اكتشاف سرعة الضوء - Speed of Light

سنة الاكتشاف: تم اكتشاف سرعة الضوء عام 1928م

ما هو هذا الاكتشاف؟

  • السرعة التي ينتقل بها الضوء ثابت عالمي (عام)

من هو مكتشف سرعة الضوء؟

  • ألبرت ميكلسون Albert Michelson

أهمية اكتشاف سرعة الضوء تاريخياً؟

بأواخر القرن التاسع عشر، كان اكتشاف سرعة الحقيقية للضوء يحظى بالقليل من الأهمية نظراً لتفرد الفلكيين باستعمال هذا الرقم (تقاس المسافات عبر الفضاء بالسنوات الضوئية light - years أو - المسافة التي يقطعها الضوء في مدة سنة واحدة). وطالما كانت قياساتهم مجرد مقاربات بأية طريقة أخذت، فقد قبلوا الخطأ بنسبة 5% (أو حتى 10%) من قيمة سرعة الضوء.

جاء بعدها ألبرت آينشتاين ليقدم معادلته الطاقية المادية الشهيرة، طا = ك س2، التي رفعت من أسهم سرعة الضوء (س) في الحال باعتبارها ضرورية في عدد ضخم من الحسابات- وقفز اکتشاف قيمتها الحقيقية إلى قمة الأولويات. أصبحت سرعة الضوء إحدى أهم قيمتين ثابتتين في الفيزياء برمتهª، واستعظم الخطأ فيها بنسبة 1% (أو حتى0.1 %)، فأصبح غير مقبول فجأة في حسابات الفيزياء.

لكن كانت هنالك عقبات جمة في طريق اكتشاف السرعة الحقيقية للضوء- سرعة أكبر من أن تقيسها أية ساعة كانت أو يتقصاها أي جهاز كان. ابتكر ألبرت میکلسون بضع أجهزة دقة جديدة و كان بعد خمسين عاماً من المحاولات المتكررة، أول إنسان يقيس سرعة الضوء بدقة وإحكام. منح هذا الاكتشاف صاحبه أول جائزة نوبل تُعطى لفيزيائي أمريكيª.

كيف جاء اكتشاف سرعة الضوء؟

كان هذا مثالاً لإكتشاف يعتمد على إبتكار تكنولوجيا ومعدات جديدة- تماماً کاعتماد غاليليو على ابتكار التلسكوب في اكتشافه لأقمار الكواكب الأخرى.

في عام 1928م، كان العجوز ألبرت میکلسون Albert Michelson  (74عاماً) يكافح للقيام بأخر محاولة لقياس سرعة الضوء واكتشاف القيمة الحقيقة ل(س) في معادلة آینشتاين الشهيرة. كان قد سبق له أن صمم وموّل وأنجز العديد من المحاولات على مر خمسين عاماً فائتاً.

أما هذه المرة، فقد عقد میکلسون عزمه على قياس سرعة الضوء بخطا لا يتعدى 0.001 %. تلك القيمة ستكون من الدقة ما يوافيها بأغراض الحسابات الهامة للفيزياء النووية.

قبلها بأربع سنوات، استعان میکلسون بصانع الجيروسكوبª المشهور، إيلمر سبيري Elmer Sperry، ليطور على المعدات المتوفرة لقياساته.

والآن في عام 1928م، كانت ثالث و آخر دفعة من التطويرات قد أُجريت على المعدات، ممثلة بإسطوانة ذات ثمانية أضلع تم تحميلها تواً في صندوق شحن محشو جيداً، ليصعد بها على الطريق الترابي الوعر المؤدي إلى قمة جبل بالدي بكاليفورنيا- مكان إختبارات میکلسون.

لم تكن التجربة التي عمل ميكلسون على تصميمها بالمعقدة. إذ أنار ضوء على هذه الإسطوانة الصغيرة المزودة بمرآة، بينما تدور بسرعة عالية بفعل محرك (إخترعه سبيري أيضاً) بمقدوره الحفاظ على سرعة مضبوطة للدوران.

في نقطة ما عند إستدارتها، كانت المرآة ستصطف تماماً لعكس هذه الحزمة الضوئية بإتجاه مرآة مقوسة ساكنة بأخر الغرفة. على أية حال، كانت المرآة الدائرة ستعكس الضوء على المرآة الساكنة لجزء صغير جداً من الثانية قبل أن تواكب دورانها بعيداً عن هذه نقطة.

