثرت أخيراً على كوخ مهجور كان قد استعمله فرع الأحياء لجمع جثث وجيف الحيوانات. لقد كان المكان شديد الحرارة صيفاً، قارس البرودة شتاء، مع قلة من المناضد والمقاعد الخشبية وموقد صدئ قديم.

في عام 1898م، منحت ماري معدناً خاماً غريباً لليورانيوم يدعى بيتشبليند pitchblende، أظهرت تجاربها أنه يبعث من النشاط الإشعاعي أكثر من كمية اليورانيوم المتوقع احتواؤها. فاستنتجت ماري وجود مادة أخرى ضمن تركيب البيتشبليند تعطي الإشعاع الزائد هذا. بدأت العمل ب 3.5 أونصاً منه، مستهدفة إزالة جميع المعادن المعروفة بحيث يكون كل ما يتبقى بالنهاية هو هذا العنصر الجديد النشط إشعاعياً. فقامت بطحن المادة الخامة بمطرقة الهاون، أمررها من خلال منخل، أذابتها في الحامض، غلت السائل، رشته، قطرته ثم حللّته كهربائياً.

على مر الأشهر الستة اللاحقة، قامت ماري وزوجها بيير بفصل وفحص جميع العناصر الثمانية والسبعين المعروفة ليتحققا فيما لو كانت هذه الإشعاعات الغريبة متدفقة من أي عنصر آخر عدا اليورانيوم، فقضيا معظم وقتهما في التوسل للحصول على نماذج صغيرة من العناصر العديدة التي لم يقويا على شرائها. وبشكل غريب، كلما كانت ماري تزيل عدد أكبر من العناصر المعروفة، كلما كان المتبقي من المادة الخامة يصبح أنشط إشعاعياً من السابق.

ما كان يقتضي أسابيع لإنجازه، دام شهوراً طوالاً نظراً لظروف العمل الكئيبة لهذين الزوجين الفقيرين. وفي مارس 1901م، استسلم البيتشبلیند أخيراً وباح بجميع أسراره. لم تعثر ماري على واحد بل اثنين من العناصر المشعة الجديدة: البولونيوم (أسمته ماري تيمنا باسم بلدها الأصلي بولندا)[1] والراديوم ( سُمي كذلك لأنه كان أكثر عنصر نشط إشعاعياً يتم اكتشافه). فقد حضرت ماري نموذج صغيراً من ملح الراديوم النقي وزنه 00.0035 أونصا - أقل من وزن رقيقة بطاطس - ولكنه كان يفوق اليورانيوم نشاطاً إشعاعياً بمليون مرة!

نظرًا لعدم اكتشاف مخاطر الإشعاع حينذاك، عاني كل من ماري وبيير مشاكل صحية كثيرة: أوجاع وآلام مختلفة، تقرحات على اليدين، إعياء مزمن، نوبات مستمرة من أمراض خطرة كالالتهاب الرئوي، إلى أن لاقت ماري حتفها مقتولة بالإشعاع الذي وهبت جميع عمرها لدراسته، وذلك عام 1934مª

حقائق طريفة: شكل عدد النساء الحائزات على جائزة نوبل 34 فقط من أصل 723 جائزة منحت لحد عام 2005م. لم تحظ ماري كوري بشرف كونها أول امرأة تحصل على جائزة نوبل فقط، بل وتعد من بين أربعة أشخاص فقط حازوا عليها مرتينª.

الهوامش المرجعية:

[1] وذلك في بادرة وطنية منها تجاه بلدها المقسم آنذاك بين روسيا و بروسيا و النمسا.

ª تحفل حياة مدام كوري بنماذج أخرى من التضحية، ففي وقت لم تقدر هي وزوجها على الذهاب فيه إلى السويد لاستلام جائزة نوبل عام 1903م، فإنهما تقاسم المكافئة المادية بعد ذلك مع المحتاجين من معارفهما، و خصوصا الطلبة منهم.

ª يستمر مسلسل إحصائيات نوبل مع مدام كوري: فهي الشخص الوحيد الحائز عليه في فرعين من فروع العلم الفيزياء 1903م، الكيمياء 1911م)، و أول اثنين حازا عليه في حقلين مختلفين. حاز زوجها و ابنتها  و صهرها على النوبل جميعاً (لاقت ابنتها نفس مصيرها و من البولونيوم بالذات).