اكتشاف الكوازارات و النوابض - Quasars and Pulsars

اكتشاف الكوازارات أو ما يسمى النجوم الزائفة عام 1963

واكتشاف النوابض أو ما يسمى النجوم النابضة عام 1967م

ما هذا الاكتشاف؟

  • اكتشاف أجرام فائقة الكثافة وبعيدة في الفضاء هي الكوازارات "النجوم الزائفة" و النوابض "النجوم النابضة"

من هو مكتشف الكوازارات ؟

  • آلان ريكس سانديج Allan Rex Sandage

من هو مكتشف النوابض؟ 

 

  • أنتوني هيوش Antony Hewish وجوسيلين بيلJocelyn Bell (النوابض)

ما هي الكوازارات وما هي النوابض؟

تمثل الكوازارات والنوابض صنفاً جديداً من الأجرام في الفضاء، أو بالأحرى نوعاً جديداً من جرم هائل براق خارق للعادة. كونها ضخمة وبكثافة مفرطة وتصدر إنبعاثات راديوية وضوئية، فإن الكوازارات والنوابض قد أوسعت وغيرت نظرة العلماء إلى الفضاء ومكوناته بشكل جذري.

الكوازارات هي بعض من الأجرام الأكثر بريقاً وبعداً في الكون.

أما النوابض فتلمّح لمسلك حياة النجوم والتوقع العمري لها. قاد اكتشاف هذين الجسمين إلى فهم أكبر لحياة وممات النجوم وافتتح حقولاً جديدة للدراسة في علم الفلك والمادة الفائقة الكثافة والتجاذب والمجالات المغناطيسية الفائقة القوة.

كيف جاء هذا الاكتشاف؟

في خريف عام 1960م، لاحظ الفلكي الأمريكي آلان ریکس سانديج Allan Rex Sandage سلسلة من الأجرام المعتمة بدت وكأنها نجوم. فقام بالتدقيق فيها مستعملاً تلسكوب راديوياً ليرى فيما لو كانت تبث إشارات راديوية إضافة إلى الضوء القاتم.

المثير للدهشة أن كلاً من هذه الأجرام المعتمة أصدر إشارات راديوية قوية لم يعرف عن أي جرم آخر إصداره إياها. ربما لم تكن بنجوم في الحقيقة - أو على الأقل ليست بنجوم کالنجوم الأخرى. أطلق سانديج على هذه الأجسام الغامضة quasi -stellar  radio sourcesأو «مصادر شبه نجمية راديوية»، ثم سرعان ما إختصر عبارة ""quasi stellar إلى "quasar" «کوازار». .

درس سانديج خطوط التصوير الطيفي لهذه الأجسام الغريبة (الخطوط التي تعّين التركيبة الكيميائية لنجم بعيد). لم توائم الخطوط أية من العناصر الكيميائية المعروفة ولم يتم تعيينها إطلاقاً.

أدرك سانديج والفلكي الأمريكي الهولندي المولد مارتن شميت Maarten Schmidt أخيراً: بأن الخطوط الطيفية يمكن التعرف عليها كعناصر طبيعية وشائعة إذا ما فحصت كخطوط طيفية تحدث بشكل اعتيادي ضمن المدى الفوق البنفسجي وتمت إزاحتها بإنزياح أحمر ضخم (إنزياح دوبلر) ليقع ضمن المدى المرئي. (إنزياحات دوبلر هي تغيرات في تردد الضوء أو الصوت جراء حركة الجسم)

في الوقت الذي فك فيه هذا التفسير لغزاًً واحداًً، فإنه قدم آخر. ما الذي أمكنه أن يسبب هكذا إنزياح عملاق حسب مبدأ دوبلر؟

 قرر الإثنان عام 1963م بأن الجواب الوحيد الجدير بالتصديق هو المتعلق بالبعد، فلا بد أن الكوازارات على بعد بليون سنة ضوئية - الأجسام الأكثر بعداً قياساً بأي جسم آخر تم تقصيه!

الآن، هنالك مسألة أخرى تطرح نفسها: الضوء المعتم للنجوم الزائفة كان براقاً جداً بالنسبة لنجم واحد على ذلك البعد الشاسع - فهو يفوق بريق كامل المجرات بحوالي ألف مرة. إفترض سانديج وشميت بأن كل كوازار لا بد أن يكون مجرة بعيدة في حقيقة أمره. على أية حال، كانت الإشارات الراديوية المقاسة شاسعة التفاوت والتنوع (بمرتبة الأيام والساعات) لتكون مجرة من نجوم منفصلة. لقد أشار ذلك إلى كتلة متراصة وليست مجرة.

بقيت الكوازارات لغزاًً مربكاًً حتى عام 1967م حيث افترضت بأنها كانت المادة التي تحيط بالثقوب السوداء الهائلة، فتحولت في الحال إلى الأجسام الأهم والأكثر لفتا للإهتمام في الفضاء البعيد.