و هكذا حصلت هذه المرآة المعلقة بالحائط الخلفي للغرفة على نبضات قصيرة من الضوء من كل وجه من أوجه المرآة الدائرة. انعكست كل نبضة من خلال عدسة تركيزية، لتخرج عبر فتحة في الجدار وتنطلق لمسافة 22 ميلاً إلى جبل سان أنطونيو.

هناك، ارتدت بعد ارتطامها بمرآة، لتعبر من خلال عدسة تركيزية ثانية فتعود مباشرة إلى جبل بالدي. هنا، وقعت نبضة الضوء على مرآة الجدار الخلفي من جديد، وأخيراً انعكست راجعة إلى الاسطوانة الدائرة.

رغم أن كل نبضة من الضوء كملت رحلة الأربعة والأربعين من هذه بأقل من 4000 / 1 من الثانية، إلا أن الاسطوانة كانت تدور بعض الدوران في وقت رجوع کل نبضة ضوئية من جبل سان أنطونيو، فانعكس الضوء الراجع عن المرآة الدائرة وارتطم ببقعة من جدار الكوخ. وبقياس الزاوية من الاسطوانة لهذه البقعة، تمكن ميكلسون من تحديد المسافة التي دارت بها الاسطوانة في الوقت الذي أكملت فيه نبضة الضوء رحلتها، والذي مکن میکلسون بدوره من تحديد السرعة التي انتقل بها الضوء.

بينما يبدو كل شيء بسيطاًً في هذه التجربة، إلا أنها عنت أعوام من العمل لتحسين المعدات الضرورية لإجرائها. فقد صنع سبيري ضوء أفضل يستطيع الانتقال 44 ميلاً، كما صنع محرك دفع أكثر دقة بحيث يعلم میکلسون بالضبط السرعة التي كانت الإسطوانة الصغيرة تدور بها في كل مرة.

صمم سبيري عدسات تركيزية ملساء أكثر، وكذلك اسطوانة أفضل مزودة بمرآة أحسن- بحيث لا تتمايل أو تشوه جوانبها المرآتية بفعل القوى الهائلة للدوران عالي السرعة.

بمجرد تشغيل ميكلسون للمحرك والضوء، إنطلق السيل الضوئي خارجاً إلى جبل سان أنطونيو ومن ثم رجع، إرتطم بالإسطوانة الدائرة وسقط على الجدار البعيد- كل هذا بأسرع من تدارك البصر.

من سرعة دوران الاسطوانة وموقع تلك الإشارة على الحائط، حسب میکلسون سرعة الضوء لتكون 186284 ميلاً للثانية- مخالفاً التقدير الحديث ب 2 میل/سا فقط، وهو خطأ أقل من 0.001 %. ª

بفضل هذا الاكتشاف، تمكن العلماء في حقول الفيزياء والفيزياء النووية وفيزياء الطاقة العالية من الإستمرار بحسابات أدت إلى الطاقة والأسلحة النووية.

حقائق طريفة: منتقلة بسرعة الضوء، تستطيع سفينتك السفر من نيويورك إلى لوس أنجلوسª  70 مرة بأقل من ثانية واحدة، أو يمكنك الاستفادة من هذه الثانية الواحدة لتقوم بسبع رحلات ونصف حول الأرض بمستوى خط الاستواء.

الهوامش المرجعيّة

ª لعل الآخر هو ثابت الجذب العام لنيوتن أو ثابت بلانك.

ª على أية حال، حصل میکلسون على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1907م، أي على سابق محاولاته واكتشافاته في مجال البصريات (خصوصا تجربة ميكلسون-مورلي الشهيرة، التي دحضت مفهوم الأثير) .

ª الجيروسكوب gyroscope هو جهاز لقياس الاتجاه أو الحفاظ عليه، طبقاً لمبادئ الزخم الزاوي.

ª تبلغ سرعة الضوء في الفراغ حسب التقدير الحالي 299792458 م/ثا بالضبط، أي حوالي 300000 كم/ثا كأقرب تقدير.

ª حوالي 2451 میل (3944كم). وهي ذات المسافة بين بغداد و جزائر العاصمة، أو بيروت والرباط تقريبا.