في ذات العام (تموز/يوليو 1967م)، أكمل بروفيسور علم الفلك بجامعة كامبردج أنتوني هیوش Antony Hewish تشييد ميدان بمساحة 4.5هکتار مخصص لوضع هوائي راديوي بهدف تقصي إنبعاثات الترددات الراديوية من أقصى زوايا الفضاء. كانت هذه المتاهة العملاقة من السلك لتصبح مستقبل التردد الراديوي الأكثر حساسية على وجه الأرض.

طبع التلسكوب الراديوي ما يساوي المائة قدم من الورق التخطيطي كل يوم. كانت مساعدة هيوش وطالبته في الدراسات العليا جوسيلين بيل Jocelyn Bell مسؤولة عن تحليل هذه الورقة التخطيطية، فكانت تقارن الخطوط المتعرجة المرسومة على الورقة بموقع أجسام فضائية معروفة ومن ثم تقارن الإنبعاثات الكهرومغناطيسية المعروفة لهذه الأجسام مع تعرجات وبروزات المخطط، وذلك بغرض الحساب لكل علامة مرسومة على المخطط المذكور.

بعد شهرين من بدء العمل بالتلسكوب، لاحظت بیل نمطاً غير اعتيادياً محكم التكتل من الخطوط وصفته ب«خصلة من القفا»- كان عبارة عن نمط متعرج مخربش لم تقدر على تفسيره، فأشرت عليه بعلامة إستفهام وانتقلت إلى أجزاء أخرى.

بعدها بأربعة ليال، رأت بيل النمط ذاته - بل تكرر ذات المشهد بعد شهر أيضاًً، فأدركت بأن الهوائي كان مرگزة على نفس الشريحة الصغيرة من السماء. منحت بيل وقتاً إضافياً تقوم فيه بتمديد وقياس هذه التعرجات. أياً كانت تلك الإشارة الراديوية، فإنها ترددت بنبضات منتظمة كل دقيقة وثلث، في حين لم يعرف عن أي جسم طبيعي آخر في الكون بثه لإشارات منتظمة كهذه.

قبل أن يصرّح هيوش بإكتشافهما علناًً، عثرت بيل على «خصلة من القفا» جديدة علی مطبوعات المخططات من جزء مختلف من السماء. كانت نبضات هذه الإشارة الثانية تأتي كل 1.2 ثانية وعلى نفس التردد المضبوط تقريباً.

جيء بكل باحث نظري في كامبردج ليفسر «خصلة قفا» جوسيلين، وبعد شهور من الدراسة والحساب استنتج الفريق العلمي بأن بيل قد إكتشفت نجوماً دوارة خارقة الكثافةª. توصل الفلكيون إلى نظرية رياضية مؤداها أنه عندما ينصّب معين نجم ضخم ما من الوقود النووي، فإن كل مادة تنكمش نحو الداخل، مما يؤدي إلى حدوث إنفجار عملاق، يُدعى السوبرنوفا.

ما تبقى يصبح أكثر كثافة من المادة الاعتيادية بمائة مليون مرةª- نجم نیوتروي. لو تحرك النجم، فإن مجاليه الكهربائي والمغناطيسي سيبثان حزمة من الموجات الراديوية القوية.

بالنسبة لمراقب على كوكب الأرض، فإن نجماً نيوترونياً دواراً سيبدو وكأنه في حالة نابضة، ومن هنا جاءت تسميها ب «النوابض»ª.

الكوازارات هي أبعد الأجسام في الكون على الإطلاق.

حقائق طريفة: كلما كان الكوازار أبعد، كلما بدا الضوء الصادر عنه أكثر أحمراراً على الأرض. يستغرق الضوء المنبعث من الكوازار الأبعد 13 بليون سنة ضوئية للوصول للأرض. ثلاثة عشر بليون سنة ضوئية هي المسافة التي كان النجم الزائف يبعدها عنا قبل 13 بليون سنة عندما إنبثق الضوء الذي نراه الآن أول إنبثاق من النجم منطلقاً نحو ما يقع عليه الأرض الآن.     

الهوامش المرجعيّة:

ª مهما يكن من أمر، حرمت جوسيلين من جائزة نوبل عام 1974م، بينما نالها هيوش ليكون أول فلكي ينال جائزة نوبل في الفيزياء.

ª يمكن ل 260 مليون نجم نابض أن يشغل نفس الحيز الذي تشغله الكرة الأرضية، لكن رغم ذلك،فإن مجال جاذبية النجوم النابضة يمكن أن يبلغ بليون مرة قدر مجال جاذبية الأرض. كما أن كرة من المادة النيوترونية بحجم كرة القدم يبلغ وزنها خمسين ألف بليون طن و بالتالي لو سقطت على الأرض فإنها ستترك ثقبا فيه بقدر حجمها.

ª تحاكي هذه النجوم ضوء المنارة أو المصباح الذي يعلو الإسعاف، إذ تمسح الفضاء بالضوء الصادر عنها لدى دوراها، فنتمكن من التقاطه عندما يأتي باتجاه الأرض فقط. هذا ما يعطي للنجم صفته النابضة.